هل ذلك اعتراف بالفشل؟!
عندما تنشأ أي ظاهرة اجتماعية سلبية وتتحول إلى مشكلة يكثر الحديث عنها وتظهر أثارها وأضرارها على المجتمع . عندها تبدأ السلطات بسن الأنظمة والقوانين لمعالجة أسباب تلك المشكلة وتسند إلى أجهزتها التنفيذية تطبيق هذه الأنظمة والتشريعات لضمان حماية المجتمع والحفاظ على مكتسباته وحفظ الحقوق. وهذا ما انطبق على ظاهرة الفساد الإداري والمالي التي ظهرت كمشكلة في بعض أجهزة الدولة وخاصة تلك التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمشاريع الدولة , وقد ترتب على ذلك صدور أمر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بإنشاء هيئة مكافحة الفساد (نزاهه) وقد تكون المملكة الدولة الوحيدة التي تعترف رسمياً بوجود الفساد في أجهزتها وخير عملت لأن الاعتراف بوجود المشكلة هو جزء من حلها ومعالجة أسبابها!؟
وحينها استبشر الجميع خيراً بصدور الأمر السامي الكريم وخاصة أنه خول لها الصلاحيات كاملة لمناقشة ومحاسبة أي جهة أول مسؤول في الدولة متى استدعت المصلحة ذلك وباشرت الهيئة عملها قبل حوالي عامين من الآن.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر منها إماطة اللثام عن وجه الفساد والفاسدين وتعريتهم والقضاء على تعثر المشاريع الخدمية التي تعاني منها جميع المدن دون أستثنى والقضاء على هدر المال العام التي تثبت أرقام ميزانيات الدولة المعتمدة سنوياً ضخامته بينما لا يلمس ذلك على ارض الواقع . إذا بنا نفاجأ بتصريح معالي رئيس الهيئة الموقرة للصحف المحلية قبل أيام. بأن الهيئة لم تلق أي تعاون أو تجاوب من بعض الوزراء أو المسؤولين الذين وجهت لهم خطابات تتضمن ملاحظات ومخالفات تعتقد الهيئة أنها ناتجة عن فساد وان ذلك الوزير أو المسؤول يقوم بإحالة تلك الملاحظات و الاستفسارات إلى الجهة محل المخالفة او الملاحظة ويطلب الإفادة عن سبب تلك المخالفات أو الملاحظات وأن الهيئة لا تتلقى رد من تلك الجهة , أو تماطل في الردود عليها !؟
ومن الواضح أن آلية عمل الهيئة التي أشار إليها معا ليه لن تكون مجدية إذ أن ذلك المسؤول أو تلك الجهة لن تدين نفسها بل سوف تجد من المبررات والأعذار وتغيير الحقائق بما يحميها ويجعلها تستر على فسادها أو تفلت من المحاسبة .
فليس من المنطق أو المعقول أن تعترف جهة أو مسؤول بالفساد بمجرد استلام خطاب هيئة مكافحة الفساد ألاستجدائي !؟
وحين ندرك أن مشكلة الفساد التي تفشت في مشاريع الدولة وبعض الأجهزة الحكومية يقف ورائها مافيا توارثت الفساد ولها من الحيل والأساليب ما يوفر الحماية لأعضائها ويضمن لها الاستمرار في فسادها .وقد تمتد راسياً حتى تصل قمة هرم تلك الجهة , ويكون من الصعب على الجهات الرقابية الوصول إليها وكشف فسادها , والشيء المؤكد أن هناك فساد وفاسدون وقد كشفت عورتهم حادثة سيول جدة وتعثر المشاريع ورداءة تنفيذها وجودتها , وهذا دليل على أن الفساد كان ولازال مشكلة تعاني منها مشاريع الدولة وله انعكاسات سلبية على مستقبل الوطن والأمة طا لما أنه لم يضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين وحماية المشاريع والمال العام من فسادهم . ثم انه قد يكون من العوامل المساعدة للقضاء على الفساد هو سن قانون ( من أين لك هذا) لمحاسبة أؤلئك المسؤولين الذين تظهر عليهم علامات الثراء بما يملكون من أرصدة في البنوك أو شركات بمجرد تركهم الخدمة!؟
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن , هل ما جاء في تصريح معالي رئيس الهيئة هو بمثابة اعتراف بالفشل لعدم قدرة الهيئة على القيام بما اونيط بها من مهام ثم ما هو الفرق بين هيئة مكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق من حيث المهام والصلاحيات والاختصاص؟!
سننتظر لعل في قادم الأيام يكون الجواب الشافي وكل عام وأنتم جميع بألف خير!؟
تعليق