الليلة الرابعة عشرة
بعض الاشياء أو المستلزمات التي تعود الانسان على اقتنائها لغرض مـا ، يصبح عملها الاساسي مع مرور الوقت وكثرت الاستعمال الى مجرد تحصيل حاصل ، وتتحول من وظيفتها الاساسية الى القيام بمهام أخرى ، ليست في جدول أعمالها المعتاد ،، ومن تلك الاشياء مثلا السلاح الناري أو الابيض ، ومنها السيارات والطائرات ، وحتى الدواب والانعام ، والاشجار والثمار .!نعلم أن كل مخلوق على هذه الارض حياً كان أو جماداً ، له وظيفة معينة واعمالا محددة .. إلا أن الانسان إما بفجوره أو لطموحه أو لربما لمعتقدات وثقافات متوارثة ، يحب أن يطوع هذه الاشياء ويحور عملها ، على ما يريد ويهوى .
فقد حول السلاح من وسيلة للدفاع الى وسيلة اعتداء أو الى حيلة للفخر وعلامة من علامات ثبوت القدم على بلاط الكبرياء والانفة ، وحول السيارات والطائرات من وسائل نقل وتنقل الى وسيلة للأعلان عن مستوى معيشته وعلو كعبه بين الناس ، وإنتقل بعالم الحيوان من مهنة الانتفاع المشروع بها ، فحولها عن طبعها المجبولة عليه وجعل منها وسيلة للمباهاة والهياط ، وفعل ايضاً مع الاشجار والثمار، وحتى مع الجماد .!
لقد أفرط الانسان في العبث على الارض وأوغل في تغيير معالمها والانحراف بها عن الفطرة ــ فكلما سنحت له الفرصة أو تهيأت له المقدرة ، خرج عن الطريق السوي ، وأخرج معه كل ما يستطيع من الامور عن نصابها ، وتحول بشخصه الضعيف المغرور وبمن حوله من المريدين والمنتفعين والامعات عن جادة الصواب الى دروب ومسالك قد تكون فيها الهلكة ، إلا أن يسلم الله .!
... فاللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .... هـذا ، وغدا قـــد نلتقي .
( أوران )
تعليق