• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مداواة النفس - الفتور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مداواة النفس - الفتور

    مداواة النفس - الفتور



    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً كثيراً إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
    فها نحن مع درس آخر من دروس مداواة النفوس، نسعى فيها لتزكية نفوسنا وتهذيب أخلاقنا وحمل أنفسنا إلى الله سبحانه وتعالى على الوجه الذي أمرنا سبحانه وتعالى به.

    وفي هذا الدرس نقف مع مرض من أمراض النفوس لطالما انتشر، وعم وكثر، فما أنت راء من جماعة إلا وقد دبّ فيهم هذا، بل حتى على مستوى الأفراد، كثيراً ما يعرض هذا المرض على السالك إلى الله عز وجل والسائر إليه.

    تعريف المرض:
    أيها الإخوة، أقف وإياكم في هذا الدرس مع مرض الفتور، فتور النفس عن السير إلى الله، وضعف الهمة والإقبال على طاعة الله، وقلة الأعمال الصالحة، وكثرة التوسع في المباحات والاشتغال بما لا ينفع، ثم الوقوع في الصغائر، ثم شيئاً فشيئاً إلى الانتكاس - والعياذ بالله - يُقال للشيء فتر: إذا انكسرت حدته، ولانَ بعد شدته، وضعف بعد قوته.

    علامات المرض:
    وحتى نفهم هذا المرض أكثر، فإن له مظاهرَ تبدو على صاحبه المريض به، فمن ذلك: الكسل والتراخي بعد النشاط والجد، فيكون جاداً نشيطاً عاملاً بطاعة الله، داعياً إلى الله، ملازماً للخير، ثم يبدأ ويكسل، ويتأخر، فإذا به يتأخر عن الجماعات وإذا به يتخلف عن حلقات العلم والمحاضرات، وإذ به يتراجع عن مراجعة القرآن، وهكذا شيئاً فشيئاً، فإن بدأ هذا فهو بداية الفتور.

    من مظاهره: التثاقل والإخبات إلى الراحة والكسل، فبعد أن كان نشيطاً في الخير والسعي فيه، أصبح يحب أن يرتاح، وأن لا يتولى مسئولية، وأن لا يُكلف بعمل بل كثيراً ما يحب أن يتوسع في المباحات، فيرغب في البرامج والأوقات المرحة التي فيها الراحة والدعة والإخلاد إلى الأرض، ولا يشارك في عمل أو في عبادة جادة تحتاج منه إلى جهد.

    من مظاهر هذا المرض مع تعصيه وشدته: الانقطاع فينقطع عن الخير، ينقطع عن صلاة الجماعة، ينقطع عن مجالس العلم، ينقطع عن صلاة الفجر، ينقطع عن الاستقامة بالكلية - والعياذ بالله -.

    ذم هذا المرض:
    أيها الأخوة، هذا مرض لا شك أنه موجود بيننا بكثرة، بل ما منا من رجل إلا ويعرض له هذا المرض، وعروض هذا الشيء ليس داءٍ في حد ذاته، بل هو أمر لابد منه، كما قال ابن القيم رحمه الله، لكن المشكلة إذا استشرى في الإنسان هذا المرض، واستمرأه، وأصبح طبعه وعادته، فهنا يصبح مرضاً لابد من علاجه.

    لنقف عند هذه الأحاديث حتى نفهم متى يكون هذا الأمر طبيعياً؟، ومتى يكون دخل في حيّز المرض؟ يقول عليه الصلاة والسلام كما عند البيهقي من حديث عبد الله بن عمر: (إن لكل عمل شرة - يعني نشاط وجد - ولكل شرة فترة، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى - يعني من فتر لكن ما زال في حدود هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وطريقته - ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك) لنفهم معنى (فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى) من خلال الحديث الثاني، وهو حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند الترمذي، يقول عليه الصلاة والسلام: (إن لكل شيء شرة، ولكل شرة فترة، فإن صاحبها سدد وقارب فارجوه، وإن أُشير إليه بالأصابع فلا تعدوه) يعني - والله أعلم - إن كان هذا الرجل يسدد ويقارب ويحاول ويجاهد، ويحضر تارة ويتغيب تارة، ويجتهد في أن لا يتخلف كثيراً عن الطاعة وعن الخير، وعن الدعوة، فهذا أرجوه، وإن ترك الحبل على الغارب، وأهمل نفسه، ولم يحاسبها، حتى أُشير إليه بالأصابع بأن قيل: فلان فتن، فلان انقلب، فلان انتكس، فهنا هذا لا تعدوه - نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة -، وفي حديث الطبراني يقول صلى الله عليه وسلم: (تلك ضرورة الإسلام وشرته، ولكل عمل شرة، فمن كان فترته إلى اقتصاد، فنعمّا هو، ومن كانت إلى المعاصي، فأولئك هم الهالكون) يعني الذي يضعف لكن لا يخرج إلى حيز المعصية، يضعف لكن لا يخرج إلى حيز ترك الفريضة، فترته في ترك بعض النوافل، في ترك بعض الصالحات، فهذا يُرجى له الخير، أما من فتر حتى وقع في المعاصي، وحتى ترك الفرائض، فهذا الذي قد هلك وانتكس - والعياذ بالله -.

    يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: " فتخلي فترات للسالكين أمر لازم لابد منه، فمن كان فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه عن فرض، ولم تدخله في محرّم، رُجي له أن يعود خيراً مما كان، مع أن العبادة المحببة إلى الله سبحانه هي ما داوم العبد عليها"، لذلك استعذ دائماً من الكسل، كما كان صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أنس يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الكسل) استعذ بالله من الكسل؛ لأن الكسل شر، ومع هذا، فمن تكاسل منا فليتق الله عز وجل، ولا يترك أمور الفرائض أو يقع في أمور الحرام، فإن كان كذلك، فقد انتكس - والعياذ بالله! -.

    أيها الأخوة، كل هذا يدعونا إلى أن يكون بيننا وبين الفرائض أسوار كثيرة من النوافل، حتى إذا تهدم أول سور، وسقط ثاني سور، بقيت الفرائض في مأمن، أما الذي لا يفعل إلا الفريضة، ولا يترك إلا الحرام، فهذا يُخشى إذا فتر أن يفرط في الفريضة، وأن يقع في الحرام.

    أسباب المرض:
    لمرض الفتور عدة أسباب، منها: السبب الأول: غلو وتشدد، فأحياناً - للأسف - يكون السالك إلى الله يأخذ بنفسه بقوة وشدة، ويريد أن يحفظ كثيراً من القرآن، فينقطع، ويريد أن يقوم ساعات من الليل، فينقطع، مع أن النفس لا تأتي إلا بالتدرج، شيئاً شيئاً من الخير، فإذا بدأ في هدايته بالشدة، فإنه سيؤدي به هذا إلى الانقطاع، وانظر لكثير من الذين انتكسوا، أو فتروا، وما زالوا في فتورهم ستجد أن كثيراً منهم كانت بداياتهم شديدة جداً وغالية.

    أيها الأخوة، إن هذا الدين يسر، (ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فاستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) هكذا قال صلى الله عليه وسلم، إن ثلاثة نفر تقالوا عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وانظر لهذا المرض، أن يتقال الإنسان هدي الرسول صلى الله علي وسلم، فقال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم ولا أنام، وقال الآخر: وأما أنا، فلا أتزوج النساء، انظر كيف حرموا أنفسهم من الطيبات، وانحرفوا عن جادة السبيل، فقال عليه الصلاة والسلام: (أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) كل من خرج عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لا شك أنه سيقع في الخطأ، ليس معنى هذا أن الإنسان يبدأ بداية سهلة ومتراخية في الخير، لا، ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [مريم: 12]، لكن هذه القوة تعني أن تتدرج بنفسك في الطاعة، فتتدرج لكن بقوة وعزيمة، فإذا بدأت أول درجة فبقوة، ولا تستعجل الدرجة الثانية، فإن انتقلت إلى الدرجة الثانية فبقوة، مثلاً الذي يحفظ القرآن، يقال له: احفظ، فليحفظ بداية ثلاثة أسطر، لكن احفظها بقوة، وبضبط لا يتكاسل فيها، ثم ليرفعها أكثر، وليتقنها، وهكذا.

    إن من أسباب الفتور - أيها الأخوة -: العزلة والانفراد؛ فيبتعد الإنسان عن المجموعة، ولما نقول المجموعة نقصد المجموعة الجادة؛ لأن بعض المجموعات - للأسف - وجودك فيها فتور، وهي تزيدك تثبيطاً ويأساً، لا نقصد هذه!، لكن متى ما ابتعد الإنسان عن الجماعة الجادة العاملة، وانعزل بنفسه، أو انخرط في جماعة متثاقلة، فإنه سيفتر عن طاعة الله عز وجل، يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليزم الجماعة) رواه أحمد والترمذي والحاكم.

    أخي في الله، الشيطان مع الواحد، فلا تكن أنت الواحد، الزم الجماعة، ومعهم تتقوى شيئاً فشيئاً في الخير.
    من أسباب الفتور: ضعف العبادة، والتوسع في المباحات، يبدأ يقلل في النوافل، يبدأ يوسع لنفسه في المباحات، فيجلس في مجالس ما كان يجلس فيها، ويقضي أوقاتاً في أشياء لا فائدة منها، ويقرأ في أشياء ليست بها منفعة، ويعمل أعمالاً ليس فيها كثير أجر، ويقلل من نوافل قراءة القرآن ونوافل الصلاة، ونوافل الصيام، ويتوسع في المباحات، ثم يتوسع بعد ذلك في الصغائر، ثم يترك بعد ذلك الفرائض، ويقع في الحرام.

    أخي في الله، العبادة هي الحصن الحصين الذي تحفظ به إيمانك، والنوافل تحفظ الفرائض، فمتى ما بدأت تقلل من النوافل، فهذا دليل على أنك ستقلل من الفرائض، وترك الصغائر حصن من الحرام، ومتى ما بدأت تتوسع في الصغائر فهذا دليل أنك تسلك طريقًا للوقوع في الحرام، فانتبه لنفسك مبكراً، أول ما يبدأ المؤشر يُظهر لك تناقص في الطاعة، وتوسع في حب المباح، و وتهاون في الصغائر أكثر مما كان، فإن المؤشر يشير إلى أنك بدأت في الفتور.

    آثار المرض:
    إن من آثار الفتور المخيفة: ترك الفريضة والوقوع في المعصية، أي الانتكاس، ينتكس الإنسان عن جادة السبيل، كان مستقيماً، كان حريصًا على الخير، كان من السباقين إلى الصف الأول، كان من الدعاة المعروفين إلى الله، ثم فجأة بعد سنوات، تستعجب لما تراه لا يكاد يقيم فرضاً، هذا أثر خطير جداً من آثار الفتور الانتكاس والرجوع عن الحق، وخذ مثالاً: لما بدأ رمضان كنا في نشاط شديد، والآن وقد توسطنا في رمضان انظر ما الذي حدث؟ بعضنا كان يقوم ركعات من الليل، وركعات من الضحى؛ لعله الآن تركها، كان يقرأ في ركعة صفحات لعله قلل منها، كان وكان يذكر الله تعالى فبدأ بالفتور.

    أيها الأخوة، ليست المسألة بدايتك ما هي؟ المسألة نهايتك ما هي؟ الأمر ليس بالبدايات كنتُ وكنتُ، أهم ما يكون هي الخواتيم، لا تعجبوا بعمل رجل حتى تنظروا ما يُختم له، يقول عليه الصلاة والسلام من حديث أنس رضي الله عنه: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله) قيل: كيف يستعمله؟ قال (يوفقه لعمل صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه)، أخي الكريم: ما الذي أخاف الصالحين، أخافهم سوء الختام، يخافون أن يُختم لهم بغير ما كانوا عليه من الصالحات ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ: 54].

    إن من آثار الفتور: ضعف سير الدعوة إلى الله، فيضعف الدين، ويضعف أمر الدعوة إلى الله، وإذ بالمساجد وحلقاتها وأنشطتها تفتر أيضاً، وبالتالي يتقوى أهل الشر لأن فلاناً بدأ يتخلف عن أمور الخير، وفلان ترك تذكير الناس، وفلان ترك حلقة القرآن، وفلان تأخر عن الإمامة، فإذا بالشر يزداد، وإذا بالخير يقل، والناس يقتدون بك، لكن - للأسف - أصبحوا يقتدون بك في التخلف عن الطاعات، وأصبح الخير لا يجد من يدعو إليه، ما الذي سيحدث بعدها؟ لا شك أن المجتمع سيرجع إلى الوراء، نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والعافية.

    علاج المرض:
    أيها الأخوة، ما هو العلاج؟ كيف نعالج فتور أنفسنا قبل أن يستشري بنا هذا المرض، كيف ننجو ونحن الذين نخاف من الله سبحانه وتعالى من الانتكاس، وسوء الختام؟

    إن من أهم العلاجات لهذا المرض: هو الدخول في الدين كافة، لا تشدد على نفسك، ولا تضيق حجم التزامك في أمر معين، فتمله فتترك الدين، لا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً ﴾ [البقرة: 208]، يعني في الإسلام، فخذ من الأعمال الصالحة، واترك المحرمات، وتوسع في بعض المباحات، خذ من المباحات شيئاً بحسب قربك إلى الخير، إن قربت أكثر، فلا تتوسع، وإن ضعفت نفسك، فلا حرج أن تأخذ أكثر من المباح، لكن دون أن تخرج إلى الحرام، يقول الله سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾ [الفرقان: 62]، فأنت اسعَ في عبادة الليل، وفي عبادة النهار، ونوّع؛ تارة صدقة، وتارة صلة رحم، وتارة قرآن وصلاة، وتارة دعوة إلى الله، وجلوس في مجالس العلماء والدعاة، وتارة خلو بنفسك وتذكّر أعمالك السابقة وبكاء وتضرع، وتارة خروج إلى الدعوة إلى الله وسياحة في الأرض، مع مصاحبة بعض الدعاة الأخيار، هكذا جدّد في نفسك الإيمان بتجديد أنواع الطاعات، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإذا أدبرت فألزموها الفرائض " نحن بحاجة لإخواننا المربين أن ينوعوا في برامجهم، لماذا انتكس كثير من الطلبة؟ لأنه - وللأسف - بعض إخواننا المربين لم يعرف إلا نوعاً واحداً من أنواع الاستقامة، مثلاً يحفّظ الطلبة القرآن، دون أن ينتبه لصلاة الضحى، دون أن ينتبه لقيامهم وأخذهم شيئاً من الليل، دون أن ينتبه لوعظهم وزيادة إيمانهم وتفكرهم في الجنة والنار، دون أن يأخذهم إلى عمل دعوي فيجدد فيهم النشاط، أو يفسح عليهم بالمباح، هذا أدى لانتكاس كثير منهم، والسبب هو خطأ المنهج الذي سلكه هذا المربي.

    أخي في الله، داوم على الصالحات، وإذ فترت فلا بد من تعويض، إياك أن تجري عملاً على غير ما كنت عليه وترضى، لا، يقول عليه الصلاة والسلام: (من نام عن حزبه من الليل، أو على شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتب له كأنما قرأه من الليل) فإذا تأخرت عن مراجعة الأمس، فراجع بالغد مراجعة الأمس أيضاً، وإذا فاتك قيام الليل فصله في وقت الضحى، ولا تسمح لنفسك أن تتنازل عن الخير؛ لأنها إن تنازلت ركنت بعد ذلك إلى الراحة وتركت الخير.

    من ذلك - أيها الأخوة - لمعالجة أنفسنا من الفتور: صحبة الأخيار العاملين الدعاة الجادين، صحبة أمثال هؤلاء تزيدك نشاطاً، وتزيدك همة، ولا تنسَ حديث: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك) هذا يجدد في نفسك الإيمان، جلوسك معه وذهابك معه، ومشاركتك معه في الأعمال الجادة يجدد في نفسك النشاط، إن لم تجد هذا فأكثر من القراءة في كتب السلف الصالح، في تراجم العلماء، في تراجم الدعاة، في تراجم الزهاد والعباد والمجاهدين والمتصدقين، اقرأ في أمثال هذه الكتب، فإنها تزيد من نشاطك وهمتك، يقول الله عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111].

    ثالث العلاجات وبه نختم: لا تنس حظك من الإيمان، هذا الجسد إذا كان يتحرك بدون مُولِد داخلي، فإنه سريعاً ما سينقطع، فلا بد أن تشحن نفسك بالشحنات الإيمانية، حتى تستمر في الطاعة، تذكر الموت، اجعله نصب عينيك، لن تتخلف عن الطاعة، شوّق نفسك إلى الجنة وما فيها، خوّف نفسك من النار وعذابها، حاسب نفسك دائماً، إذا خلوت بالليل عند الأسحار فاجعلها ساعات محاسبة، ماذا فعلت؟ ماذا تركت؟ في أي شيء وقعت؟ ثم ذكّر نفسك بالموت والجنة والنار، ثم عاهد نفسك على أن تلتزم الطاعة، هكذا مع كل وقت سحر فلتكن لك شحنة إيمانية بمحاسبة النفس، هذا ابن سماك الواعظ، كان قد حفر في بيته قبراً، فإذا فترت نفسه دخل في القبر وأغلق على نفسه، فإذا طال عليه الأمر وازدادت عليه الوحشة بدأ ينادي ربه ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون 99 - 100]، ثم يفتح القبر ويقول: " ها قد رجعت، فهل ستعمل صالحاً أو لا " فيزداد من الأعمال الصالحة.

    أيها الأخوة، يقول عليه الصلاة والسلام: (ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها) لو تذكرتَ الجنة لازددتَ في طلبها شوقاً وعملاً، ولو تذكرتَ النار لازددتَ منها هرباً وبعداً، فاجعل هذا نصب عينيك، حتى تجلي عن نفسك الفتور، وتجدد في نفسك العزيمة. إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب - يعني: يبلى - فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم.

    نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجدد الأيمان في قلوبنا، وأن يقوي عزائمنا، وأن يرزقنا سبحانه وتعالى الهدى والسداد. اللهم اهدنا وسددنا، اللهم اهدنا وسددنا، اللهم اهدنا وسددنا، اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والممات راحة لنا من كل شر، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم واجعل خير أيامنا يوم نلقاك، لا إله إلا أنت سبحانك، أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين.




  • #2
    يعطيك العافية

    تعليق


    • #3
      شكراً لنقلك الموفق والمفيد ...


      تعليق


      • #4
        مشكور والله يعطيك الف عافيه

        تعليق


        • #5
          مشكور والله يعطيك الف عافيه

          تعليق

          يعمل...
          X