سوانح طبيب
قمحٌ.. أم شعير.. ؟!
د. سلمان بن محمد بن سعيد *
ثمة مقولتين يعرفهما الجميع.. الأولى عندما يأتي الحديث عن جودة شيء ما.. أو الاستفسار
عن أمر ما.. فيأتي بصيغة سؤال: قمحة ولا شعيرة (أمحه ولا شعيره) باعتبار القمح أفضل
من الشعير.. والمقولة الثانية تُعبر عن شيء أو شخص يُستفاد منه.. بل يُنتهز ويستغل.. ومع
ذلك يُذم أو يُلام وينتقد.. فيقال إن هذا الشيء أو الشخص مثل الشعير ماكول(ن) مذموم..
وفي (النت) قرأت ما للشعير من فوائد وقيمة غذائية.. أذكر بعضاً منها: تخفيض
الكولسترول.. علاج أمراض القلب.. علاج الاكتئاب.. علاج ارتفاع السكر والضغط..
يحتوي الشعير على مضادات الأكسدة.. وبذلك يقاوم السرطان.. يحتوي الشعير على الكثير
من الألياف.. ويالتالي يعتبر مهدئاً للقولون وملين.. يحتوي الشعير على الحمض الأميني
المفيد (تربتوفان) وبالنسبة لي تعتبر هذه معلومات جديدة تُرجح كفة الشعير على القمح..
بعكس ماكنا نفهمه من المثل القديم (أمحه ولا شعيره) فأقول (يابخت) الإبل وبقية المواشي..
فهي تأكل غذاءً مفيداً.. وفوائد الشعير تلك (خاصة تخفيض الكولسترول) أريد أن أُركز
عليها هنا.. فثمة زميل (طبيب) يشتكي من السمنة وزيادة الكولسترول.. ويحمل كل الصفات
الصحية السيئة والخطيرة (ريسك فاكتورز) فهو مُدخن شره وأكول نهم.. ولا يقوم بأي
رياضة أو حتى المشي لأمتار قليلة يومياً.. لذا تراكمت في جسمه الدهون وقبلها أو معها
الكولسترول في شرايينه وقلبه وكبده.. ويُريد أن ينقص وزنه بأي طريقة ويتخلص من
الكولسترول الذي أرقه.. باتباع أي نصيحة طبية أو عشبية.. مع احتفاظه بمضغ وابتلاع
(بشراهة) لكل مالذ وطاب من لحوم وأرز وحلويات.. وفي إحدى المرات سمع ان مضغ
البرسيم واستحلابه في الفم يخفض الكولسترول.. فما كان منه إلا أن صدق ذلك.. فأضاف
البرسيم إلى مشترياته (مقاضي البيت) الأسبوعية.. وفي صباح أحد الأيام شاهدته في
استراحة الأطباء أثناء الكوفي بريك.. ويداه الاثنتان مشغولتان وممدودتان إلى فمه.. إحداهما
(بين السبابة والوسطى) تحمل سيجارة مشتعلة.. والأُخرى (الإبهام والسبابة والوسطى)
تحمل وريقات خضراء ندية يُدخلها إلى فمه بعد إخراج السيجارة منه وهو يتبعها بدخان
كثيف أثناء ذلك.. ليمضغها (ويجترها) بعد أن اشتراها من (سوق العلف) وعندما فاجأته
بتحيتي الصباحية.. ارتبك وهو يحاول ابتلاع أو إخراج ما امتلأ به فمه من برسيم كان
يجتره قبل حضوري.. ولم يكن موقف التقائنا القصير في غرفة الأطباء يسمح لي بأن أقول
لزميلي العزيز بأن يتحول من البرسيم إلى الشعير !؟.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.
- مستشار سابق للطب الوقائي
في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية
تعليق