غذاؤُكُم ترعاهُ أيدٍ..فضائيَّة!
كتبها..صالح جريبيع الزهراني
ما وجه الشَّبَه بين هيئة الأمم المتحدة وهيئة الغذاء والدواء؟!..
الجواب : أن الأولى تشجب وتستنكر فقط..والثانية تحذر فقط..
وبما أن المسألة لا تتعدى التنديد والتنبيه..فإنني أقترح تعيين(بان كي مون) رئيساً لهيئة غذائنا ودوائنا بعد تقاعده من الأمم المتحدة..فهو رجل خبير جداً في التنديدات..بالإضافة إلى أنه رجل مشهور ومعروف بين السعوديين..في حين لا يعرف السعوديون هيئة الغذاء والدواء نفسها ولا رئيسها ولا دورها ولا يرون أثرها ولا يقرأون تحذيراتها..
فهي أشبه بالجن..وربما تكون كائناً فضائياً..نسمع بهم ولا نراهم..والأثر الذي نستطيع القبض عليه لندرك وجودهم هو زيادة انتشار الأمراض بيننا كلما زادت تحذيرات الكائنات الفضائية..والحقيقة أن وجودها ليس كعدمها..بل..إن وجودها مضر..ربما..أكثر..فنحن نظن ونجزم بأن الدولة لم تنشئها إلا لتحمي الناس من السموم وتأخذ على يدي من يقدمها لهم..ولم تنشئها لتقول لكل متلاعبٍ بصحتنا : ( عيب يا شاطر ).
إنها حين تكتفي بالتحذير في إعلان مقتضب على صفحتها أو حتى عبر الصحف فكأنما تقول لنا بشكل غير مباشر : ( بكيفكم )..اللهم حذرت اللهم فاشهد..مثل واعظ تنتهي مسؤوليته بانتهاء موعظته..وليست جهازاً حكومياً معنياً بشكل مباشر بمنع ومصادرة أي غذاء أو دواء فيه أثر وضرر..حتى لو كان محتملاً فقط..على صحتنا!!
وهنا تبرز مجموعة من الأسئلة..عن مدى صلاحيات هيئة الغذاء والدواء الفضائية..ومجال عملها وطبيعته..وعن مختبراتها وإمكاناتها المادية والبشرية..لكن أخطر سؤال يتعلق بها على الإطلاق..ولا أعرف إجابته..هو : هل الاكتفاء بالتحذير من المنتج الفلاني والدواء العلّاني وعدم شطبه وسحبه من الأسواق له علاقة بسلطة المال وضعف النفوس والواسطات؟! ويتم تمرير (بلاوي متلتلة)من خلال بعض أعضاء هذه الهيئة؟! أم أن دور الهيئة ينتهي بالتحذير والوعظ فقط؟!.
في الحقيقة لا أعرف.. لكن ما أعرفه..أن مثل هذه الهيئات الرقابية لا تسمح مطلقاً بوجود أي منتج فيه خطر على صحة الإنسان..حتى وإن كان من باب الاحتمال..خاصة الدواء..ولكن ما نجده في الواقع أن الهيئة تحذر وتحذر وتحذر والأسواق تغرق أكثر بمنتجات غذائية رديئة ومهلكة.. وجرذان الأرض كما أسمتهم بريطانيا(البنقالية) والعطارين والخبازين والمطاعم ومعامل الغذاء (وحقّون السوبياء)(مأخذين راحتهم) على الآخر..
فمن اللحوم البيضاء والحمراء الفاسدة في المطاعم ولحوم الحمير والكلاب..إلى زيوت السيارات المستخدمة في القلي..إلى المعلبات والرقائق المسرطنة..إلى الأرز الهندي المصنوع من القطن والنشاء و(الكراتين)ومجموعة مختارة من الزبالة الهندية الفاخرة..مروراً بالصابون المصنوع من مخلفات المطاعم..وخلطات الفحولة..والبصقات المقدسة المخلوطة مع الزيت ومع فيروسات الكبد الوبائي..وخلطات تبييض الرُّكب والمؤخرة..والمواد منتهية الصلاحية..وانتهاءً بمستحضرات التجميل من (أبو ريالين)..والعطور المقلَّدة..والمياه الملوّثة..والأدوية( المضروبة)..وسوبياء بقايا الأفران المنقّعة بالماء في بانيو الحمّامات.
إن من يزور موقع الهيئة يجد سيلاً من التحذيرات..يدل على أننا في خطر حقيقي متعلق بما نأكل وما نشرب وما نستخدم في مختلف أوجه الحياة..وسيدرك أيضاً أن هيئة التحذير لا وجود لها في شارعنا ومطاعمنا وصيدلياتنا..وأنه يجب علينا أن نكون خبراء تغذية وخبراء عطور وخبراء تجميل وأطباء وصيادلة لنقرر ما يصلح وما لا يصلح لنا..
والسؤال الكبير الذي لا بدَّ من طرحه : ( ما الجهة المسؤولة عن غذائنا ودوائنا ؟! )..ما الجهة المسؤولة عن غذائنا ودوائنا حقاً ؟! فلقد ضاعت صحتنا وتفرق دمها بين قبائل البلدية والتجارة والصحة والجمارك والزراعة والمياه وهيئة الغذاء والدواء وهيئة المواصفات والمقاييس والدفاع المدني ووزارة العمل وهيئة حماية المستهلك..وكلٌّ يلقي بالحمل على الآخر ويتهرب من مسؤولياته..أو يظهر من بين مراقبي هذه الجهات بعض الخونة لوطنهم ومواطينهم فيدسُّ في جيبه ثمناً زهيداً لصمته..وهو نفس الثمن لمرضنا وموتنا..وهو نفس الثمن الباهض الذي تدفعه الدولة لتخليص أبداننا من السموم التي سمح بمرورها( ورعٌ ما ) من مراقبي إحدى تلك الجهات.
لماذا كل هذه( اللخبطة)؟! لماذا كل هذا التداخل ؟! لماذا هذا التِّيه الإداري ؟! ألا يمكن أن نمنح كل هذه الصلاحيات لجهة واحدة..يتم دعمها بالكوادر والإمكانات..وتتم متابعتها ومحاسبتها؟!.
ألا يمكن أن تتولى وزارة الصحة مثلاً بمفردها هذه المهمة ؟!..لأن الأطباء وحدهم هم من يدرك حجم خطر الغذاء والدواء على صحتنا..وليس مراقب حاصل على الثانوية العامة..
ثم إن الغرامات المالية والعقوبات الحالية ليست رادعاً كافياً للعابثين بصحتنا..ولو كانت بالملايين..وتصل إلى حدِّ الحرابة.. لارتدع العابثون..وتوقف الراشون والمرتشون..وهل هناك أهم أو أغلى في هذا الكون من الإنسان؟؟؟!!!!
صالح جريبيع الزهراني
كتبها..صالح جريبيع الزهراني
ما وجه الشَّبَه بين هيئة الأمم المتحدة وهيئة الغذاء والدواء؟!..
الجواب : أن الأولى تشجب وتستنكر فقط..والثانية تحذر فقط..
وبما أن المسألة لا تتعدى التنديد والتنبيه..فإنني أقترح تعيين(بان كي مون) رئيساً لهيئة غذائنا ودوائنا بعد تقاعده من الأمم المتحدة..فهو رجل خبير جداً في التنديدات..بالإضافة إلى أنه رجل مشهور ومعروف بين السعوديين..في حين لا يعرف السعوديون هيئة الغذاء والدواء نفسها ولا رئيسها ولا دورها ولا يرون أثرها ولا يقرأون تحذيراتها..
فهي أشبه بالجن..وربما تكون كائناً فضائياً..نسمع بهم ولا نراهم..والأثر الذي نستطيع القبض عليه لندرك وجودهم هو زيادة انتشار الأمراض بيننا كلما زادت تحذيرات الكائنات الفضائية..والحقيقة أن وجودها ليس كعدمها..بل..إن وجودها مضر..ربما..أكثر..فنحن نظن ونجزم بأن الدولة لم تنشئها إلا لتحمي الناس من السموم وتأخذ على يدي من يقدمها لهم..ولم تنشئها لتقول لكل متلاعبٍ بصحتنا : ( عيب يا شاطر ).
إنها حين تكتفي بالتحذير في إعلان مقتضب على صفحتها أو حتى عبر الصحف فكأنما تقول لنا بشكل غير مباشر : ( بكيفكم )..اللهم حذرت اللهم فاشهد..مثل واعظ تنتهي مسؤوليته بانتهاء موعظته..وليست جهازاً حكومياً معنياً بشكل مباشر بمنع ومصادرة أي غذاء أو دواء فيه أثر وضرر..حتى لو كان محتملاً فقط..على صحتنا!!
وهنا تبرز مجموعة من الأسئلة..عن مدى صلاحيات هيئة الغذاء والدواء الفضائية..ومجال عملها وطبيعته..وعن مختبراتها وإمكاناتها المادية والبشرية..لكن أخطر سؤال يتعلق بها على الإطلاق..ولا أعرف إجابته..هو : هل الاكتفاء بالتحذير من المنتج الفلاني والدواء العلّاني وعدم شطبه وسحبه من الأسواق له علاقة بسلطة المال وضعف النفوس والواسطات؟! ويتم تمرير (بلاوي متلتلة)من خلال بعض أعضاء هذه الهيئة؟! أم أن دور الهيئة ينتهي بالتحذير والوعظ فقط؟!.
في الحقيقة لا أعرف.. لكن ما أعرفه..أن مثل هذه الهيئات الرقابية لا تسمح مطلقاً بوجود أي منتج فيه خطر على صحة الإنسان..حتى وإن كان من باب الاحتمال..خاصة الدواء..ولكن ما نجده في الواقع أن الهيئة تحذر وتحذر وتحذر والأسواق تغرق أكثر بمنتجات غذائية رديئة ومهلكة.. وجرذان الأرض كما أسمتهم بريطانيا(البنقالية) والعطارين والخبازين والمطاعم ومعامل الغذاء (وحقّون السوبياء)(مأخذين راحتهم) على الآخر..
فمن اللحوم البيضاء والحمراء الفاسدة في المطاعم ولحوم الحمير والكلاب..إلى زيوت السيارات المستخدمة في القلي..إلى المعلبات والرقائق المسرطنة..إلى الأرز الهندي المصنوع من القطن والنشاء و(الكراتين)ومجموعة مختارة من الزبالة الهندية الفاخرة..مروراً بالصابون المصنوع من مخلفات المطاعم..وخلطات الفحولة..والبصقات المقدسة المخلوطة مع الزيت ومع فيروسات الكبد الوبائي..وخلطات تبييض الرُّكب والمؤخرة..والمواد منتهية الصلاحية..وانتهاءً بمستحضرات التجميل من (أبو ريالين)..والعطور المقلَّدة..والمياه الملوّثة..والأدوية( المضروبة)..وسوبياء بقايا الأفران المنقّعة بالماء في بانيو الحمّامات.
إن من يزور موقع الهيئة يجد سيلاً من التحذيرات..يدل على أننا في خطر حقيقي متعلق بما نأكل وما نشرب وما نستخدم في مختلف أوجه الحياة..وسيدرك أيضاً أن هيئة التحذير لا وجود لها في شارعنا ومطاعمنا وصيدلياتنا..وأنه يجب علينا أن نكون خبراء تغذية وخبراء عطور وخبراء تجميل وأطباء وصيادلة لنقرر ما يصلح وما لا يصلح لنا..
والسؤال الكبير الذي لا بدَّ من طرحه : ( ما الجهة المسؤولة عن غذائنا ودوائنا ؟! )..ما الجهة المسؤولة عن غذائنا ودوائنا حقاً ؟! فلقد ضاعت صحتنا وتفرق دمها بين قبائل البلدية والتجارة والصحة والجمارك والزراعة والمياه وهيئة الغذاء والدواء وهيئة المواصفات والمقاييس والدفاع المدني ووزارة العمل وهيئة حماية المستهلك..وكلٌّ يلقي بالحمل على الآخر ويتهرب من مسؤولياته..أو يظهر من بين مراقبي هذه الجهات بعض الخونة لوطنهم ومواطينهم فيدسُّ في جيبه ثمناً زهيداً لصمته..وهو نفس الثمن لمرضنا وموتنا..وهو نفس الثمن الباهض الذي تدفعه الدولة لتخليص أبداننا من السموم التي سمح بمرورها( ورعٌ ما ) من مراقبي إحدى تلك الجهات.
لماذا كل هذه( اللخبطة)؟! لماذا كل هذا التداخل ؟! لماذا هذا التِّيه الإداري ؟! ألا يمكن أن نمنح كل هذه الصلاحيات لجهة واحدة..يتم دعمها بالكوادر والإمكانات..وتتم متابعتها ومحاسبتها؟!.
ألا يمكن أن تتولى وزارة الصحة مثلاً بمفردها هذه المهمة ؟!..لأن الأطباء وحدهم هم من يدرك حجم خطر الغذاء والدواء على صحتنا..وليس مراقب حاصل على الثانوية العامة..
ثم إن الغرامات المالية والعقوبات الحالية ليست رادعاً كافياً للعابثين بصحتنا..ولو كانت بالملايين..وتصل إلى حدِّ الحرابة.. لارتدع العابثون..وتوقف الراشون والمرتشون..وهل هناك أهم أو أغلى في هذا الكون من الإنسان؟؟؟!!!!
صالح جريبيع الزهراني
تعليق