بعض الناس ينتقون الأسوأ دائما، ليس فيما يتعلق ببذله وعطائه، بل
في كل معاملاته! وأسوأ من ذلك من جعل «أمر دينه» أصلا فضلة
في حياته، فلا يعطيه إلا
ما فضل من وقت أو مال أو كلمة أو... أو... إلخ، ويتعامل مع
إسلامه كتعامل ذلك المخطئ في عطائه حين يتيمم الخبيث من ماله
فينفقه على من نقص في عينه وهو عند الله عظيم.
.وعود على ذي بدء، فإن الإسلام لم يكن بدعا في الحث على العطاء
والكرم، بل جاء متمما له بما توارثه الناس فيه، وقد اشتهر كثير من
كرماء العرب وبلغ
ذكرهم مبلغا كبيرا، حتى كان أحدهم من كثر عطائه وكرمه نسي
نفسه فأصابه نحول الجسم، فقال في ذلك:
إني اِمرُؤٌ عافي إِنائِيَ شِركَةٌ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ عافي إِنائِكَ واحِدُ
أَتَهزَأُ مِنّي أَن سَمِنتَ وَأَن تَرى
بِوَجهي شُحوبَ الحَقِّ وَالحَقُّ جاهِدُ
أُقَسِّمُ جِسمي في جُسومٍ كَثيرَةٍ
وَأَحسو قَراحَ الماءِ وَالماءُ بارِدُ يمدح نفسه ويعلل شحوب جسمه
بكثرة الآكلين على مائدته، ويعير من عيره بالشحوب بأنه يأكل بمفرده.
تعليق