• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حواء ترفل في زينة!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حواء ترفل في زينة!

    حواء ترفل في زينة!


    حوَّاء مولعةٌ بالجمال، والظهور بأبهى حُلَّةٍ، وأجمل طلَّةٍ، يستهويها الحُسن، ويتملَّكُها التزيُّن، ويجذبها الحلي إن وقعت عينها عليه!

    فحوَّاء تفاحة القلب، وريحانة النفس، وأَلَقُ البيت، وشعاع الأمل، ودرَّة الطهر، تتعثَّرُ الكلمات أن ترسم جمالها، وزينة مطلعها!

    فهي ترفل في أزاهير الورد، وميعة الصبا، وتلفُّ معطفها الشتوي على بقايا لوعةٍ، وشظايا قبلةٍ، في بيتٍ تقول فيسمع لها، وتَودُّ فتحقَّقُ أمانيها، ويُتلمس رضاها.

    فالزينة أنثى! فلا تعجب إن وقعت يدك على دفترٍ لها وترى على جنباته قطعةً من رسمٍ، أو لوحةً من نقشٍ، قد حَوَت الجمال، واختصرت الحسن ليسع ظهر كفٍّ أو ساقٍ!

    ولا تعجب إن بقيت تبحث عنها بين أدراج السنين، وسطور الحنين، وبقايا الذكريات، ومجاهل الأيام المتقلبة!

    وحوَّاء في بيت أبيها عطر المجلس، وزهرة المائدة، وروح الحديث، ونبض البيت، ومرح الحياة، تُضربُ دونها الحُجُب، ويُضنُّ بها أن تقع عليها عينٌ لا تَحلُّ، أو تتَطفَّلَ إليها نفسٌ سيئة!

    يقع المعتمد بن عبَّادٍ في الأسر، فتزوره بناته، وقد تغير بهن الحال، ونزل بهن البلاء، فيَعِزُّ عليه أن يراهنَّ وعليهنَّ مظاهر البؤس، وقلَّة الحاجة، فيتنهَّدُ تنهيدةً، ويقول:
    ترى بناتك في الأطمار جائعةً
    يغزلْنَ للناس لا يملكْنَ قطميرا


    نَسِيَ ظلمة السجن، وذلَّ الأسر، وقهر السجَّان، لمَّا رأى بُنيَّاتِه في ملابس رثَّة، وأقدام ٍحافية!

    ويَتشبَّثُ أبو خالد القناني في الحياة، لا رغبة فيها؛ وإنَّما من أجل بُنيَّاتِه الضِّعاف من أن تَحِلَّ بهن صروف الدهر، وعوادي الزمن، وأن يُكسَين العُري، ويشربْنَ الكدر.
    لقد زاد الحياة إليَّ حبًّا
    بناتي، إنهن من الضِّعافِ

    مخافة أن يَريْنَ البؤس بعدي
    وأن يشربْنَ رنقًا بعد صافِ

    وأن يعريْنَ إن كُسِيَ الجواري
    فتنبو العين عن كرمٍ عجافِ


    وحوَّاء في مَخدَعِ الزوجيَّة مليكة لا مملوكة، وشريكة لا قَيْنة، وراعية لا خادمة، تتسنَّمُ الحسن، وتُتوَّجُ بالغبطة والسرور، تُغضي عن حياءٍ، وتسفر عن حبٍّ، وتفصح عن رضًا وسعادةٍ، تملأ عين زوجها، وتأسر قلبه، ويَتَماوجُ منطقها عشقًا ودلالاً، ويتهادى قوامها رقَّةً ونعومةً، ويضوع ريحها عَبَقًا ومسكًا.
    ولو أنَّ قومًا يمَّموكِ لقادَهُمْ
    أريجُكِ حتَّى يستدلَّ بكِ الركبُ


    فتزيُّنُ حوَّاء لآدم لا ترى فيه حوَّاء سوى صورة من صور التَّبعُّل، ولون من ألوان حسن العشرة، جاهدةً أن تَعفَّ زوجها من أن يمتد نظره إلى غيرها من بُنيَّات الطريق، وسارقات الأُلفة!

    إن جمال البيوت بجمال حوَّاء التي تسكنه، وتضفي عليه السعادة والراحة؛ ولذا عبَّر الله عنها بالسكن، وحين يطرق سمعَك: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21] ينتابُك شعور مفعمٌ بالجمال عند قوله تعالى: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾؛ ليرسم صورة حيَّةً تمتدُّ بامتداد الأسرة، وتعاقب الأجيال!

    إنَّ الكوخ الذي يأوي إليه آدم ومعه حوَّاء خير من القصر الذي يتربَّعُ فيه - وإن أُثِّثَ بأرقى الماركات العالمية - وقد خلا منه سكنه ولباسه وفراشه (حوَّاء).

    لمَّا ماتت امرأة أبي ربيعة الفقيه دفنها، ونفض يديه، ثمَّ رجع إلى داره فحوْقل واسترجع، وبكت عيناه، ثمَّ قال يخاطب نفسه: الآن ماتت الدار – أيضًا - يا أبا خالد!!

    فهو لم يرَ رحيلها إلا رحيل تلك الصورة الجميلة التي افتقدها، والجو المفعم بالأمل الذي غاب عنه، وإلقاء الثوب القشيب الذي كان يرتديه، فهو سكنٌ لها، وهي سكنٌ له: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].

    ولفظ اللباس يوحي بالوقاية والدفء، واللصوق والستر، والطهر والغنى، والهدوء والسكينة، والنعيم واللذة، والصيانة والحفظ، والخصوصية والتنوُّع، وهو قبل هذا كلِّه زينة وبهاء؛ ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، قال ابن عباس: إني أحب أن أتزيَّنَ لها كما أُحبُّ أن تَتَزيَّنَ لي؛ لأن الله يقول: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، وما أُحبُّ أن أستنظف - أي: أستخلص - جميع حقي عليها؛ لأن الله يقول: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]؛ [مصنف ابن أبي شيبة].

    إنَّ أقسى شيءٍ على النفس أن تتبدَّل حوَّاء مكانتها المنيفة بمكانةٍ وضيعةٍ، تمتهنُ الرذيلة، وتكتَسي العري، وتُدِلّ بمحاسنها على الباعة والمتجولين، وتُساوم على طُهْرها، وتخرج من خدْرها بعد أنْ ألقت جلباب الحياء، وثوب خَفَرِها عنده!

    فعند ذلك لا تلمْ أحدًا إنْ عافتها نفسه، حتَّى وإن كان يومًا قد عبث بعرضها، وولغ بطهرها؛ فهو لا يريد لعشِّ زوجيَّته إلا فتاة تدثَّرت بالستر، وتشعَّرت بالحياء، ولم يرد المورد قبله أحد.




  • #2
    الله ،،،،،على جمال هالموضوع

    يسلمووو غاليتي ،،،، ذكرتيني
    بلحظة وفاه زوجة -د.سلمان العودة
    وطريقة نعيه لها بتويتر



    شكرا لك ،،،،،، انشالله بس آدم يستوعب هالحكي !!!!!
    Lord knows
    Dreams are hard to follow
    But don't let anyone Tear them away Hold on There will be tomorrow In time
    You'll find the way


    تعليق


    • #3
      مشكور والله يعطيك الف عافيه

      تعليق


      • #4

        تعليق


        • #5
          جزاك الله الجنة ونفع بك
          سلمت يمينك وسلم كلك

          تعليق

          يعمل...
          X