تويت
مقاربات بين الشعبي والفصيح
لسان الشعراء مع الدنيا يقول (ما عليها مستريح)!
ا
الصور بعدسة عبد الله الموسى
كل ذي همّة لن يستريح في هذه الدنيا، فالهمة مشتقة من الهمم، وأظنها شقيقته، وهو لا يفارقها، وهي لا تفارقه، يقول شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي:
إلى الله ذي الدنيا مناخاً لراكب
فكل بعيد الهم فيها معذب
والتعبير الشعبي: (ما عليها مستريح) الذي بصم عليه الشعراء بالأصابع العشرة، لا يعني التشاؤم أو الاستسلام واليأس، فاليأس أحد الراحتين.. أما الراحة الأخرى والكبرى فهي (الموت) راحة من غثاء الدنيا في نظر الأحياء، أما الميت فأمره يتوقف على عمله، وقبل ذلك على رحمة ربه تبارك وتعالى، وهو أرحم الراحمين.
الذي نريد قوله إن غرض الإنسان من الدنيا الراحة، والراحة لا تأتي إلاّ بعد الجد والكد والتعب، وقد عبر عن هذا أبو تمام:
بصرت بالراحة الكبرى فلم تراها
تنال إلاّ على جسر من التعب
على ان طبيعة الدنيا الا تصفو لأحد، وان صفت فلن يطول صفاؤها.. متغيرة، متقلبة، متلونة، سريعة الحوادث، والمفاجآت، والعاقل يتوقع فيها ما لا يتوقع، ويتوقى حوادثها بالحزم والعزم والعمل بعد التوكل على الله عز وجل.
أشوف ما أحد من غثاها سالم .. كل بوجهه مفقع ضاروبها
ويرى الشاعر ان الشر في الدنيا أكثر من الخير، ويعبر عن ذلك في بيت جميل:
الخير لا يأتيك متصلاً
والشر يسبق سيله المطر!
ويصف أبو الحسن التهامي طبيعة الحياة الدنيا بشعر حار بليغ:
حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً
حتى يرى خبراً من الأخبار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
والعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال ساري
تزداد هما كلما ازدنا غنى
والفقر كل الفقر في الاكثار
وللمرحوم عبدالكريم الجهيمان الذي هو من رواد مأثورنا الشعبي خدمة عمره كله، وجمع أمثاله سيراً على الأقدام:
على جنبات هذه الأرض نمشي
زمانا ثم تدفن في ثراها
ويأتي بعدنا قوم وقوم
يعيشون الحياة كما تراها
يذوقون النعيم بها، وطوراً
يذوقون المرارة من أساها
وكم قد مضى من ألف جيل
على منوالهم نخطو رباها
وليس يعاد للإنسان دهر
إذا صفحاته يوماً طواه
ويرى (رميزان التميمي) ان خير مالك ما نفعك، وان الدنيا تغالبها وتغالبك:
وخيار الاشيا ما قضى نوب الفتى
فالدهر مغلوب ونوب غالبا
عش ما تعيش فكل حي ميت
وحش ما تحوش فكل شي ذاهبا
ويرى العوني ان حلاوة الدنيا في مرارتها
الايام وش طرباتها كان ما بها
حلو تذوقه عقب جرعة مرورها
وفي المأثور الشعبي يقولون عن الدنيا:
(خونية).. تصغير (خائنة) وهو تصغير للتهويل كما تقود العرب (دويهية) كما قال لبيد:
وكل اناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
وقد يقولون (خوانة) بصيغة المبالغة، كما قال شاعرنا المبدع إبراهيم بن جعيثن:
لا تامن الدنيا هي الخوانه
ما عاد يعرف صدقها من اكذوبها
يا صاح ما تصغي لحي دائم
لو طاب عيش كدرت مشروبها
اشوف ما احد من غثاها سالم
كل بوجهه مفقع ضاروبها
يخاف راعي المال يوخذ ماله
في هرجة بعض الوشاة مشوا بها
ومقلها يخاف موت الفاقه
بهمومها واكدارها وتعوبها
وكل أناس سوف تدخل بينهم .. دويهية تصفر منها الأنامل
وهذا حس شاعر نافذ، ورأي مجرب حصيف وقول مطلع على أحوال الناس، فإن الغني قلق والفقير مكتئب، لا يكاد يوجد مستريح في دنيانا، هناك من يحمل هم الآخرة ثم الدنيا، وهو العاقل، وهناك من يحمل هم الدنيا فقط.
ولن يزال همه ماثلاً بين عيذنيه ما عاش
ولشاعر نجد وحكيمها حميدان الشويعر:
الدنيا عامرها دامر
ما فيها خير يا عربي
اشوف ظهيري موجعني
منقطع من حد حقبي
وهوجسي تسري بالليل
خوف من موت بطلبي
صدرت وطويت العده
ويعقبني من كان يبي
لسان الشعراء مع الدنيا يقول (ما عليها مستريح)!
االصور بعدسة عبد الله الموسى
كل ذي همّة لن يستريح في هذه الدنيا، فالهمة مشتقة من الهمم، وأظنها شقيقته، وهو لا يفارقها، وهي لا تفارقه، يقول شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي:
إلى الله ذي الدنيا مناخاً لراكب
فكل بعيد الهم فيها معذب
والتعبير الشعبي: (ما عليها مستريح) الذي بصم عليه الشعراء بالأصابع العشرة، لا يعني التشاؤم أو الاستسلام واليأس، فاليأس أحد الراحتين.. أما الراحة الأخرى والكبرى فهي (الموت) راحة من غثاء الدنيا في نظر الأحياء، أما الميت فأمره يتوقف على عمله، وقبل ذلك على رحمة ربه تبارك وتعالى، وهو أرحم الراحمين.
الذي نريد قوله إن غرض الإنسان من الدنيا الراحة، والراحة لا تأتي إلاّ بعد الجد والكد والتعب، وقد عبر عن هذا أبو تمام:
بصرت بالراحة الكبرى فلم تراها
تنال إلاّ على جسر من التعب
على ان طبيعة الدنيا الا تصفو لأحد، وان صفت فلن يطول صفاؤها.. متغيرة، متقلبة، متلونة، سريعة الحوادث، والمفاجآت، والعاقل يتوقع فيها ما لا يتوقع، ويتوقى حوادثها بالحزم والعزم والعمل بعد التوكل على الله عز وجل.
أشوف ما أحد من غثاها سالم .. كل بوجهه مفقع ضاروبها
ويرى الشاعر ان الشر في الدنيا أكثر من الخير، ويعبر عن ذلك في بيت جميل:
الخير لا يأتيك متصلاً
والشر يسبق سيله المطر!
ويصف أبو الحسن التهامي طبيعة الحياة الدنيا بشعر حار بليغ:
حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً
حتى يرى خبراً من الأخبار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
والعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال ساري
تزداد هما كلما ازدنا غنى
والفقر كل الفقر في الاكثار
وللمرحوم عبدالكريم الجهيمان الذي هو من رواد مأثورنا الشعبي خدمة عمره كله، وجمع أمثاله سيراً على الأقدام:
على جنبات هذه الأرض نمشي
زمانا ثم تدفن في ثراها
ويأتي بعدنا قوم وقوم
يعيشون الحياة كما تراها
يذوقون النعيم بها، وطوراً
يذوقون المرارة من أساها
وكم قد مضى من ألف جيل
على منوالهم نخطو رباها
وليس يعاد للإنسان دهر
إذا صفحاته يوماً طواه
ويرى (رميزان التميمي) ان خير مالك ما نفعك، وان الدنيا تغالبها وتغالبك:
وخيار الاشيا ما قضى نوب الفتى
فالدهر مغلوب ونوب غالبا
عش ما تعيش فكل حي ميت
وحش ما تحوش فكل شي ذاهبا
ويرى العوني ان حلاوة الدنيا في مرارتها
الايام وش طرباتها كان ما بها
حلو تذوقه عقب جرعة مرورها
وفي المأثور الشعبي يقولون عن الدنيا:
(خونية).. تصغير (خائنة) وهو تصغير للتهويل كما تقود العرب (دويهية) كما قال لبيد:
وكل اناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
وقد يقولون (خوانة) بصيغة المبالغة، كما قال شاعرنا المبدع إبراهيم بن جعيثن:
لا تامن الدنيا هي الخوانه
ما عاد يعرف صدقها من اكذوبها
يا صاح ما تصغي لحي دائم
لو طاب عيش كدرت مشروبها
اشوف ما احد من غثاها سالم
كل بوجهه مفقع ضاروبها
يخاف راعي المال يوخذ ماله
في هرجة بعض الوشاة مشوا بها
ومقلها يخاف موت الفاقه
بهمومها واكدارها وتعوبها
وكل أناس سوف تدخل بينهم .. دويهية تصفر منها الأنامل
وهذا حس شاعر نافذ، ورأي مجرب حصيف وقول مطلع على أحوال الناس، فإن الغني قلق والفقير مكتئب، لا يكاد يوجد مستريح في دنيانا، هناك من يحمل هم الآخرة ثم الدنيا، وهو العاقل، وهناك من يحمل هم الدنيا فقط.
ولن يزال همه ماثلاً بين عيذنيه ما عاش
ولشاعر نجد وحكيمها حميدان الشويعر:
الدنيا عامرها دامر
ما فيها خير يا عربي
اشوف ظهيري موجعني
منقطع من حد حقبي
وهوجسي تسري بالليل
خوف من موت بطلبي
صدرت وطويت العده
ويعقبني من كان يبي
تعليق