• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(رجسة الخراب)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (رجسة الخراب)

    (رجسة الخراب) مصطلح كتابي مهم جداً، وهو واضح؛ لكن القوم كالعادة أحاطوه بهالة من الغموض في لفظه وفي تأويله. وهذا التركيب بصيغة المضاف والمضاف إليه له مترادفات أخرى مثل: "وحشة الخراب"، و"شناعة - أو شنيعة - الخراب"، وله ترجمات بالمعنى مثل: "معصية الخراب"، و"المعصية المدمرة" أو "الخطيئة المدمرة"... وجاء بمعنى أوضح وهو "المملكة الخاطئة"!! أما بيـتـز فقد حقق أنها: "المُخَرِّب الشنيع" ويمكن ترجمتها بـ "المخرِّب النجس أو الرجس" ولعل الأصح في الترجمة والأوفق لكلمات الله أن تسمى (المفسد الرجس) أو (الرجس المفسد). فلنقرأ ما قال سفر دانيال عنها، فهو الذي جعل لها هذه الأهمية الكبرى في التاريخ. ونبدأ ببيان أنه بعد أن أوَّل المَلَك (من الملائكة) لدانيال رؤيا الحيوانات الأربعة - السابق ذكرها - ختم بخاتمة حاسمة فقال: "والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي ملكوته ملكوت أبدي، وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون. إلى هنا نهاية الأمر'. ولكن دانيال فزع كثيراً ولا يزال في حاجة إلى معرفة أكثر، وكأنما رأى أن رؤيا التمثال عامةٌ وتتعلق برائيها "المَلِك"، ورؤيا الحيوانات الأربعة تُهِمّه هو. فأراد تفسيراً أوضح لما يجري في قريب الزمان وفي نهايته، وهما الطرفان المهمان عادة لكل إنسان. أما المستقبل القريب فكل إنسان يتطلع إلى معرفة مصير هؤلاء البشر، وهذه الأحداث التي يعيش بينها ولا يكاد أحد - جاهلاً أو عالماً - يخلو من هذا، وأما المستقبل البعيد فالنهاية دائماً موضع تساؤل واهتمام: نهاية العالم كله، ونهاية الأمة التي ينتمي إليها نهاية أهل الإيمان وأهل الكفران؛ لاسيما لمن كان نبياً أو من أتباع الأنبياء. وهكذا كانت الرؤيا الثالثة: - 'رأيت وإذا بكبش واقف عند النهر، وله قرنان، والقرنان عاليان، والواحد أعلى من الآخر، والأعلى طالع أخيراً، ورأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً، فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده... وإذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض، وللتيس قرن معتبرٌ بين عينيه وجاء إلى الكبش صاحب القرنين.. فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه، فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه.. فتعظم تيس المعز جداً، ولما اعتـز انكسر القرن العظيم وطلع عوضاً عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع، ومن واحدٍ منها خرج قرن صغير وعظم جداً نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي، وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضاً من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم، وحتى إلى رئيس الجند تعظم، وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن (بيت) مَقْدِسِه وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح'. قال دانيال: 'فسمعت قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوس واحد لفلانٍ المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء. فيتبرأ القدس ' . وفي الطبعة الكاثوليكية : 'إلى ألفين وثلاث مئة مساء وصباح ثم تُرد إلى القدس حقوقه'. وهكذا طلب دانيال من المَلَك أن يعبر الرؤيا، فخاطبه قائلاً: 'يا ابن آدم إن الرؤيا لوقت المنتهى... هأنذا أعرفك ما يكون في آخر السخط؛ لأن الرؤيا لميعاد الانتهاء، أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس، والتيس العافي مُلْك اليونان ، والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول، وإذا انكسر وقام أربعة عوضاً عنه، فستقوم أربع ممالك من الأمة ليس في قوته،[18] وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته، يهلك عجباً وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين، وبحذاقته ينجح -أيضاً- المكر في يده، ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر، فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق، أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيامٍ كثيرة'. ولكن الشوق إلى المعرفة يزداد؛ لاسيما ودانيال يعيش زمن أحداث كبرى بين إمبراطوريتي بابل وفارس ، ويهمه جداً مصير شعبه البائس المسبي، ويهمه شأن القدس ومن يسيطر عليها، فأخذ يتضرع ويبكي ويصلي؛ حتى أراه الله رؤيا أكثر دقة من جهة الزمن والعدد، ولكن تعبيرها مشكل جداً ولا نشك أن القوم حرفوها، وأحالوا وضوحها ودقتها غموضاً. إنها رؤيا "الأسابيع" المشهورة، وفيها يقول الملَك له: 'سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القديسين، فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً... إلى أن يقول: وشعب رئيس آتٍ يخرب المدينة والقدس ، وانتهاؤه بغمارة (طوفان) وإلى النهاية حرب وخِرَبٌ قضى بها، ويثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطِّل الذبيحة والتقدمة، وعلى جناح الأرجاس مُخَرِّب حتى يتم ويصب القضاء على المخرَّب'. وفي الطبعة الكاثوليكية : 'ويأتي شعب رئيس فيدمروا المدينة والقدس وبالطوفان تكون نهايتها، وإلى النهاية يكون ما قضى من القتال والتخريب، وفي أسبوع واحد يقطع عهداً مع كثيرين عهداً ثابتاً وفي نصف الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة، وفي جناح الهيكل تكون شناعة الخراب إلى أن ينصب الإقناء المقضي على المخرب'. إن هذا الغموض يجعلنا نجزم بوقوع التحريف، وإن كان بعض الباحثين بذلوا جهوداً حسنة لتفسير هذه النبوءة لتطابق مولد المسيح أو بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعلى أي حال عرف دانيال التسلسل الزمني للأحداث ولكن كيف تقع؟ لا يزال الإنسان في شوق شديد إلى المعرفة، والرب كريم يعطي كل مرة. يعود دانيال إلى الصلاة والضراعة فيأتيه الملك قائلاً: 'جئت لأفهمك ما يصيب شعبك في الأيام الأخيرة لأن الرؤيا إلى أيامٍ بعد'. هنا نلحظ تكرار التنبيه إلى تأخر زمان وقوع التأويل بهذه العبارة وما في معناها حتى لا يخطئ دانيال. فقد كان دانيال يريد المستقبل القريب، والرؤيا تحدد الأهم وهو النهايات البعيدة، والمَلَك يوصي دانيال ألا ينسى هذا فيظن أن هذا في القريب، وهو مع ذلك يخبره بما سيقع مـن حروب بين ملوك فارس واليونان ، وملك الشمال وملك الجنوب يهمنا منه قوله: 'وتقوم منه -أي من ملك الشمال - أذرع وتنجِّس المقدس الحصين وتنـزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخرِّب' (11: 21). وهو يشير إلى حكومة وثنية تتسلط على بيت المقدس وتقيم فيه عبادتها، فاختلف أهل الكتاب ما هي، وهذا لا يهمنا؛ بل المهم هو أن هذا يوضح ماهية الرجس المخرب الآخر - الذي سيأتي بعد - ويقيمه الوحش أو القرن الصغير في الأرض نفسها وأنه دولة، فالاسم واحد لكن المذكور هنا وثني، أما الآخر فقد سبق بيان أنه إسرائيلي!! ويختم الحديث عن تلك الأحداث بقيام الساعة وبعث الأموات ويوصي دانيال قائلاً: 'أما أنت يا دانيال، فأخفِ الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية'. ولكن الملكين يخاطب أحدهما الآخر ليسمع دانيال ويفهم قائلاً: 'إذا تم تفريق الشعب المقدس تتم هذه'. وعندها يقول دانيال: 'وأنا سمعت وما فهمت، فقلت: يا سيدي! ما هي آخر هذه؟ فقال: اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية... من وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرِّب (وفي ترجمة أخرى: شناعة الخراب) ألف ومائتان وتسعون يوماً، طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً، أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح...'. وانتهى السفر واستراح دانيال ولاسيما وقد اطمأن إلى أن القدس ستعود لـه حقوقه بعد 45 سنة!! ولكن أهل الكتاب لم يستريحوا ولن يستريحوا بشأن هذه الأحداث، إلا مَن ترك التعصب وفتح عينيه على الحقائق، لقد تعبوا وأتعبوا العالم وأتعبونا.. إن ما تقدم هو عرض موجز لأهم النبوءات في الكتاب المقدس كله -نبوءات دانيال- ومنه نلحظ أموراً كثيرة، منها: - 1 - زيادة توكيد لما سبق من الحديث عن القرن الصغير فهو ماكر محتال زنديق لا يقوم بقوته بل بالاعتماد على غيره، وعدوه هم شعب القديسين أتباع خاتم الأنبياء، فهو يتعالى عليهم ويسقط رئيس رؤسائهم ( الخليفة ) بلا جيش، وأخبث أعماله أنه يدوس القدس ويهينها بجنده، ويبطل الصلاة،[19] ويهدم بيت الله فيها، ويقيم فيها دولته الموصوفة بـ(الرجس المخرِّب). 2 - هذا القرن الصغير يفعل ذلك في أيام سلطان المملكة الأخيرة - مملكة القديسين - لا في أيام فارس والروم.. وقيام دولة الرجس لا يدل على انقضاء تلك المملكة الأبدية، وهذا ما أكده السفر مراراً، وإنما هو حدث عارض محدود المدة والمكان، فهو ليس من جنس ما في رؤيا التمثال حيث تسقط مملكة وتقوم أخرى مكانها، ولا من جنس ما في رؤيا الحيوانات الأربعة حيث يتغلب واحد ضخم هائل على الأخرى. لا، لاشيء من ذلك، فهذا قرن صغير، ومجال سيطرته محدود، لكن مكره كبير ودهاؤه عظيم ووراءه قوة عظمى تمده، ويصادف ذلك حالة ضيق شديدة [أشار إليها دانيال (12: 1)] وضعف شديد لدى شعب القديسين، لكن الضيقة تـزول والقديسون ينتصرون من جديد، ويفرحون بيوم زوال رجسة الخراب وتطهير القدس منها. إن هذا القرن الصغير الخبيث المفسد يهدم ويقيم، يهدم بيت قدس الله ويقيم الرجسة مكانه، ومن هـنا قال بعض شراح أهل الكتاب: إن الرجسة هي صنم يقوم في الهيكل، وبالأصح هيكل يقام في المسجد وليس هذا الخلاف في معنى الرجسة مؤثراً؛ لأنه لا يقام بناءٌ أجنبيٌّ عدوٌ في معبد أمة ما إلا بجند وسلطة، فالرجس مدلوله عام وخاص، العام: قيام الدولة الرجسة نفسها، والخاص: بناؤها للصنم أو الرجس الذي تتعبد لـه أو فيه!! كما أن إزالة الصنم من بيت الله لا تكون إلا بجند وسلطة. هكذا فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فتح مكة ، وهكذا سيفعل أتباعه إذا دخلوا المسجد ووجدوا فيه بناءً رجساً لدولة الرجس!! (وربما لا يكون الرجس الذي فيه إلا علم الدولة الصهيونية )، يتبع
يعمل...
X