الحياة في زمن كورونا
اقترب عمري من ستين عاما، ولم أعش زمنا يُشبه زمن "كورونا". كنت أستمع من جدتي وجدي حكايات عن ضحايا الأمراض والأوبئة في حياتهم ولم أكن أتخيل الحال، كانت قصصا غريبة ومؤلمة عما حصدته الكوليرا، والتيفوئيد، والملاريا، والجدري من أرواح، لكنني مع تسليمي لقساوة ما حدث معهم، وما واجهوه فإن "زمن كورونا" لم نشهد له مثيلا في القرن الماضي، وربما يستحق رواية مجيدة على غرار "الحب في زمن الكوليرا".في حياتي لا أتذكر حالة من الرعب والهلع في العالم كما أحدث انتشار فيروس كورونا، ربما لأننا لم نعش زمن الأوبئة، لم نعرف ماذا فعل الطاعون مثلا؟ وأكثر ما يؤرقنا ونخشاه مرض السرطان الذي لا يجرؤ البعض على ذكر اسمه خوفا وتشاؤما.سيحفظ التاريخ أن فيروس كورونا غير العالم أكثر من الحروب، وحتى المجاعات، وأن هذا الفيروس الذي اجتاح ـ بداية الأمر ـ مدينة ووهان الصينية أصبح عابرا للجغرافيا، متحديا لغطرسة الدول وجبروتها، ومُرغما العالم على التقوقع والانعزال وإغلاق حدوده، وأحيانا وربما كثيرا، وضع قواعد الديمقراطية في إدارة المجتمعات جانبا، واللجوء إلى قوانين الطوارئ، وتقييد الحريات العامة والشخصية.حين أُعلن عن الفيروس في الصين كان الاعتقاد أنه حالة عابرة ستطوق، وأن أزمة أضراره ستظل محدودة، وعلى الصين أن "تقلع شوكها بيديها"، واشتعلت سجالات ذات طبيعية سياسية تكتنفها نظرية المؤامرة، ومفادها أن هذا الفيروس "مُصنّع" وجزء من صراع الدول العظمى، أو أنه اختراع جرثومي ولا ينفصل عن سباق تطوير أسلحة جرثومية تقترب من مسلسلات "الأكشن" التي نشاهدها في هوليوود.نظرية المؤامرة سقطت سريعا، والفيروس خرج من أسوار الصين؛ فسقطت أعتى دول القارة الأوروبية في براثنه، واستفاق العالم على خطر لا يمكن تجاهله، أو إغلاق الأبواب أمامه؛ ليسارع الجميع بحثا عن حلول وملاذات آمنة منه.
( ومايعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر )
بقلم : نضال مصطفى
اقترب عمري من ستين عاما، ولم أعش زمنا يُشبه زمن "كورونا". كنت أستمع من جدتي وجدي حكايات عن ضحايا الأمراض والأوبئة في حياتهم ولم أكن أتخيل الحال، كانت قصصا غريبة ومؤلمة عما حصدته الكوليرا، والتيفوئيد، والملاريا، والجدري من أرواح، لكنني مع تسليمي لقساوة ما حدث معهم، وما واجهوه فإن "زمن كورونا" لم نشهد له مثيلا في القرن الماضي، وربما يستحق رواية مجيدة على غرار "الحب في زمن الكوليرا".في حياتي لا أتذكر حالة من الرعب والهلع في العالم كما أحدث انتشار فيروس كورونا، ربما لأننا لم نعش زمن الأوبئة، لم نعرف ماذا فعل الطاعون مثلا؟ وأكثر ما يؤرقنا ونخشاه مرض السرطان الذي لا يجرؤ البعض على ذكر اسمه خوفا وتشاؤما.سيحفظ التاريخ أن فيروس كورونا غير العالم أكثر من الحروب، وحتى المجاعات، وأن هذا الفيروس الذي اجتاح ـ بداية الأمر ـ مدينة ووهان الصينية أصبح عابرا للجغرافيا، متحديا لغطرسة الدول وجبروتها، ومُرغما العالم على التقوقع والانعزال وإغلاق حدوده، وأحيانا وربما كثيرا، وضع قواعد الديمقراطية في إدارة المجتمعات جانبا، واللجوء إلى قوانين الطوارئ، وتقييد الحريات العامة والشخصية.حين أُعلن عن الفيروس في الصين كان الاعتقاد أنه حالة عابرة ستطوق، وأن أزمة أضراره ستظل محدودة، وعلى الصين أن "تقلع شوكها بيديها"، واشتعلت سجالات ذات طبيعية سياسية تكتنفها نظرية المؤامرة، ومفادها أن هذا الفيروس "مُصنّع" وجزء من صراع الدول العظمى، أو أنه اختراع جرثومي ولا ينفصل عن سباق تطوير أسلحة جرثومية تقترب من مسلسلات "الأكشن" التي نشاهدها في هوليوود.نظرية المؤامرة سقطت سريعا، والفيروس خرج من أسوار الصين؛ فسقطت أعتى دول القارة الأوروبية في براثنه، واستفاق العالم على خطر لا يمكن تجاهله، أو إغلاق الأبواب أمامه؛ ليسارع الجميع بحثا عن حلول وملاذات آمنة منه.
( ومايعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر )
بقلم : نضال مصطفى
تعليق