أنصتُ
إلى قرعِ
الآكوابِ الدافئة
عبر شتاء القلوب
عبر جيوب الراحلين
حيث الثقوبُ باتساع القلب
افتقد معطف الدفء الذي يهبني
إياه بين أطرافِ الشتاء فلم أُبصر سوى
أقدام الحبِّ العابر تهرب شمالاً
نحو المنفى وموقد الوجعٍ
يبلل نافذتي
لقد دلّ كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم على أن القلب
يصح ويمرض كما قال i :]يَا أَيُّهَا النَّاسُ
قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي
الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [ (57) سورة
يونس فبين في هذه الآية أن القرآن الكريم وهو
(الموعظة) شفاء لما في الصدور أي(القلوب)
فإذا كان لها شفاء فإن ذلك يدل على أنها
تمرض وأن القرآن يكون
لها شفاء بإذن الله .
ذكر الله
عز وجل قوت للقلوب،
وقرة للعيون، وسرور للنفوس،
به تُجلب النعم وتُدفع النقم؛ فهو نعمة
عظمى ومنحة كبرى، له لذة لا يدركها
إلا من ذاقها، عبر عنها أحدهم فقال
والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك
وأبناء الملوك لجالدونا
عليها بالسيوف”.
وذكر الله
هو أعظم ما فتق
عنه لسان وتدبره جنان.
فلا بد من اجتماع اللسان
والجنان حتى يؤتي الذكر ثماره
ويستشعر العبد آثاره. فقد وصف
الله تعالى أولي الألباب بأنهم {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً
سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فهم جمعوا
بين ذكر الله تعالى في كل أحوالهم
ودعائه، والتفكر في خلق
السماوات والأرض.
لا نقصد بالحياة هنا
الحياة المحسوسة التي
يشترك فيها الإنسان مع باقي
الكائنات الحية؛ وإنما نقصد بها حياة
الروح وروح الحياة، حياة القلب وقلب الحياة،
نقصد الحياة التي عبر عنها الله تعالى بقوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ
إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. فهذه الحياة متحققة
بالاستجابة لأمر الله ورسوله. وقد أخبر
صلى الله عليه وسلم أن “مثل الذي
يذكر ربه والذي لا يذكره
مثل الحي والميت”.
صلى الله عليه وسلم
أن ذكر الله تعالى هو من
الأسلحة الفتاكة لمواجهة الشيطان؛
حيث قال: “إن الشيطان واضع خطمه على
قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس،وإذا نسي الله
التقم قلبه فوسوس” (رواه الحافظ الموصلي).
إذن فحياة القلب الذي ينصلح الجسد بصلاحه
ويفسد بفساده متحققة بذكر الله، والتفكر
في أسمائه وصفاته، والعيش في رحابه.
تعليق