القرى والهجر لا تخلو من مشاكل الأراضي
القرىوالهجر ، ولا تخلو قرية إن جاز التعميم من مشاكل الأراضي ، وكذلك لا تخلو من شخصية متمردة تسمى ( الدعوجي ) ، كثير المطالبات والدعاوى في ممتلكات الغير لحاجة في نفسه ، أو لتركيب سيكولوجي مختل ، فتجده يداعي كل أهل القرية ، وغالبا ما يستأجره الآخرون لإرهاب خصومهم ، حتى إن رئيس المركز وقاضي المحكمة وأفراد الشرطة وكل موظفي الدولة في المركز يعرفونه من كثرة تردده ومطالباته .
هذه الشخصية المتمردة تسبب لملاك الأراضي الصداع المزمن، وهو يجرهم كل أسبوع إلى الدوائر الحكومية بغير حق ، ويتبجح بأفعاله الرعناء في المجالس لأمرين ، أولهما : التباهي . وثانيهما إرهاب الآخرين .
المؤسف أن الأنظمة لم تضع رادعا لمثل هذه الشخصيات المضطربة نفسيا وسلوكيا ، وإن وجدت أنظمة رادعة فلا توجد سلطات جادة في تطبيقها ، وقد أكسب تردد هذه الشخصيات على المراكز علاقات معرفة طبيعية ، وعلاقات غير طبيعية من خلال شراء الذمم بمبالغ زهيدة تعينه على تعزيز شخصيته المرهبة .
عندما تملك أرضا، وتحاول استخراج حجة استحكام عليها ، فأبسط ما يسببه لك ( الدعوجي / المشكلجي ) أن يقدم اعتراضات تتطلب سنينا لحلها ، وفي هذه الأثناء لا تستطيع أن تستغل أرضك زراعيا ولا سكنيا حتى يُفصل في الأمر ، وربما جاء الفصل فظا غليظا بتبييض أرضك وكف يدك عنها ؛ لأنك لم تستخرج حجة الاستحكام المعقدة . وما أسهل أن يبتزك أمثال هذا المريض النفسي لو برحت مترا منها أو قلعت نبتة تضايقك فيها ، وما أسرع أن تجيء لجنة ( التعديات ) وتنزع ملكية أرضك بالتبييض وتهدم ما بنيته وعلى حسابك الخاص ، حتى صار هؤلاء المرضى مصدر رعب وإرهاب لملاك الأراضي الراغبين في استصلاحها وإحياء مواتها.
لماذا الأنظمة معطلة لأمثال هذه الشخصيات المريضة التي تعيق التنمية في القرى والهجر، وتشغل السلطات بالمطالبات الوهمية ، وتعيق المشاريع الحكومية والخاصة ؟
فلو عاقبت الدولة كل مدعٍ في أملاك غيره دون وجه حق بعد التحقق من دعواه بالشهود وبشيخ القبيلة عقابا رادعا ، لرأينا قرانا وهجرنا بغير ما نراها عليه اليوم . فلا نريد من صاحب الحق أن يتقدم بشكوى رد اعتبار ، بل يجب على الدولة أن تضع في تنظيماتها هذا الأمر للحد من الشكاوى الكيدية الظالمة . ولماذا لا يسن قانونٌ يمنع قبول شكاوى ومطالبات من يثبت لرئيس المركز وقاضي المحكمة أنه من هذه الفصيلة المختلة ، ويطلب منه مراجعة إمارة المنطقة ، فإن تعب ومصاريف الأسفار سيحدان من نشاطه المعيق .
إن من المؤسف أن تستمر القرى بالنزيف الحاد من سكانها المهاجرين إلى المدن المتخمة، ومن بين أسباب هذه الهجرة المشاكل التي لا تنتهي ولا ينقطع دابرها ، لتراخي الأنظمة ، وضعف الرقابة على تنفيذ الأحكام ، وتمييع الأحكام بالصلح القبلي غير الملزم في كثير من حالاته، فالكثير من القضايا تظل دائرة لسنوات لا يفصل فيها إلا الدم المسفوك .
وأخيرا : ليت إمارات المناطق تخرج لنا إحصائيات الدعاوى الكيدية في الكثير من المراكز التابعة لها حتى يتبين للدارسين حجم المشكل ، فيتسنى لهم وضع حلول تساعد في تحريك عجلة التنمية والحد من هذه القضايا.
(م/ن)
تعليق