بين عقلين
كتب إلى صديقه قائلاً:
بيني وبينك يا صديقي ألف عام.. ألف عام من السير.. ألف عام من الشمس والضوء.. ألف عام من الليل والنهار.. ألف عام من اللغة والتفكير والانسجام.
إذاً لن نلتقي يا صديقي.. فمهما اجتمعنا فإننا متفرقان!! مهما اتفقنا فإننا مختلفان.. مهما تحدثنا فإننا صامتان.. مهما اقتربنا فإننا مبتعدان.
أنت عالم وأنا عالم.. أنت كوكب بعيد وأنا كوكب أبعد.. نلتقي عبر مسارات أفلاكنا ونتقابل بفعل كيمياء الحياة، ولكننا كل في فلكه يدور وفي عزلته يتحرك.
لا أستطيع ان أخدع نفسي كما تفعل، لا أستطيع أن أكذب كما تفعل، لا أستطيع أن ألون لغتي كما تفعل، لا أستطيع أن أضحك وقت البكاء، لا أستطيع أن أحب وقت الكره، لا أستطيع ان أجامل وقت الصدق.
لا أملك في فمي أكثر من لسان، ولا في رأسي أكثر من عينين ولا أكثر من أذنين.
لا أسمع إلا الأصوات نفسها، ولا أرى إلا الأشياء نفسها.
ليس في رأسي جهاز يستقبل أكثر من جهة ويرسل في الوقت نفسه إلى أكثر من جهة.
إني لا أظن أن للمرء خياراً في تحديد شخصيته فهو يولد بها وما يحيط بها من مؤثرات في التقاليد والقيم ليست هي التي بالضرورة تبنيها كما يشاء المرء، أو كما يراد له. صحيح ان لها تأثيراً في ثقافته وربما أيضاً في سلوكه ولكن تأثيرها ضعيف في بنائه الداخلي المتشكل وفق قوانينه الوراثية.. لذا يا صديقي فالاختلاف موجود في البذرة لا في النشأة والتربية فحسب.
كم كنت أتمنى ان أكون قادراً على التكيف، والتأقلم وفق الأجواء والمناخات وإن كان ذلك في علم الأخلاق يعتبر تلوناً وسلوكاً "حربائياً" ولكن المرء ذا اللون الواحد يواجه أكثر من صعوبة بسبب لونه الواحد وزيه الواحد ومبدئه الواحد..
إذا كنت لا تستطيع أن تبطن ما تظهر، ولا أن تظهر غير ما تبطن فأنت كلوحة واحدة واضحة الألوان والتقاسيم، والملامح الفنية ولا يقف أمامها المتأمل محتاراً في تفسيرها، وإنما قد يقف مجلاً لروعتها إن كانت رائعة.
أما الشخصية المتلونة فهي كزجاجة مكعبة الأضلاع أمام أشعة الشمس تعطي لوناً مختلفاً عند كل حركة.. ولكنه ذلك البريق الخادع الذي لا وجود له إلا في هذا التموج الوهمي في العين.
أرأيت يا صديقي مسافة الخلف بيننا والمساحة الشاسعة التي تفصل كل واحد منا عن صاحبه رغماً عن تقارب الأجساد.. فالمسافة الواسعة الشاسعة هي في التفكير والرؤية والموقف والمبدأ.
يا صديقي لن تكون أنت أنا، ولن أكون أنا أنت!! حتى وإن كنت صديقي فالرحمة والحب الإنساني لا يضيق به الصدر.. فإذا كان لك مكان في القلب عامر بالمحبة، فلن يكون لك مكان في العقل عامر بالتوافق.
ــــــــــــــــــــــ
منقول
بيني وبينك يا صديقي ألف عام.. ألف عام من السير.. ألف عام من الشمس والضوء.. ألف عام من الليل والنهار.. ألف عام من اللغة والتفكير والانسجام.
إذاً لن نلتقي يا صديقي.. فمهما اجتمعنا فإننا متفرقان!! مهما اتفقنا فإننا مختلفان.. مهما تحدثنا فإننا صامتان.. مهما اقتربنا فإننا مبتعدان.
أنت عالم وأنا عالم.. أنت كوكب بعيد وأنا كوكب أبعد.. نلتقي عبر مسارات أفلاكنا ونتقابل بفعل كيمياء الحياة، ولكننا كل في فلكه يدور وفي عزلته يتحرك.
لا أستطيع ان أخدع نفسي كما تفعل، لا أستطيع أن أكذب كما تفعل، لا أستطيع أن ألون لغتي كما تفعل، لا أستطيع أن أضحك وقت البكاء، لا أستطيع أن أحب وقت الكره، لا أستطيع ان أجامل وقت الصدق.
لا أملك في فمي أكثر من لسان، ولا في رأسي أكثر من عينين ولا أكثر من أذنين.
لا أسمع إلا الأصوات نفسها، ولا أرى إلا الأشياء نفسها.
ليس في رأسي جهاز يستقبل أكثر من جهة ويرسل في الوقت نفسه إلى أكثر من جهة.
إني لا أظن أن للمرء خياراً في تحديد شخصيته فهو يولد بها وما يحيط بها من مؤثرات في التقاليد والقيم ليست هي التي بالضرورة تبنيها كما يشاء المرء، أو كما يراد له. صحيح ان لها تأثيراً في ثقافته وربما أيضاً في سلوكه ولكن تأثيرها ضعيف في بنائه الداخلي المتشكل وفق قوانينه الوراثية.. لذا يا صديقي فالاختلاف موجود في البذرة لا في النشأة والتربية فحسب.
كم كنت أتمنى ان أكون قادراً على التكيف، والتأقلم وفق الأجواء والمناخات وإن كان ذلك في علم الأخلاق يعتبر تلوناً وسلوكاً "حربائياً" ولكن المرء ذا اللون الواحد يواجه أكثر من صعوبة بسبب لونه الواحد وزيه الواحد ومبدئه الواحد..
إذا كنت لا تستطيع أن تبطن ما تظهر، ولا أن تظهر غير ما تبطن فأنت كلوحة واحدة واضحة الألوان والتقاسيم، والملامح الفنية ولا يقف أمامها المتأمل محتاراً في تفسيرها، وإنما قد يقف مجلاً لروعتها إن كانت رائعة.
أما الشخصية المتلونة فهي كزجاجة مكعبة الأضلاع أمام أشعة الشمس تعطي لوناً مختلفاً عند كل حركة.. ولكنه ذلك البريق الخادع الذي لا وجود له إلا في هذا التموج الوهمي في العين.
أرأيت يا صديقي مسافة الخلف بيننا والمساحة الشاسعة التي تفصل كل واحد منا عن صاحبه رغماً عن تقارب الأجساد.. فالمسافة الواسعة الشاسعة هي في التفكير والرؤية والموقف والمبدأ.
يا صديقي لن تكون أنت أنا، ولن أكون أنا أنت!! حتى وإن كنت صديقي فالرحمة والحب الإنساني لا يضيق به الصدر.. فإذا كان لك مكان في القلب عامر بالمحبة، فلن يكون لك مكان في العقل عامر بالتوافق.
ــــــــــــــــــــــ
منقول
تعليق