• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح حديث الحلال بين والحرام بين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح حديث الحلال بين والحرام بين

    شرح حديث الحلال بين والحرام بين



    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الحلالَ بَيِّنٌ، والحرامَ بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مُشْتَبِهاتٌ لا يعلمُهنَّ كثيرٌ مِنَ الناسِ، فمن اتَّقَي الشُّبهاتِ فقد اسْتبرأَ لدينِهِ وعِرْضِهِ. ومَنْ وقعَ في الشُّبهاتِ يوشكُ أَنْ يقعَ في الحرامِ، ?الرَّاعي يرعَى حولَ الحِمَى يوشكُ أنْ يقعَ فيه، ألَا وإنَّ في الجسَدِ مضغةٌ إذا صَلَحتْ صلَحَ الجسَدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسدَ الجسدُ كلُّه ألَا وهي القَلْبُ»[1].


    في هذا الحديثِ يُقسِّم الرسول صلى الله عليه وسلم الأشياء وأعمال الناس ثلاثةَ أقسام: قسم بيِّنٌ حلُّه، وواضح أنه من الحلالِ لصراحة الدليل الذي يدلُّ على حلِّه، ولحسن فهم الإنسان، وحسن تطبيق الإنسان.


    وقسم آخر يتبين أنه محرَّمٌ لصراحة الأدلة التي تدل على تحريمه مع حسن تطبيق الإنسان لما فهمه من الدليل على ما يأتيه من أعمال أو يحدثه من أعمال.


    وقسم ثالث دائر بين الحلالِ والحرامِ، ولا يتَّضحُ لأي قسم منهما ينتمي؛ لخفاء الدليل الذي يدل عليه ولغموضٍ فيه، إما آية فيها إجمال، وإما حديث فيه إجمال فيشتبه أمرُ فهمِه على من يبحث فيه، وعلى من اطلع عليه قراءةً أو سماعًا فيشتبه أمره عليه فلا يدري هل هذا يدل على الحل، أم هو يدلُّ على الحرمة فمن أجل الاشتباه لم يعرف الناظر فيه أنه من قبيل الحلال الصرف أو من قبيل الحرام الصرف، أو عرف الحكم إلا أنه اشتبه عليه أمر في التطبيق، فعند التطبيق لم يدر عن هذه الجزئية هل تنطبق عليها قاعدة الحلالِ أو تنطبق عليها قاعدة الحرام. فمن أجل ذلك جاء الاشتباه.


    هذه هي القسام الثلاثة: فما وضح حله أمره بيِّنٌ، ويجوز للإنسان أن يُقدِم عليه، وما وضح تحريمه لا يجوز للإنسان أن يقدم عليه، أما ما اشتبه أمره فهو موضوع هذا الحديث الذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    وقد ذكر فيه العلماءُ أراء فمنهم من يقول: إن الذي اشتبه أمره من أعمال الناس أو من الأحكام هو الذي اختلف فيه العلماء، فمنهم من أباح ومنهم من منع. أو هو خلاف الأولى، أو هو المكروه.


    وكما ذكرت لكم أن المشتبه يرجع إلى اشتباه الدليل وغموضه أو الإجمال فيه، أو لا يرجع إلى فهم الحكم لكن الاشتباه وقع في التطبيق، فعند التطبيق تشتبه عليه مسألة أو جزئية هل تندرج في الحلال أم تندرج في الحرام.


    ومثال ذلك: المداينات العشر إحدى عشر هل هذه الجزئية من المبایعات من قبل الربا المحرم كما يقول بهذا كثير من العلماء أو جمهور العلماء والفقهاء، أو هي من البيع لأجل.


    وكذا المداينات المعروفة أن الإنسان قد يأخذ صفقة من شخص لا يريد من الصفقة أن يستهلكها لنفسه، إنما يريد من ورائها أن يأخذ مبلغًا من المال لينتفع به، فيأخذ الصفقة ويعدها ويعتبر عدها وهي محلها قبضًا ثم يأخذ عنها ثمنًا من صاحب المحل. هل هذا يعتبر ربا؟ أو يعتبر بيعًا. فكثير من الفقهاء يراه ربًا. وأن القصد أنها حيلة إلى دفع القليل ليأخذ الكثير. وأخذ القليل ليدفع عنه كثيرًا، فهو بيع ذهب بذهب أو فضة بفضة إلا أنهم جعلوا بين هذا وهذا سلعة يسميها ابن عباس حریرة.


    فليس المقصود الصفقة، إنما المقصود بيع فضة بفضة أكثر منها أو ذهب بذهب أكثر منه، أو ورق من الأوراق التي تمثل الفضة أو الذهب مثل النقود، بيع القليل منها بالكثير، أما الصفقة فاعتبرت حيلة من الحيل يتوصل بها إلى أخذ الكثير عن القليل والمعاوضة بالكثير عن القليل، ويكون هذا من باب الربا. فهذا مما اختلف فيه الفقهاء. والاختلاف فيه اختلاف في التطبيق. تطبيق نصوص الربا على هذه الصورة؛ فهم اتفقوا على أن الربا محرم إلا أن هذه الجزئية هل تدخل في قبيل الربا، أو تدخل من قبيل المبايعات والالتزام بالصفقات فهو من باب البيوع، بيوع السلع، أم هو من باب بيوع نقد بنقد.


    هذا مما اختلف فيه الفقهاء في التطبيق مع الاتفاق على أن الربا محرم وأنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة إلا مثلًا بمثل يدًا بيد، لكنهم اختلفوا من جهة التطبيق لا من جهة التقسيم والدليل، فينبغي للإنسان أن يتجنَّب مثل هذا وأن يتقي موضوع الاشتباه حتى لا يقع في الحرام الصحيح، لاجترائه على الحرام المختلف فيه. وفي هذا ينصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» فقد استبرأ لدينه بالبعد أي طلب التنزيه لدينه ولعقيدته ولعمله، ببعده عما اشتبه عليه هل هو من قبيل الحلال أمن قبيل الحرام.


    ومثال آخر على المتشابه أو المشتبه، الإنسان إذا اشتبه في امرأة هل رضاعه معها وصل إلى درجة التحريم، أو دون درجة التحريم فهي حلال له. هذا اشتباه في التطبيق أيضا. هل الرضاع حصل ولا بد، هل بلغ عدد الرضعات خمس رضعات فتحرم، أو لم يبلغ فتكون حلالًا. فالخير والورع أن يتقي هذه الجزئية وأن يتزوج بغيرها من النساء وهنَّ كثيرات والحمد لله، ولن يعدم امرأة أخرى تتفق مع حاله وتكون صالحة دينية أيضا، وبعده عن هذه المرأة التي اشتبه حالها هو عمل بوصية رسوله «فمَنِ اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» فهو في تركه لهذه المرأة استبرأ لعرضه وطلب لنزاهة دينه.


    ومن هذا أيضا، الاختلاف في العدة للمطلقة هل هي ثلاث حيضات أو هي ثلاث أطهار؟
    انقسم أصحاب المذاهب الأربعة إلى قسمين: المالكية والشافعية يقولون إن العدة ثلاثة أطهار، فإذا مضى الطهر الذي طلقها فيه، ثم الطهر الذي بعده، ثم دخلت في الطهر الثالث يقولون إنها حلَّت للأزواج بمجرد أنها تدخل في الطهر الثالث.


    الحنابلة والحنفية يقولون: إن المراد بالقروء في القرآن في قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228]، المراد بها الحيض فإذا طلقها في الطهر ثم حاضت حيضة، ثم طهرت، ثم حاضت الحيضة الثانية، ثم طهرت منها، فلا تحل بالطهر الثالث حتى ترى الحيضة الثالثة.


    فرعاية الخلاف بين العلماء ورعاية الاحتياط في الفروج، وفي الزواج ينبغي له أن يمشي على مذهب الحنفية والحنابلة فلا يتزوج المرأة المطلقة حتى ترى الحيضة الثالثة بعد طلاقها. وهذا أبعدُ أمدٍ تكون بعده حلالًا على المذاهب كلها. ولا يختلف مسلم مع آخر أنها بعد الحيضة الثالثة يحل العقد عليها والزواج بها. والأخذ بأبعد أمدٍ أبرأ للدين والعرض وأبعد عن ارتكاب الأمر المشتبه وأخذ بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «فمَنِ اتَّقَى الشبهاتِ فقد استبرأ لدينِه وعرضِه».


    ومن هذا الباب ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير في طريق فوجد تمرة فأخذها ومسحها وأبى أن يأكلها، عفَّ عنها، وقال لأصحابه: «كُلُوها فلولا أنْ تكونَ من تمرِ الصَّدقةِ لأكلتُها»[2] هذه التمرة في الأصل مجهولة هل هي من الصدقات أم لا؟ ولكن هذا احتیاط وورع من النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأكلها خشية أن تكون من الصدقة.


    ومن باب الاحتياط والورع ما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم: « أنه اشترى رجل من رجل عقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة ذهبٍ، فقال الذي اشترى العقار للرجل الذي باع العقار: خذ ذهبك إنما اشتريتُ منك الأرض ولم ابتع منك الذهبَ. وقال الذي باع العقار: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجلٍ، فقال الذي تحاكما إليه. ألكما ولدٌ؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجاريةَ، وأنفقوا عليهما منه وتصدقا»[3] فكلا الرجلين تورع عن أخذ المال والإنفاق منه؛ لأنه حصلت شبهةٌ في هذا المال هل هو حلالٌ لأحدهما أم حرام، فما كان من الرجلين إلا أنهما ابتعدا عن المال حتى حكم فيه هذا الحكم بهذا التصرف في هذا المال، ومن وقع في الشبهات يوشك أن يقع في الحرام، من وقع فيما ارتاب فيه، واجترأ على ذلك، ولم يبال بذلك، يوشك ويقرب أن يجترأ على المحرم فيقع فيه، وهذا دليل على وجوب سد الذرائع والطرق الموصلة إلى الحرام. وقد قال رسول الله في حديثٍ آخر: «دعْ ما يرِيبُك إلى ما لا يَرِيبُك»[4] دع ما تشك فيه إلى ما تتيقنه وتعلم أنه حلال لا غبار عليه.


    ثم يقول الرسول: «ومَنْ وقَعَ في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ كراعٍ يرعَى حولَ الحِمَى، يوشكُ أن يواقعه».


    كان عظماء العرب في الجاهلية يحمون لأنفسهم مناطق يحرِّمون على غيرهم الرَّعيَ فيها، فإذا حمى أحدهم منطقة فإنه يحظر على غيره أن يرعى فيها إبله أو بقره أو غنمه. فإذا حمى أحدُ الملوكِ أو الوجهاء أو العظماءِ الذين لهم سطوة وقوة مكان، وجاء إنسان يرعى حول هذا الحمى غنمه أو إبله، فإنه لربما شردت أحدها ودخلت هذا الحمى فيتعرض بذلك لعقاب وبطش صاحب هذا الحمى.


    كذلك من يقع في الشبهات فهو مقترب من الحمى ودانٍ منه، وهو على وشك أن يقع في الحرام لأن حمى الله محارمه فهو - يعني الواقع في الشبهات - مثله كمثل هذا الراعي الذي يرعى حول الحمى.


    ثم نبَّهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن الأصل في صلاح الإنسان واستقامة جوارحه وسعادته وسلامته في أعماله، وبعده عما حرم الله وامتثاله ما أمر الله، العماد في هذا صلاح القلب واستقامته، فإذا صلح القلب واستقامت أحواله وصفا وأخلص وعرف الحق من الباطل، استقامت جميع الجوارح. وإذا فسد القلب جهلا، وعدم معرفة بالحق، وعدم معرفة بالحلال والحرام، وفرط في استبانة ذلك، أو عرف الحلال والحرام ولكنه لم يبال به فترك الحلال وتجرأ على الحرام، وكثرت بدعه فجوارحه جوارح فاسدة لا تستقيم على الجادة، ولا على ما شرع الله سبحانه وتعالى. وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا في قوله: «ألا إن في الجسدِ مضغةً» والمضغة قدر ما يمضغه الإنسان، وهي قطعة صغيرة الحجم، ومع صغر حجم هذه المضغة إلا أن خطرها عظيم ومنفعتها جليلة، وإذا فسدت سببت فساد باقي الأعضاء والجوارح وهذه المضغة هي القلب «إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله». وأسأل الله أن يبصرنا بالهدى، وأن يهدينا إليه، وأن يثبتنا عليه، وأسأله سبحانه وتعالى أن يبصرنا بالضلال، وأن يجنبنا إياه وأن يجعل بيننا وبينه حاجزًا. والحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على سيدنا محمد.

    المصدر: «فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي» (ص561 - 566)

    [1] حديث صحيح: رواه البخاري (52)، ومسلم (1099وأبو داود (3329والترمذي (1205)، وأحمد (4/ 267، 269) كلهم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
    [2] حديث صحيح: رواه البخاري (2055)، (2431)، ومسلم (1071وأحمد (3 /119، 132)، وأبو داود (1651) كلهم من حديث أنس رضي الله عنه.
    [3] حديث صحيح: رواه البخاري (3472).
    [4] حديث صحيح: رواه أحمد (1 /200) وابن حبان (512، 513) موارد من حديث الحسن بن على رضي الله عنهما.







    الألوكة


  • #2
    بارك الله فيك
    وبورك في جهودك الطيب
    ووفقك الرحمن لكل خير
    ولا حرمك الله الاجر والثواب




    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4

        تعليق


        • #5
          يعطيك الف عافية

          تعليق


          • #6
            مشكوووووور والله يعطيك العافيه

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خير على النقل

              تعليق


              • #8

                تعليق


                • #9



                  عشت ياموقع بلقرن

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ً
                    وجعله فى ميزان حسناتك

                    تعليق


                    • #11
                      بارك الله فيكم
                      على جميل طرحكم واختياركم لنا هذا الموضوع
                      نسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتكم




                      مركز الخليج

                      تعليق

                      يعمل...
                      X