كتاب لا تحزن
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/4.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
نبـعٌ تفـجّـر مـاؤه وتحـدّرا = وسقى وأروى في السهول وفي الذرى
فاشرب هنيئًا ما شربت، وعش به = عمرًا، ودلَّ على المنـافع مـن ترى
فالنّـاس تجهلُ في الحيـاة معارفًا = شتّى ولو علمت بـما تـحت الثرى
فـإذا أتاك المرءُ يعـلم جـهلـه = ويبيع ، محتسـبًا فوائـد ما اشـترى
ويقول إن عدم الإجابة مادريــــت = (م) فهـل لنـا في هـذه أن نعـذرا
فاعلم بأنك في رحــاب معـلمٍ = مـلأ الزمــان تـدبراً وتفـكـراً
أمّـا إذا أخـذ الحيــاة لغايـةٍ = دنيـا وأصحر في هـواه وأبـحـرا
وإذا تطامن للمعـارف ســاعةٍ = أزرى وأقبـل في الحــديث و أدبرا
يهبُ الـجواب لكل أمـرٍ شائكٍ = جهلاً وإن ســمع الحسـيس تنمّرا
فاعلم بأنك في ضيـافة عـاجـزٍ = لو قال أدري في الحقيقــة ما درى
فلذاك أشـوه للبصير مـن العمى = ولذاك أجدر أن يُعـاب ويـزجـرا
والكوكب الأرضيُّ سـاح تناقضٍ = مـا إن يكون الـجهد فيـه تبعثرا
لو كان يملك فـي الخليقـة أمره = لرمى بنـا مـن حـرفـه وتفجـرا
فحيـاتنا الدنيـا بـه محمومـةٌ = والعيب يســري في المدائن والقرى
إنّـا جميعـًا في خضم معيشــةٍ = ثقلت مؤونتـها ويا ضعف العـرى
هي بالشجـون وبالـهموم مليئةٌ = والســعد فيـها ما أقـلّ وأنـدرا
كسرت قوى كسرى وأفنت جنده = قسـراً وأقصت بالنـوائب قيصـرا
فيها معانٍ سـاميات أُشبعت موتًا = وأخــرى أَشــبعنَّ الأعـصـرا
اليأس والإحبـاط والحقد الـذي = منـه تعـكّر صفـوها وتـكـدرا
والجهل ما أعتـاه شـرٌ مهـلكٌ = إن لم نـحـاربـه نـما وتـجذرا
منـه البـلاء وأصل كل مصيبـةٍ = منه وهـل تجفـو الجـهالة منـكرا؟
والهمّ يغدو بالســرور إذا غـدا = جهراً ، ويسري بالسرور إذا سـرى
والحزن إن همـّت يـداك بحاجـةٍ = أردى يديك لتشــغلن بما جـرى
مـا عاش حـرًّا من غدا متـذمرًا = من جـور مايطرا عليـه ومـا طرا
يحصي الهموم فـلا يغادر واحـداً = منها وأعظمها يســاوي الأحقـرا
إن لم يجد همًّا يـكدّر عيـشــه = فمـن التذمّـر والبـكاء تـذمرا
والحق أن شفـاء هذي المعضلات = (م) الغائرات الجُـرح بـات ميســرا
أوما ترى أن الفـؤاد إذا تطلّع = (م) في الشــرور طـغى بـها وتجبرا
كالماء إن عدم الحرارة يكـتسـى = حـدًّا يضـاهي في المضـاء الخنـجرا
والطين إن عـدم الميـاه تحجـرا = والظرب إن عـدم الســحابة أقفرا
فـإذا همت عجلى على أكنـافه = دبت بــه روح الجمــال وأزهرا
ويعود بعد الجدّب روضًا أخضـرًا = وكأنه مــا كان أجـرد أغـبـرا
وإذا تعهـده العهـاد لفـتـرةٍ = صارت ســواقيه الصغـيرة أنـهرا
فيؤوب فيـه الطير بعـد تـفرقٍ = ما كاد حـالك ليلـه أن يســفرا
وتعود صادحـة على أفنـانـها = جذلى ويصبـح كل غـصن مـنبرا
أوبعد هذا للتصحر في الحقـــول = (م) حقيقــةٌ أم ذاك في هجس الكرى؟
ولأنت أدرى، إنما جدب العقول = (م) أشـدّ من جدب الحقـول تأثرا
فاقرأ تعيـد إلى شـفاهك بسمةً = هجـرت ومـا أولى لـها أن تهجرا
وتعهد القلب الحنـون بمثلـهـا = أوليـس قلبك بالعنـاية أجــدرا؟
واحمد لمن صنـع الجميل جميـله = واســجد لربك شــاكرا ومكبّرا[/poem]
أ. د. ظافر بن علي القرني
جامعة الملك سعود
كلية الهندسة
أطلعني فضيلة الدكتور عائض بن عبدالله القرني على كتابه: "لا تحزن" قبل طباعته، فكتبت إليه بهذه القصيدة التي عنونتها آنذاك بـ "الكتاب في عصر الآلة"، وهي منشورة في ديوان: "الوطن البعد الذي لا يقاس"، نادي الباحة الأدبي، 1422هـ (2001م). قيلت القصيدة عام 1417هـ، وأضيفت هنا في 10/9/1428هـ (22/9/2007م).
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/4.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
نبـعٌ تفـجّـر مـاؤه وتحـدّرا = وسقى وأروى في السهول وفي الذرى
فاشرب هنيئًا ما شربت، وعش به = عمرًا، ودلَّ على المنـافع مـن ترى
فالنّـاس تجهلُ في الحيـاة معارفًا = شتّى ولو علمت بـما تـحت الثرى
فـإذا أتاك المرءُ يعـلم جـهلـه = ويبيع ، محتسـبًا فوائـد ما اشـترى
ويقول إن عدم الإجابة مادريــــت = (م) فهـل لنـا في هـذه أن نعـذرا
فاعلم بأنك في رحــاب معـلمٍ = مـلأ الزمــان تـدبراً وتفـكـراً
أمّـا إذا أخـذ الحيــاة لغايـةٍ = دنيـا وأصحر في هـواه وأبـحـرا
وإذا تطامن للمعـارف ســاعةٍ = أزرى وأقبـل في الحــديث و أدبرا
يهبُ الـجواب لكل أمـرٍ شائكٍ = جهلاً وإن ســمع الحسـيس تنمّرا
فاعلم بأنك في ضيـافة عـاجـزٍ = لو قال أدري في الحقيقــة ما درى
فلذاك أشـوه للبصير مـن العمى = ولذاك أجدر أن يُعـاب ويـزجـرا
والكوكب الأرضيُّ سـاح تناقضٍ = مـا إن يكون الـجهد فيـه تبعثرا
لو كان يملك فـي الخليقـة أمره = لرمى بنـا مـن حـرفـه وتفجـرا
فحيـاتنا الدنيـا بـه محمومـةٌ = والعيب يســري في المدائن والقرى
إنّـا جميعـًا في خضم معيشــةٍ = ثقلت مؤونتـها ويا ضعف العـرى
هي بالشجـون وبالـهموم مليئةٌ = والســعد فيـها ما أقـلّ وأنـدرا
كسرت قوى كسرى وأفنت جنده = قسـراً وأقصت بالنـوائب قيصـرا
فيها معانٍ سـاميات أُشبعت موتًا = وأخــرى أَشــبعنَّ الأعـصـرا
اليأس والإحبـاط والحقد الـذي = منـه تعـكّر صفـوها وتـكـدرا
والجهل ما أعتـاه شـرٌ مهـلكٌ = إن لم نـحـاربـه نـما وتـجذرا
منـه البـلاء وأصل كل مصيبـةٍ = منه وهـل تجفـو الجـهالة منـكرا؟
والهمّ يغدو بالســرور إذا غـدا = جهراً ، ويسري بالسرور إذا سـرى
والحزن إن همـّت يـداك بحاجـةٍ = أردى يديك لتشــغلن بما جـرى
مـا عاش حـرًّا من غدا متـذمرًا = من جـور مايطرا عليـه ومـا طرا
يحصي الهموم فـلا يغادر واحـداً = منها وأعظمها يســاوي الأحقـرا
إن لم يجد همًّا يـكدّر عيـشــه = فمـن التذمّـر والبـكاء تـذمرا
والحق أن شفـاء هذي المعضلات = (م) الغائرات الجُـرح بـات ميســرا
أوما ترى أن الفـؤاد إذا تطلّع = (م) في الشــرور طـغى بـها وتجبرا
كالماء إن عدم الحرارة يكـتسـى = حـدًّا يضـاهي في المضـاء الخنـجرا
والطين إن عـدم الميـاه تحجـرا = والظرب إن عـدم الســحابة أقفرا
فـإذا همت عجلى على أكنـافه = دبت بــه روح الجمــال وأزهرا
ويعود بعد الجدّب روضًا أخضـرًا = وكأنه مــا كان أجـرد أغـبـرا
وإذا تعهـده العهـاد لفـتـرةٍ = صارت ســواقيه الصغـيرة أنـهرا
فيؤوب فيـه الطير بعـد تـفرقٍ = ما كاد حـالك ليلـه أن يســفرا
وتعود صادحـة على أفنـانـها = جذلى ويصبـح كل غـصن مـنبرا
أوبعد هذا للتصحر في الحقـــول = (م) حقيقــةٌ أم ذاك في هجس الكرى؟
ولأنت أدرى، إنما جدب العقول = (م) أشـدّ من جدب الحقـول تأثرا
فاقرأ تعيـد إلى شـفاهك بسمةً = هجـرت ومـا أولى لـها أن تهجرا
وتعهد القلب الحنـون بمثلـهـا = أوليـس قلبك بالعنـاية أجــدرا؟
واحمد لمن صنـع الجميل جميـله = واســجد لربك شــاكرا ومكبّرا[/poem]
أ. د. ظافر بن علي القرني
جامعة الملك سعود
كلية الهندسة
أطلعني فضيلة الدكتور عائض بن عبدالله القرني على كتابه: "لا تحزن" قبل طباعته، فكتبت إليه بهذه القصيدة التي عنونتها آنذاك بـ "الكتاب في عصر الآلة"، وهي منشورة في ديوان: "الوطن البعد الذي لا يقاس"، نادي الباحة الأدبي، 1422هـ (2001م). قيلت القصيدة عام 1417هـ، وأضيفت هنا في 10/9/1428هـ (22/9/2007م).