نحن سعداء بفتح هذه النافذة ليطّلع من خلالها مرتادو منتديات بلاد بلقرن على بعض ما لدينا من الأعمال في الشعر وغيره
-على قدر المستطاع. شكرًا للقائمين على هذا الموقع وشكرًا للمحتفين، ولعلنا أن نقدّم لهم ما يفيد وينفع، بإذن الله.
ويطيب لي هنا أن أبدأ بقصيدة جاءت تعليقًا على محاضرة قيمة لفضيلة الدكتور عائض القرني حول كتابه "قصائد قتلت أصحابها"...
فكلّ ما تذكرت حادثة قتل الشاعر أحمد بن الحسين (المتنبي) غضبت وأسفت لما نحن فيه من عبث يشبه يومه أمسه.

[align=center] شــعراءٌ قُتلوا: المتنبي مثالاً [/align]


[poem=font="Simplified Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/7.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قتلـوهم لأنهـم أحـيـاءُ = ولأن الحيـاة قـفرٌ عـفـاء
وتولـوا بنعـرةٍ وشـــتاتٍ = فـهـم الأقويـاء والأغبيـاء
إنَّما الأمـة البيـان فـقـل لي = كيف تحيـا عـوالمٌ خـرساء
كيف تأتي على اللسان بغدرٍ = عربيٍ تضـجُ منه السـماء
ثم تبـغي الفـلاح أي فـلاحٍ = ضكَّ جُـرمًا وأخضلته الدماء
اندثرنا فكل صفٍ بســيفٍ = يطـعن الآخرين وهو خـَواء
ما خلبنا إلا "رماحٌ عــوالٍ" = و"سـهام" و"طعـنةٌ نجـلاء"
في صدور الأعداء لا لا وربي = في صدور الذين هـم أصدقاء
زاحمتنا الظنونُ من كلٍ فجٍ = وتـناءت بـسهـمـنا الأنواء
وبقينا ندكُّ شـعـبًا بشـعـبٍ = وتلاشــت في قفرنا الأشلاء
وسمعنا دواعي الشرِّ فينا = وتلـهـَّت بنهـبـنا الأهــواء
ونرى أننا على أمم الأرض = وأن الذي ســوانـا هَـبـاء
فـانقلـبـنا بـذلةٍ وهـوانٍ = وازدرتنا الأصحـاب والأعداء
وجنينا الذي صنعـناه مـنذ = هبَّ داعي الرَّدى فقيل الأباء
فسُحقـنا ونحن ننظر شزرًا = لأخـينا فكيف هـذا الإخــاء
البرايــا تعـارفـت فتـدانت = وكأنا مـن بعـضنـا غـرباء
فـلها الانـشـراح في البـر = والبحر ونحن نحـيبُنا والبكاء
أكلتنا النيرانُ نيـرانُ خصمٍ = قـوتها الفيـزياء والكيـمـياء
ورضينا بـها جميعًا ولكن = أرهــقـتنا قـصيدة عصماء
فغضبنا وقـام قتـلٌ ومحقٌ = وتعرَّت فـيحـاءُنا الخـضراء
الموازين والمكاييل طاشت = فـتغالـت غـوائـلٌ عـمياء

يا ربيبَ البيانِ يا صاحبَ التبـ = ــيان للشـعر عزةٌ قعـساء
سِلتَ هل تسـتوي لسانٌ مَضاءٌ = ولـســانٌ في فكّـِها بكمـاء
إن تساوت صحيحةٌ تقطعُ الأرضَ= وأخـرى مـريضةٌ عـرجاءُ

غير أنا لا نقـبل الظـلم شـرعًا = في حمانا أو أن يقل الحـيـاء
وخـرابٌ حـياتـنا أن رضـينا = أن يـُسـب الإلهُ والأنـبـياء
أو يُسـب الإسـلام دين النبيين= جمـيعًا والشـرعـة السمحاء
فعلى من يرضاه مقـتٌ وسـخطٌ = وهـلاكٌ ولـعـنـةٌ لـعنـاء
كلُّ داعٍ يــضـلُّ أو يـتعامى = أو يـغـالي فنحن مـنه بـراء
إنما الداء مـا يثـير ذوو الحسد = وتـُثـري المـواقف الحـمقاء
قد يكون المقـتول أهـون جرمًا = مـن طليـقٍ تحـفه الكبريـاء
ويكون المنثور في الشَّـر أعتى = مـن قوافٍ يطيب معها الحداء
غيـر أن الدِّماء تصبح هـدرًا = لو طغى حاكمٌ وطاش القـضاء

إيه يا ابن الحسين لو عشت عشرًا = لسـرت في الدفاتـر الأضواء
ونفحـت التاريخ بالواقـع المـرِ = وبعـثـرتَ ما يقـولُ الغـثاء
وذكرتَ الملوكَ والهمَّ والسَّعـد َ = وبـاهى بـصوتـك الأمـراء
أنت كُبلت بالذي يحـسب الشــ= ــعر نشـيدًا ينساب منه الغـناء
لو رأيت الإنصافَ ما زاغت الأوصافُ= واشـتد في الهجـير الهجاء
أو رأيت الإعراضَ ما كانت الأعـراضُ =تـُفرى والمعـول الدهماء
غـير أن الخداعَ وجهٌ مـَشـينٌ = والمداجاةَ خـِطـةٌ شـوهـاء
أُتخمت مصرُ بالذي كال كافـورُ = وثارت من كـربـها كربـلاء
فابــق رمـزًا لكل مـن عضـّه = الدهـر بنابٍ يخر منـه البناء

إيه يا ابن الحسـيـن هذي بـلادٌ = تتـنامى في خـبتها البغضاء
في بـلاط المـلوك ما سـدَّ مـا = تلـقاه عـمَّا تثيـره اللخـناء
والهموم الصِّغـار لو تملأ الأرضَ = تهـاوت مـن هولها الصـمَّاء
أنت لم تلق من عـذاب سـوى ما = قـد تلـقى الأجـداد والآبـاء
وكأني بمن يـقـول اقـبـل الموت= ليصـطفَ بـعـدَك البُلغـاء
وإذا زاد بُعدنا عـن هـدى الحـقِّ = تـزيـد الأعـذار والأدواء
فهـنا غِلظةٌ يذوب لهـا الصِـفـر = وثـمَّ ابـتـسـامة صـفراء
ما لنا أن نـقـول في الأرض إلاَّ = حسـبنا الله أيـها الشـعراء [/poem]

[align=center]أ. د. ظافر بن علي القرني

أستاذ هندسة علوم المساحة
جامعة الملك سعود الرياض[/align]

[align=center]www.dr-algarni.net [/align]

نشرت هذه القصيدة ضمن ديوان: "ثمار الإنهاك"؛ الديوان الثالث للشاعر.