الليلة الثانية
... أضناني السهر في هذه الليلة وجفا جفني الرقاد ، وما ذلك لعارض مضنيٌ أو أرق مزري ، بلا والله ، ولكنه لخطب جلل حل بالارض وأهلها ، وما أنا إلا في بلد هو إحدى بلاد هذا الكوكب ..!
ولكن هذا الوطن بالنسبة لي مثلما هو بالنسبة لأهله ولكل المسلمين مختلفٌ جدا ، وهذا الاختلاف ميزه عن سائر البلدان ، ما هذه إلا ( مشيئة الله ) ..
وبما أن كل وطن قبلة مواطنية الاصليين من حيث المواطنة فإن ذلك مدعاة للإنكفاء على عرقه واصوله .. إلا ان هذا المبدأ يضاف اليه مبادىء أخرى عندما يتعلق الامر بوطن الحرمين الشريفين ، فهي قبلة المسلمين قاطبة وهي مصدرالمثل العليا للأخلاق والمباديء الانسانية ... ما ذلك إلا قدرا ، وهل ينازع في اقدار الله البشر .!.
ومن خلال هذا التصور، إيقنت ان علينا حمل كبير ومسؤلية عظيمة ، لابد من القيام بها على الوجه الذي اراده الله ، والجهاد في سبيل هذا المبتغى عبادة كُلفنا بها قبل ان تكون شرفا طُوقنا به.
ومع هذه الرؤية فإن مسئوليتي تتوقف عند حد معين مثلما هي مسئولية كل انسان فوق البسيطة ، وما اوكل اليه من عمل بحسب قدراته الفكرية وقواه الجسمية.
وفي هذه الليلة بالذات عرفت يقيناً وكأنني اعرف هذا الامر لأول مرة ، وأتخيله لأول وهله ... إلا وهو أمر إدارة دفة بلاد بحجم ــ المملكة العربية السعودية ــ بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي .. وفي هذا الظرف العصيب ، والخروج بها الى بر الامان .. او بالاصح البقاء بها في دائرة الامان كما هي منذ التأسيس.
ولهذا فقد كانت هذه الليلة ( ملكية ) بإمتياز ... فقد انصرفت كل افكاري وتحولت كل خيالاتي ، الى ( ملك البلاد ) وبقيت طوال ليلتي هذه محاولا تخيل مايقوم به من عمل ويتحمله من اعباء ويحمله من هــــم .
وقلت في نفسي إن لدى الملك من الرجال الاكفاء ( أمراء ووزراء ومسئولون امناء وجندٌ مخلصون ) في طول البلاد وعرضها ، وكلٌ يقوم بمهامه على الوجه الاكمل بل ان الجهود مضاعفة والصفوف متراصة ولله الحمد والمنة .
ورغـــم هذه التطمينات النفسية لخيلاتي الواسعة ، إلا أنني عدت بها أدراج الرواح آيبا من حيث لا طاقة لخيالي أن يتصور الحمول الثقال والهموم الجمة التي يكتض بها ديوان الملك ، و( لـم ) ينـوءُ بها كاهل الملك .!
....... فاللهم كن لعبدك سلمان عونا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا .
........ والان وقد شممت عبق الخولانية ، فسأقف معكم هنا ، وقد ضمنت بأن سجتي مع الدلة ومع هذا الصباح هي " سجة ملكيــــة "...
....... وغدا قـــد نلتقي .
(اوران)
تعليق