كان آباءنا رحمهم الله يقصّون علينا القصص التراثية القديمة لأخذ العِبَرِ منها ، فقد سمعتُ من بين ما سمعتُ من تلك القصص أنه : كان يا ما كان في قديم الزمان رجل فقير يعمل حطّاباً في الغابةِ .وكان يعيش مع هذا الحطّاب ولده الكسول والذي حاول هذا الرجل المسكين جاهداً إصلاحه وتوجيهه ولكنه لم يفلح ، حيثُ بقيّ هذا الإبن العاق مصدر حزن وقلق لوالدهِ الذي دائماً كان يقول له : " إنت ما راح تصير آدمي " أي سوف لن ينصلح حالك الى الأبد وسوف لن تكون يوماً بمستوى الشعور الإنساني بالمسؤوليةِ . وكان هذا النقد أو الحرص من جانبِ الوالدِ يزعج كثيراً هذا الولد العاق .
وفي يومٍ من الأيامِ لم يحتمل هذا الإبن تعنيفات وتوبيخات والده لتصرفاته الغير مسؤولة ، فقرر هجر كوخهم والذهاب الى حيثُ لا يجد من يعنّفه ويونّبه على كسلهِ وتصرفاتهِ ، فتزود بزوّادة مما توفر لديهما من طعامٍ وغادر الكوخ وسار على غير هدى في أحراش ومسالك الغابة حتى قادتهُ قدماه الى البلدةِ ، وفيما هو جالس في ركنٍ من أركان أحد أزقتها ليرتاح قليلاً ويتناول بعضاً من الطعامِ الذي جلبه معه من دار والده سمعَ المنادي ينادي بأعلى صوته قائلاً : " يا أيها الناس ، الحاضر يعلم الغائب لقد أمر مولانا السلطان بجائزةٍ كبيرةٍ الى كل من يستطيع شفاء إبنته الوحيدة من مرضٍ قد أصابها والذي عجز خيرة أطباء السلطنة عن معالجته " . إهتمّ إبن الحطّاب لهذا الأمر لكونه يعلم من أنه وعلى الرغم من كسله وعقوقه ، إلا أنه وبحكمِ معيشته ونشأته في الغابة ومراقبته لوالده في جمعه للأعشاب البرية المختلفة فإنّ له خبرة لا يستهان بها في معالجة الكثير من الأمراض بتلك الأعشاب ، لذا سارعَ الى قصر السلطان طالباً رؤية المريضة ، فسمحوا له بذلك وبعد إنتهاءه من معاينتها قال لِمَن حوله من حاشية السلطان بأنه يستطيع معالجتها وطلبه الوحيد في حالة شفائها هو زواجه منها !! ، وعندما سمع السلطان بطلب هذا الصعلوك جنّ جنونه وأراد قطع عنقهُ على تجاسره وتجاوزه على ولي نعمته بهذا المطلب الغريب ، لكن حاشية السلطان أقنعوه بالتريث وقالوا له لو إستطاع هذا الحطّاب معالجة إبنتك من هذا المرض المميت فسيكون بالتأكيد أذكى من جميع أطباء السلطنة وأكثرهم خبرة ودراية ، وبهذا تستطيع تعيينه بوظيفة كبير أطباء البلاط بعد تزويجه إبنتك أفضل من موتها وخسارتها للأبد .فكّر السلطان بنصيحة حاشيته فوجدها منطقية ولا مفرّ له من قبولها فخضع للأمر الواقع .ذهبت أيام وجاءت أخرى وقد أصبح إبن الحطّاب زوج إبنة السلطان ينعم بنعيم الجاه والترف . وبعد مرور سنوات عديدة توفي السلطان ونُصّبَ إبن الحطاب سلطاناً على السلطنة ، فإذا به منذ اليوم الأول لإستلامه المسؤولية يتذكر والده وتعنيفهُ له وتكراره في قوله " بأنه سوف لا ينصلح حاله ويصبح آدمياً !! " ، فنادى على الحرّاس واصفاً لهم المكان الذي يقع فيه كوخ والده وأمرهم بجلب الرجل مربوطاً بذيل الحمار مهاناً مذلولاً أمامه .فعل الحرّاس ما أمرهم به سلطانهم الجديد وإذا بالحطّاب المسكين يقف بعد بضعة أيام خائر القوى منهوكاً من التعب بين يدي السلطان ، فنظر كلاً منهما الى الآخر ولكن نظراتهما كانت مختلفة عن بعضهما البعض في معانيها ، فبينما نظر الإبن العاق متشفياً بمنظر والده الذي صَعُبَ حتى على من كان موجوداً من حاشيته ، إلا أنّ نظرات والده اليه كانت مملوءة بالشفقة والحزن على ما وصل اليه إبنه من عقوق !! ، وبعد أن تبادل الطرفان تلك النظرات قطع صوت الإبن تلك السكينة قائلاً لوالده : " ها يايبة صرت سلطان لو ماصرت ، كنت دائماً تقول لي ما راح يصير براسي خير وأصير آدمي !! " ، فردّ عليه والده بعيونٍ دامعةٍ قائلاً : " إبني انا ما قلت لك ما راح تصير سلطان ، بس انا قلت لك ما راح تصير آدمي ـ ـ ـ هو لو إنتَ آدمي كان تجيب أبوك بها الطريقه ....
منقول
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر، حدثنا عوف، حدثني قسامة بن زهير، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن وبين ذلك.
وقد ذكر السدي عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فبعث الله عز وجل جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني، فرجع ولم يأخذ، وقال: رب إنها عاذت بك فأعذتها.
فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها، فرجع فقال كما قال جبريل. فبعث الله ملك الموت فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض وخلطه، ولم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة بيضاء وحمراء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين.
فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا. واللازب: هو الذي يلزق بعضه ببعض، ثم قال للملائكة: {إني خالق بشرا من طين. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}.
فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه، فخلقه بشرا، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم منه فزعا إبليس، فكان يمر به فيضربه، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصلة، فذلك حين يقول: {من صلصال كالفخار} ويقول: لأمر ما خلقت، ودخل من فيه وخرج من دبره، وقال للملائكة: لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكنه.
فلما بلغ الحين الذي يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح، قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس، فقالت الملائكة قل: الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال له الله: رحمك ربك، فلما دخلت الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، وذلك حين يقول الله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} {فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} وذكر تمام القصة.
معنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل.
قال أبو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف، على شيث خمسين صحيفة".
قال محمد بن إسحاق: ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار، وعلمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك.
قال: ويقال أن أنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث، وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادوا. والله أعلم.
ولما توفي آدم عليه السلام - وكان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط، وكفن من عند الله عز وجل من الجنة، وعزوا فيه ابنه ووصيه شيثا عليه السلام. قال ابن اسحاق: وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن.
قال الله تعالى في سورة الفرقان {وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا، وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا} وقال الله تعالى في صورة ق: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود، وعاد وفرعون وإخوان لوط، وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد}.
وهذا السياق والذي قبله يدل على أنهم أهلكوا ودمروا، وتبروا وهو الهلاك.
وهذا يرد اختيار ابن جرير من أنهم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج، لأن أولئك عند بن إسحاق وجماعة كانوا بعد المسيح عليه السلام وفيه نظر أيضا.
وروى ابن جرير قال: قال ابن عباس: أصحاب الرس أهل قرية من قرى ثمود.
كان آباءنا رحمهم الله يقصّون علينا القصص التراثية القديمة لأخذ العِبَرِ منها ، فقد سمعتُ من بين ما سمعتُ من تلك القصص أنه : كان يا ما كان في قديم الزمان رجل فقير يعمل حطّاباً في الغابةِ .وكان يعيش مع هذا الحطّاب ولده الكسول والذي حاول هذا الرجل المسكين جاهداً إصلاحه وتوجيهه ولكنه لم يفلح ، حيثُ بقيّ هذا الإبن العاق مصدر حزن وقلق لوالدهِ الذي دائماً كان يقول له : " إنت ما راح تصير آدمي " أي سوف لن ينصلح حالك الى الأبد وسوف لن تكون يوماً بمستوى الشعور الإنساني بالمسؤوليةِ . وكان هذا النقد أو الحرص من جانبِ الوالدِ يزعج كثيراً هذا الولد العاق .
وفي يومٍ من الأيامِ لم يحتمل هذا الإبن تعنيفات وتوبيخات والده لتصرفاته الغير مسؤولة ، فقرر هجر كوخهم والذهاب الى حيثُ لا يجد من يعنّفه ويونّبه على كسلهِ وتصرفاتهِ ، فتزود بزوّادة مما توفر لديهما من طعامٍ وغادر الكوخ وسار على غير هدى في أحراش ومسالك الغابة حتى قادتهُ قدماه الى البلدةِ ، وفيما هو جالس في ركنٍ من أركان أحد أزقتها ليرتاح قليلاً ويتناول بعضاً من الطعامِ الذي جلبه معه من دار والده سمعَ المنادي ينادي بأعلى صوته قائلاً : " يا أيها الناس ، الحاضر يعلم الغائب لقد أمر مولانا السلطان بجائزةٍ كبيرةٍ الى كل من يستطيع شفاء إبنته الوحيدة من مرضٍ قد أصابها والذي عجز خيرة أطباء السلطنة عن معالجته " . إهتمّ إبن الحطّاب لهذا الأمر لكونه يعلم من أنه وعلى الرغم من كسله وعقوقه ، إلا أنه وبحكمِ معيشته ونشأته في الغابة ومراقبته لوالده في جمعه للأعشاب البرية المختلفة فإنّ له خبرة لا يستهان بها في معالجة الكثير من الأمراض بتلك الأعشاب ، لذا سارعَ الى قصر السلطان طالباً رؤية المريضة ، فسمحوا له بذلك وبعد إنتهاءه من معاينتها قال لِمَن حوله من حاشية السلطان بأنه يستطيع معالجتها وطلبه الوحيد في حالة شفائها هو زواجه منها !! ، وعندما سمع السلطان بطلب هذا الصعلوك جنّ جنونه وأراد قطع عنقهُ على تجاسره وتجاوزه على ولي نعمته بهذا المطلب الغريب ، لكن حاشية السلطان أقنعوه بالتريث وقالوا له لو إستطاع هذا الحطّاب معالجة إبنتك من هذا المرض المميت فسيكون بالتأكيد أذكى من جميع أطباء السلطنة وأكثرهم خبرة ودراية ، وبهذا تستطيع تعيينه بوظيفة كبير أطباء البلاط بعد تزويجه إبنتك أفضل من موتها وخسارتها للأبد .فكّر السلطان بنصيحة حاشيته فوجدها منطقية ولا مفرّ له من قبولها فخضع للأمر الواقع .ذهبت أيام وجاءت أخرى وقد أصبح إبن الحطّاب زوج إبنة السلطان ينعم بنعيم الجاه والترف . وبعد مرور سنوات عديدة توفي السلطان ونُصّبَ إبن الحطاب سلطاناً على السلطنة ، فإذا به منذ اليوم الأول لإستلامه المسؤولية يتذكر والده وتعنيفهُ له وتكراره في قوله " بأنه سوف لا ينصلح حاله ويصبح آدمياً !! " ، فنادى على الحرّاس واصفاً لهم المكان الذي يقع فيه كوخ والده وأمرهم بجلب الرجل مربوطاً بذيل الحمار مهاناً مذلولاً أمامه .فعل الحرّاس ما أمرهم به سلطانهم الجديد وإذا بالحطّاب المسكين يقف بعد بضعة أيام خائر القوى منهوكاً من التعب بين يدي السلطان ، فنظر كلاً منهما الى الآخر ولكن نظراتهما كانت مختلفة عن بعضهما البعض في معانيها ، فبينما نظر الإبن العاق متشفياً بمنظر والده الذي صَعُبَ حتى على من كان موجوداً من حاشيته ، إلا أنّ نظرات والده اليه كانت مملوءة بالشفقة والحزن على ما وصل اليه إبنه من عقوق !! ، وبعد أن تبادل الطرفان تلك النظرات قطع صوت الإبن تلك السكينة قائلاً لوالده : " ها يايبة صرت سلطان لو ماصرت ، كنت دائماً تقول لي ما راح يصير براسي خير وأصير آدمي !! " ، فردّ عليه والده بعيونٍ دامعةٍ قائلاً : " إبني انا ما قلت لك ما راح تصير سلطان ، بس انا قلت لك ما راح تصير آدمي ـ ـ ـ هو لو إنتَ آدمي كان تجيب أبوك بها الطريقه ....
منقول
تعليق