• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُ

    تفسير قوله تعالى

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
    قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ [1] لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 58 - 60].

    سبب نزول الآية الكريمة:
    روي في نزول هذه الآية أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث غلامًا من الأنصار يُقال له: "مُدْلِج" إلى عمر بن الخطاب يدعوه له، فوجده نائمًا في وقت الظهيرة، فدقَّ البابَ ودخل، فاستيقظ عمرُ فانكشف منه شيء، فقال له عمر: ودِدتُ أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمَنا أن لا يدخلوا علينا في هذه الساعة إلا بإذن، ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآيةَ قد أنزلت فخرَّ ساجدًا شكرًا لله[2].

    روي أن أسماء بنت أبي مرشد دخل عليها غلامٌ كبير لها، في وقتٍ كرهَت دخولَه، فأتَت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنَّ خدَمَنا وغِلماننا يَدخلون علينا في حالٍ نَكرهُها! فأنزل الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ الآية[3]. وروي عن مُقاتل بن حيان أنه قال: بلغَنا أن رجلاً وامرأته - أسماء بنت أبي مرشد - صنعا للنبيِّ طعامًا، فقالت أسماء: يا رسول الله، ما أقبح هذا! إنه ليدخلُ على المرأة وزوجِها غلامُهما، وهما في ثوبٍ واحد بغير إذن، فأنزل الله فيهم هذه الآية؛ يعني بها: العبيد والإماء[4].

    وروى ابنُ أبي حاتم عن السُّدي أنه قال: كان أناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم أن يُواقعوا نساءهم في هذه الساعات، فيغتسلوا، ثم يخرجوا إلى الصلاة، فأمرهم الله تعالى أن يأمروا المملوكين والغِلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا بإذن؛ فذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ﴾[5] الآية[6].

    ﴿ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ﴾ اللام لام الأمر، واستأذن: طلب الإذن؛ لأن السين والتاء للطلب، مثل استنصر: طلب النُّصرة، واستغفر: طلب المغفرة، والاستئذان المذكور في الآية يراد منه الإعلامُ بالحضور، والسماح للمستأذن بالدخول.

    والمعنى: ليستأذنكم في الدخول عليكم عبيدُكم وإماؤكم، والصغار من الأطفال.

    ﴿ الْحُلُمَ ﴾: بضم الحاء واللام الاحتلام؛ ومعناه: الرؤيا في النوم، والحِلم: بكسر الحاء وسكون اللام الأناةُ والعقل، تقول حَلُم الرجل بالضم: إذا صار حليمًا، وفي القاموس[7]: الحُلم بالضم وبضمتين: الرؤيا، جمعُه: أحلام.

    وحَلم به: رأى له رؤيا، أو رآه في النوم، والحُلم والاحتلام: الجِماعُ في النوم، والاسم منه الحُلُم كعنُق، ويقال: بلغ الصبيُّ الحُلُمَ؛ أي: أصبح في سنِّ البلوغ والتكليف.

    ﴿ عَوْرَاتٍ ﴾: جمع عورة: ومعناه الخلَل، وسمى اللهُ تعالى كلَّ واحدة من تلك الأحوال في هذه الآية عَورة؛ لأن الناس يختلُّ حفظهم وتستُّرهم فيها.

    وعورةُ الإنسان: سَوءتُه، سمِّيت عورة؛ لأنها مِن العار؛ وذلك لما يَلحق في ظهورها من المذمَّة والعار[8].

    ﴿ الْعِشَاء ﴾ المراد بها العِشاء الآخِرة، والعرب تسمِّيها: العَتمة، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تغلبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم العشاء؛ فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تُعتِم بِحِلاب الإبل))[9]، والمغرب تسمى العشاء الأولى، وفي الحديث: "فصلاَّها - يعني: العصر - بين العِشاءين"؛ أي: المغرب والعشاء.

    قال القرطبي: فالله سمَّاها صلاة العشاء، فأحب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تسمى بما سمَّاها الله تعالى به، فكأنه نهيُ إرشادٍ إلى ما هو الأولى، وليس على جهة التحريم، والعَرب كانوا يسمونها العَتَمة؛ وهي الحلبة التي كانوا يحلُبونها في ذلك الوقت، ويشهد لذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: ((فإنها تعتم بحِلاب الإبل)).

    ﴿ طَوَّافُونَ ﴾: جمع طوَّاف بالتشديد؛ وهو الذي يدور على أهل البيت للخدمة، والطَّوَافُ في الأصل: الدَّوران، ومنه الطواف حول الكعبة، ووصف هؤلاء الخدم بالطواف؛ لأنهم يذهبون في خدمة السادة ويرجعون.

    والمراد في الآية أنهم خدَمُكم، يَدخلون ويَخرجون عليكم للخدمة، فلا حرجَ عليكم ولا عليهم في الدخول بغير استئذان في غير هذه الأوقات.

    المعنى الإجمالي للآيات الكريمات:
    يُنادي اللهُ المؤمنين الذين صدَّقوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأيقنوا بشريعة الله نظامًا ومنهاجًا: ﴿ لِيَسْتَأْذِنْكُمْ ﴾ في الدخول عليكم هؤلاء العبيدُ والإماء الذين تملكونَهم بملك اليمِين، والأطفالُ الذين لم يبلغوا مبلغَ الرِّجال من الأحرار؛ فلا يدخلوا عليكم في هذه الأوقات الثلاثة؛ "وقت الفجر، ووقت الظهر، ووقت العشاء"، إلا بإذنٍ منكم؛ لأن هذه الأوقاتَ أوقاتُ خلودكم إلى النوم والراحة، وهي أوقاتٌ يختلُّ فيها تستُّركم، والتكشف فيها غالب، فعلِّموا عبيدَكم وخدمكم وصِبيانكم ألاَّ يدخلوا عليكم في مثل هذه الأوقات، إلا بعد الاستئذان، وأما في غير هذه الأوقات فلا إثم ولا حرجَ عليكم ولا عليهم في الدخول بغير إذن؛ لأنهم يقومون على خِدمتكم، واللهُ لا يكلِّفكم ما فيه حرجٌ أو ضِيق عليكم؛ لأن تشريعه من أجل صالحكم، وهو جلَّ وعلا العليمُ الحكيم.

    وأما إذا بلغ هؤلاء الأطفالُ مبلغَ الرجال فعلِّموهم الأدبَ الساميَ؛ ألا يدخلوا عليكم إلا بعد الاستئذان كما أمَر الكبارَ مِن قبل، وذلك هو أدب الإسلام الذي ينبغي أن يتمسَّك به المؤمنون، وأما النساءُ العجائز اللاتي لا يرغبن في الزواج، ولا يَطمعُ فيهنَّ الرجالُ لكبرهن، وقد انعدمت فيهن دوافعُ الشهوة والفتنة والإغراء - فلا حرَج ولا جُناح عليهن أن يضَعن بعضَ ثيابهن؛ كالرِّداء والجلباب، ويَظهرن أمام الرجال بملابسِهنَّ المعتادة التي لا تَلفِت انتباهًا ولا تثير الشهوة، وإذا بالَغن في التستُّر والتعفف ولَبِسنَ الجلباب الذي تلبسه الشاباتُ من النساء - فذلك خير لهنَّ وأكرمُ وأزكى عند الله وأطهر، والله يعلم خفايا النفوس، ومُجازٍ كلَّ إنسان على ما قدَّم؛ فاتَّقوه واجتنبوا سخطه وعقابَه[10].

    فوائد وتنبيهات:
    1- قوله تعالى: ﴿ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾ ليس المقصود بذلك أن يضعنَ جميع ثيابهن، وإنما المراد بعضها؛ كالجلباب والرداء؛ وهي الثياب الظاهرة، التي لا يُفضي وضعُها لكشف العورة، فهو من باب "إطلاق الكلِّ وإرادة الجزء"، ويسميه علماءُ البلاغة "المجاز المرسَل".

    2- قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ قال بعض العلماء: إذا كان استعفافُ العجائز عن وضع الثياب خيرًا لهنَّ، فما ظنُّك بذَوات الزينة من الشوابِّ؟!

    وأبلغُ من هذا أن التستُّر والتحفُّظ إذا كان مطلوبًا من القواعد فكيف بالكَواعِب؟! والمرأة ولو كانت عجوزًا لا تُشتهَى فإن بعضَ النفوس قد تَميل إليها وتشتهيها؛ ولهذا ينبغي لها الاستعفاف.

    3- كيف يخاطب الصغار، ولا تكليفَ قبل البلوغ؟!
    الخطاب وإن كان ظاهرُه للصِّغار الذين لم يَبلغوا الحلُم إلا أن المرادَ به الكبار؛ فقد أمر الله الرجالَ أن يعلموا مماليكهم وخدمهم وصبيانهم ألاَّ يدخلوا عليهم إلا بعد الاستئذان، فهو في الظاهر متوجِّه للصغار، وفي الحقيقة للمكلَّفين الكبار.

    4- الآية محكمَة، لم ينسخها شيء على رأى الجمهور، وزعم بعضُهم أنها منسوخة؛ لأن عملَ الصحابة والتابعين في الصدر الأول كان جاريًا على خلافه.

    5- ما هو سنُّ البلوغ الذي يَلزم به التكليف؟
    أشارت الآية الكريمة؛ وهي قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ ﴾ إلى أن الطفلَ يصبحُ مكلفًا بمجرد الاحتلام، وقد اتفق الفقهاءُ على أن الصبي إذا احتلم فقد بلغ، وكذلك الجارية (الفتاة) إذا احتلمَت أو حاضت أو حملَت فقد بلغَت، فالاحتلام علامةٌ واضحةٌ على بلوغ الصبيِّ أو الجارية سنَّ التكليف، وهذا بإجماع الفقهاء لم يختلف فيه أحد، ولكنهم اختلَفوا في تقدير السنِّ التي يصبح بها الإنسان مكلفًا.

    6- هل يُعتبر الإنبات[11] دليلاً على البلوغ؟
    الراجح من أقوال الفقهاء أن البلوغَ لا يكون إلا بالاحتلام أو بالسنِّ؛ وهي سن الخامسة عشرة، فلا يكون الإنبات دليلاً على البلوغ.

    ما ترشد إليه الآيات الكريمات:
    1- ضرورة استئذان الخدَم من العبيد والإماء في أوقات الخلَوات.
    2- تعليم الأطفال الآدابَ الإسلاميَّة، ومنها الاستئذان عند الدخول في الأوقات الثلاثة.
    3- لا يُطلب من الخادم أن يَستأذن في كل وقت؛ لضرورة قيامه بالخدمة لسيده.
    4- إذا بلغ الطفل سنَّ المراهقة فعليه أن يستأذن قبل الدخول في جميع الأوقات.
    5- لا يجوز للمسلمة أن تنكشفَ أمام الخدم من الغلمان إذا بلَغوا مبلغَ الرجال.
    6- النساء العجائز لا يجب عليهِن المبالغة في التستُّر ولبس الجلباب؛ لرفع الحرج عنهن.
    7- التبرُّج وإظهار الزينة أمام الأجانب يستوي فيه العجائز والأبكار.
    8- شرعُ الله حكيم ونظامه رحيم، فعلى المؤمنين أن يتمسكوا به[12].

    [1] العورة: في الأصل الخلل والنقص، ثم أطقت على ما يُكرَه انكشافه والنظر إليه.

    [2] أيسر التفاسير؛ الجزائري ج 2 ص 1013.

    [3] تفسير الألوسي.

    [4] فتح البيان.

    [5] الدر المنثور ج 5 ص 55.

    [6] روائع البيان ج 2 ص 206.

    [7] القاموس المحيط للفيروز آبادي.

    [8] القاموس المحيط للفيروز آبادي.

    [9] رواه مسلم رحمه الله تعالى - كتاب الصلاة - باب وقت العشاء وتأخيرها.

    [10] روائع البيان؛ الصابوني ج 2 ص 205.

    [11] المراد بالإنبات هو نبات شعر العانة من أسفل.

    [12] روائع البيان؛ الصابوني ج 2 ص 217.




    الالوكة

  • #2
    شكراً لنقلك الموفق والمفيد ...


    تعليق


    • #3
      اسعد الله قلوبكم وامتعها بالخير دوماً
      أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
      وردكم المفعم بالحب والعطاء
      دمتم بخيروعافية

      تعليق

      يعمل...
      X