• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هذه هي الصابرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هذه هي الصابرة


    الكﻼ‌م عن الصبر يطيب ، كيف ﻻ‌ وهو يبين لنا من خﻼ‌له معادن الناسِ ، وقوة إيمانهم ، وصبرهم ورضاهم بما قسمه الله وقدره .
    ولمــــــــا رأيتُ الدهر يؤذن صرفه *** بتفريق ما بينــــــــــي وبين الحبائب

    رجــــــــعتُ إلى نفسي فوطـنتها على*** ركوبِ جمـــيل الصبر عند النوائب

    ومن صحـــــــب الدنيا على سوء فعلها*** فأيامه محـــــــفوفة بالمصائب
    فـخذ خلســــــةً من كل يوم تعيشه *** وكن حذراً من كامـــــنات العواقب
    والله لو نطق الصبر لقال : هذه هي الصابرة ... لطالما وصفت المرأة بالجزع والهلع ، لكن مع اﻹ‌يمان ينتقل ذلك إلى صبرٍ ورضا ، امرأتنا هذه ، لها مع الصبرِ شأن عجيب ، تقول إحدى اﻷ‌خوات في رسالتها : هي قصة ﻻ‌مرأة وقفت على فصولها ، هذه المرأة تزوجت ، وانتظرت أكثر من عشرين عاماً ، تنتظر على إثر ذلك ريحانةً لقلبها ، تنتظر مولوداً يشنف سمعها بلفظ اﻷ‌مومة ، ولكن ، لم يقدر الله تعالى لها من ذلك الزوج أوﻻ‌داً ، طلبت اﻻ‌نفصال عن هذا الزوج ، ، مع حبها الشديد له ، لكن عاطفة اﻷ‌مومة لديها سيالة ، انفصلت عن زوجها وتزوجت بآخر ، فوهبها المنعم المتفضل بعد طول مدةٍ مولوداً ذكرا ، وفي أثناء حملها ، طلقها هذا الرجل ، فوضعت حينها قرة عينها ، بعد طول ترقب وانتظار ، وحينها تقدم لها الكثير من الخطاب ، ولكنها رفضتهم جميعاً لتربي ولدها ، عكفت على تربيته ، لقد علقت فيه آمالها ، ورأت فيه بهجة الدنيا وزينتها ، انصرفت إلى خدمته في ليلها ونهارها ، غذته بصحتها ، ونمته بهزالها ، وقوته بضعفها ، كانت تخاف عليه من رقة النسيم ، وطنين الذباب ، كانت تؤثره على نفسها بالغذاء والراحة ، أصبح هذا الولد قلبها النابض ، تعيش معه وتأكل معه ، وتشرب معه ، تؤنسه ، تمازحه ، تنتظره وتودعه ، حين يذهب في المجالس وبين اﻷ‌قارب يحلوا لها الحديث بطرائفه ونوادره ، تهب البشائر واﻷ‌عطيات لكل من يبشرها بنجاحه أو قدومه من سفره ، ولما ﻻ‌ وهو وحيدها وثمرة فؤادها .
    تعد اﻷ‌يام والشهور لترى فلذة كبدها يكبر رويداً رويدا .. كبر ذالك الطفل ، وأصبح شاباً يافعا ، واستوى عوده ، واشتد عظمه ، كانت تقف أمامه مزهوة شامخة ، كانت تجاهد على إعانته على الطاعة ، كيف ﻻ‌ ، وهي كما تقول اﻷ‌خت : عرفت منذ الصغر بطول قيامها وتهجدها ، ﻻ‌ تدخل مجلساً إﻻ‌ وتذكر الله وتنهى فيه عن فحش القول أو البذاءة ، وهي مع ذلك من أهل الصﻼ‌ة والصدقة ، لطالما تاقت نفسها أن تسمع صوت وحيدها يؤم المصلين في المسجد الحرام ، لكم تمنت أن يجعل الله له شأن يعز به دينه ، لقد كانت كثيراً ما تختلي بنفسها في أوقات اﻹ‌جابة تدعو ربها ، وكم كان اسمه يسيطر على دعائها .
    ﻻ‌ تنامُ إﻻ‌ بعد أن ينام ، ثم تقوم مرة أخرى وتدخل عليه لتعيد غطاءه ، وتصلح حاله ، تفعل ذلك في الليلة الواحدة أكثر من مرة .
    الله أكبر ، مبلغ الحنانِ ومنتهاه ! أحسبُ أنكم تقولون كفى ، فقد أبلغتِ في الوصف والثناء ، لستِ والله بمبالغة ، فهذه حالها مع ولدها .
    عزمت على تزويجه ، لترى ولده وحفيدها ، بدأت تبحث له عن عروس ، ثم سعت إلى تقسيم منزلها إلى قسمين ، العلوي له ، والسفلي لها ، دخلت عليه في يوم من اﻷ‌يام كالعادة ، نادته لم يرد عليها ، خفق قلبها ، رفعت يده فسقطت من يدها ، هزته بقوة ، لم يتحرك ، بادرت باﻻ‌تصال على قريب لها ، حضر على عجل ، فحمله إلى المستشفى ، أحست أن في اﻷ‌مر شيئا ، لكنها على أمل ، فماذا عملت ، لقد كان من أمرها عجبا !! توضأت ثم يممت شطر سجادتها ، وسألت ربها أن يختار لها الخيرة المباركة ، وصلت ، وبعد سويعات ، وإذا وحيدها قد مات ، نعم ، بعد أربعين سنة ، عشرون سنة ترقبه ، وأخرى مثلها تربيه ، ضاع ذالك في لحظة واحدة ، وما كان منها حينما بلغها الخبر ، إﻻ‌ أن قالت : وحيدي مات ، ثم استرجعت ، ثم رددت كثيرا : الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله.. ، تقولها بثبات وصبر ، لم تندب ولم تصرخ ، ولم تشق جيباً أو تلطم خدا .
    هذه هي ثمرة اﻹ‌يمان تظهر في أشد المواقف وأصعبها وأحلكها ، كان وقع الصدمة شديداً على كل من عرف ، بعض قريباتها يبكين أمامها ليس لفقد الولد ، ولكن رأفةً بحالها ، كانت تنهاهن بحزم وهدوء ، وتقول بلهجتها : ما هذا الخبال ، ربي أعطاني إياه ، أنا راضية والحمد لله أنها لم تكن في ديني .
    لله أكبر ، لقد ضربت أروع اﻷ‌مثلة في الصبر والرضا ، إﻻ‌ أن بعض النفوس الضعيفة ، من الﻼ‌تي يجهلن التسليم والرضا بالقدر ، لم يستوعبن موقفها ، فمن قائلة : لعلها أصيبت بحالة نفسية ، ومن قائلةٍ : هي ذاهلة ولم تستوعب بعدُ وفاته ، وفي تلك الليلة التي مات فيها فلذة كبدها ، حان وقت طعام العشاء ، فكان من أمرها عجبا ، امتنع الكثير عن تناوله ، أما هي فقد مدت يدها إلى الطعام وهي تقول : والله ليس لي رغبة فيه ، ولكني مددتُ يدي رضا بقضاء الله وقدره .
    الله أكبر ، ما أعظم موقفها ، لقد كانت تشعر بالحرقة ، لكن على سجادتها بين يدي ربها تناجيه وتدعو لوليدها ، نعم ، فقدت فلذة كبدها ، لكنها في الوقت نفسه المؤمنة الراضية ، لقد حول صبرها ورضاها مع حسن ظنها بالله تعالى حول هذه المحنة إلى منحة ، حينها يكون لها حسن العقبى في الدارين بإذن الله " .

  • #2
    أكملت القصة ودموعي تنهمر

    ما أروع تلك الصابرة

    نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين

    قصة فيها من المواعظ الشيء الكثير

    تحيتي أبا نوران وشكري على الطرح المفيد .

    تعليق


    • #3
      يعتيك العافيه لهالقصه المؤثره ...لاهنت

      تعليق

      يعمل...
      X