اللية الثانية عشرة
السوق واحد ، والمطر واحد ، والثمرة واحدة ، والحال واحد ، وحالنا وحالكم واحد ، وهذا علمنا وعفاكــم .. كم كان لهذه العبارات الموجزة / وهي اطراف من علوم الضيف في زمن ( السلوم الجميلة والعلوم الغانمة ).!
ورغم أن حياة الناس في تلك الازمان كانت متشابهة الى كبير من حيث الاعمال التي يمارسونها أو طريقة العيش وحتى مستوى المأكل والمشرب والملبس والمسكن ...إلا أن هناك سرا ما ,, وإلا لم يكن هناك أي ضرورة لهذه التعويذة المستحدثة عند كل نزول ضيف أو قدوم غائب .!
فمالذي كان يبقى المستمع مشدوهاً لذلك مذهولا لما يعتبره أخباراً مفيدة ، وعلوم وجديدة ، حتى أن الناس يتحلقون حول المتحدث ، وكأنه أتى بالعلم من الصين الشرق أو صنعاء اليمن ، ثم إذا انفض السامر قام كلٌ الى شأنه ويبقى يفكر في هذه الاخبار بل ويتناقلها القوم من دار الى دار ومن حرم مسجد الى ساحة سوق .
.... السر يا سادة هو فيما بين تلك العبارات من أحداث جديدة ، وحوادث حادثة ، والتي يدلي بها المتحدث ‘ فيما يعتبر نشرة الاخبار الرسمية للمجتمع ، والشهادة الحقيقية على الوقائع ..!
ومن القضايا التي كانت تشغل القوم وتشعل مجالسهم بالنقاش المستفيض ، هي قضايا الخصومات القبلية ، وقضايا القتل والقصاص والديات ، وقضايا تعقب المجرمين والمخالفين ، والاحكام التي تصدر من المحاكم ، او الصلح الذي يتم بين القبائل سواء كانوا اقواما او افرادا،، وحتى قضايا الزواج والطلاق ، والحرث والحصد ، ورعي الحلال .الخ...
ومن كان له قدم السبق في هذه الامور من اعيان القبائل او المؤثرين فيهم ، فهو من تتحلق الناس حوله في كل مجلس أو عند كل حدث ( بصرف النظر عن رصيده البنكي كما هو الحال الان ) مع العلم أنه لم يكن هناك بنكا ولا رصيد ، إلا رصيد إطالة الباع في الجود والكرم على قدر الموجود وبذل المعروف للناس ، وكذلك إطالة الذراع في حماية الحمى والذب عن العرض ونصرة المظلوم ، والصلح بين الناس
.
... وإلى وقت قريب كان الناس يسمعون عن امريكا والدول الغربية وبلاد الكفار ، وانهم اقوام بلغوا من التقدم والعلم مايمكنهم من ابتلاعنا في أي وقت ارادوا ، حتى أنهم كانوا يعتقدون بأن امريكا لديها من العيون في الفضاء ما تعرف به اخبار الناس ــ أين ذهبوا في اول النهار وماذا اكلوا في العشاء ، واين ناموا وماذا قالوا .!
..... والان وفي وقتنا الحاضر ،وبعد أن انتشر أهل هذه الديار في اصقاع المعمورة يأخذون مما عند الغير ، ويعطون مما عندهم ، إكتشفنا بل واستخلصنا من ذلك الماضي أمرين اساسين وهمـــا :
ــ أن سلوم القوم وعلومهم على ماكانت عليه من البساطة والبدائية ، كانت بمثابة القوانيين الصارمة والمعتقدات النقية والمباديء الثابتة ، ساسوا بها أمورهم وسنوا بها قوانينهم وقوموا بها أحوالهم ، فلم يورثوا من بعد رحيلهم إلا كل قول حميد وعمل مفيد .
ــ والامر الاخر أن ما كنا نظنه قوة قاهرة في الغرب ، وتقدم علمي يمكن أن يتحكم في كوكب الارض كيف شاء ومتى شاء ،، أتضح لنا مؤخراً ، وخاصة هذه الايام أنه ( فكنش ) .. وأن اولئك العلوج ، ماعندهم إلا الضعــوي .
.... هذا وزايدها عفاكم ... وغـداُ قــد نلتقي .
( اوران )
تعليق