• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في ظلال آية ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في ظلال آية ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

    في ظلال آية

    ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

    أمــا بعــد:
    ففي ظل الأوضاع والأحداث الأليمة والمتسارعة التي يشهدها عالم اليوم، وفي ظل الأوبئة والأمراض الفتاكة التي تفتك بمعظم دول العالم، يتوجب علينا كمسلمين - للوقاية والسلامة من هذه الأوبئة والجائحات والنوازل - أخذ الحيطة والحذر، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة، والأهم من ذلك هو التزام تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولأجل ذلكم - أحبتي الكــرام - أقف وإياكم اليوم مع آية مباركة من كتاب الله عــز وجـل، هذه الآية هي من سـورة يوسف، هذه الآية ترشدنا إلى الطريق الذي يحفظنا من كل وباء، ومن كل مرض، ومن كل شر، ومن كل محنة وبلاء، هذه الآية تدلنا على السلاح الذي ندافع به عن أنفسنا وأولادنا، وأهلنا وأموالنا، هذه الآية هي قول الله جل وعـــلا: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    يا رب، أنت الذي حفظتني إذ لا خلق يحفظني
    وقدرت أقواتي وأوقاتي وحالاتي
    ولم تزل عين بــر منك تلحظني
    وفي العسر واليسر أنت تكلؤني
    أشكـو إليك أمـورًا أنت تعلمها
    فأنت يا رب عــلام الخفيات
    هيهات ما لي عند الخلق من فـرج
    فأنت أنت وحدك الذي أرجو لحاجاتي

    ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].
    هذه الآية قالها سيدنا يعقوب لما ضاع منه ولده الحبيب يوسف، وتذكر أن الذئاب سوف تأكله؛ فقال: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    وتذكر أن الفرقة حلَّت بينه وبين ابنه الحبيب؛ فقال: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    وتذكر أن فلذة كبده لا يدري هل يعود أم لا؟! فقال: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    يا حافظ الآمــال أنت حفظتني
    وعدا الظلوم عليَّ كي يجتاحني فنصرتني
    فانقاد لي متخشعًا لما رآك منعتني

    وكأن الله عز وجل من خلال هذه الآية الكريمة يريد أن يخاطب كل مسلم، فيقول له: يا من تريد أن تحفظ نفسك من الظالمين والماكرين، والمخادعين والمتربصين، احفظ الله، ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    ويا من تريد أن يحفظك الله في نفسك وولدك وأهلك، احفظ الله يحفظك.
    ويا من تريد أن يحفظك الله من كل وباء ومرض وسقم، احفظ الله يحفظك.
    ويا من تريد أن يحفظ الله مالك من الضياع والسرقة والتلف، احفظ الله.

    يا من تريد أن تحافظ على منصبك، احفظ الله.
    يا من تريد أن تحافظ على وظيفتك، احفظ الله.
    يا من تريد أن تعيش الحياة السعيدة، والحياة الطيبة، والحياة المطمئنة، احفظ الله.
    فما أبلغها من كلمة! وما أروعها من عبارة! وما أغلاها وما أثمنها من وصية!

    أحبتي الكــرام، ها هو أستاذ البشرية، ومعلم الإنسانية، ومنقذها من الظلمات إلى النور؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما في الترمذي يوصي ابن عمه العباس بوصية غالية، رسم فيها طريق النجاة من الهلاك، ألقاها له من فوق دابة، لم يلقها من فندق ضخم، ولا من برج عالٍ، ولا من قصر مشيد، ولا من حديقة غنَّاء، أو من صالة كبيرة، إنما ألقاها من فوق ظهر الدابة، وبكلمات موجزة، وعبارات بليغة، فيها قواعد مهمة، وتعليمات وتوجيهات نافعة، ووصايا قيمة.

    وهذه الوصية ليست خاصةً بابن عباس رضي الله عنهما، إنما هي لكل الناس: للملوك، والوزراء، والأمراء، والرؤساء، والموظفين، والأطباء، والمهندسين، والتجار، والعمال، والفلاحين، والأبيض والأسود، والرجال والنساء، بل هي للأولين والآخرين: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنتَ، فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفت الصحف)).

    هذا هو طريق الخلاص مـن البلايا والمحن.
    طريق النجاة مـن الشرور والفتن.
    طريق السلامة مـن الآثام والرزايا.
    طريق الوقاية مـن الأوبئة والأسقام.
    طريق الأمان وطريق السعادة، إنه طريق: احفظ حدود الله، احفظ أوامر الله، يحفظك الله.
    ووالله ما حفظ الله جل وعلا من أفنى عمره، وأبلى شبابه في غير طاعة الله.
    ما حفظ الله من ينفق ماله في غير مرضاة الله.

    ما حفظ الله مَن أطلق لجوارحه العنان لتهيم في معاصي الله.
    ما حفظ الله مَن عَبَدَ شهوته، وانقاد وراء نفسه الأمارة بالسوء.
    ما حفظ الله مَن وقع أسيرًا لشيطانه فضلَّ به عن الطريق المستقيم.
    ما حفظ الله من ضيع حدود الله، وغرق في الشهوات والملذات، وانكَّب على المعاصي والسيئات.
    فصار عرضةً لعقاب الله وسخطه، ودخل عليه الضرر والأذى، وحل عليه المرض والوباء.

    بل، وربما أصاب ذلك ممن كان يرجو نفعه من أهله وماله؛ كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وخادمي، وامرأتي وفأر بيتي".

    نعم، حينما تتعثر قدمك، فاعلم أنها بسبب معصية.
    حينما تتعطل سيارتك، فاعلم أنها بسبب معصية.
    حينما تحل عليك الكرب والشدائد، فاعلم أنها معصية.
    حينما تقع في إشكالات وبلايا، فاعلم أنها معصية.
    حينما تظلم بوجهك الدنيا، فاعلم أنها معصية.
    وحينما تفتح أمامك الطرق الصعبة، وتحل لك القضايا المستعصية.

    وحينما ترى المستحيل مسخرًا لك وفي خدمتك، فاعلم أن ذلك كان وسيبقى وسيظل؛ لأنك حفظت الله، وجعلت رضاه عنك هي أهم وأول أولوياتك.

    أحد النماذج العظيمة والمشرقة لأولئك العظماء الذين حفظوا الله تعالى، فحفظهم ودافع عنهم، وسخر لهم كل شيء من أجل خدمتهم؛ إنه المجاهد البطل عقبة بن نافع رضي الله عنه وأرضاه وهو ينادي الوحوش، نعم، ينادي وحوشًا مفترسة، وحوشًا لا ترحم بني الإنسان، وحوشًا تعيش على أكل اللحوم.

    عندما ذهب هذا القائد العظيم عقبة بن نافع رضي الله عنه لفتح شمال إفريقيا.

    أصدر أوامره إلى كتيبة من الجيش لتقوم ببناء مدينة القيروان في تونس؛ لتكون قاعدة حربية للجيش، فذهبت الكتيبة لتنفيذ أوامر القائد عقبة، فوجدت المكان الذي ستبني فيه المدينة هو عبارة عن أحراش عالية، وأودية واسعة، تسكنها الأسود والذئاب، والثعابين والضباع، فرجعوا إلى القائد عقبة، وقالوا له: "إنك أمرتنا بالبناء في شعاب ومستنقعات لا تُرام، فيها السباع والذئاب والحيات، ونحن نخاف من السباع والحيات وغير ذلك من دواب الأرض"، فقام رضي الله عنه على الفور ليصلي لله ركعتين.

    التوجه إلـى الله عند هؤلاء سريع.
    الالتجاء إلـى مفرج الكربات، وقاضي الحاجات عند هؤلاء العظماء لا يتأخر.
    رفع ملف القضايا الشائكة إلـى ملك الملوك عند هؤلاء الربانيين لا يؤجل.
    قام القائد عقبة فصلى ركعتين، وكان في عسكره خمسة عشر رجلًا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فجمعهم وقال لهم: "إني داعٍ فأمِّنوا"، فقام ودعا الله عز وجل طويلًا، والصحابة والناس من خلفه يؤمِّنُون.

    ثم خرج رضي الله عنه مترجلًا حتى صعد على صخرة في وسط الغابة، وقام ينادي سكان الوادي بصوت عالٍ مرتفع جهور: "أيتها الأسود، أيتها السباع، أيتها الحيات، أيتها الضباع، أيتها العقارب، أيتها الذئاب، نحن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، جئنا نفتح الدنيا بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، فارتحلي عنا واخرجي سالمة، فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك، فلا لوم علينا إذا قتلناه".

    وقف الجيش كله يتعجب أشد العجب من كلمات ونداءات القائد عقبة بن نافع للحيوانات، متسائلين: أيخاطب أسودًا؟ أينادي ذئابًا؟ أيحدث ضباعًا؟ أيناشد ثعابين وأفاعي؟ لكن عقبة رجل عظيم وقائد ملهم، حفظ الله في كل شيء، وانظروا كيف حفظه الله، وكيف سخر الله له كل شيء.

    ما هي إلا لحظات يسيرة حتى خرجت الحيوانات كلها عن بكرة أبيها، خرجت الأسود تحمل أشبالها، والذئاب تحمل جراءها، والثعابين تحمل أفراخها في مشهد لا يرى له في التاريخ مثيل.

    كم نطلب الله في كل ضرٍّ يحل بنا، فإن تولت بلايانا نسيناه!

    ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا، فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه، ونركب الجو في أمن وفي دعة، فما سقطنا لأن الحافظ الله.

    أحبتي الكرام:
    وعند خروج الحيوانات طائعةً وملبيةً نداء القائد عقبة، حاول بعض الجنود قتل بعض منها، فنادى عقبة في جنوده، وقال لهم: "كفوا أيديكم عنها حتى ترتحل عنا، فلقد أعطيناها الأمان، وعاهدناها باسم الله ألَّا نؤذيها؛ فكيف نخون عهد الله وننقض عهدنا معها؟".

    ما أكثر الذين يخونون العهد وينقضون الميثاق مع الله في هذا الزمان البغيض!
    ما أكثر الذين يخونون عهودهم ويخلفون وعودهم مع بني البشر!
    حياتهم خداع، وعيشتهم مكر، ودنياهم كذب.
    لا يقيمون للوعود وزنًا، ولا للعهود قدرًا، ولا للمواثيق قيمة.

    ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27].

    فهل رأيتم يوم أن حفظ عقبة بن نافع ربه في رخائه، كيف حفظه الله في مختلف أحواله، وسخر الله تعالى له البهائم والسباع، وحفظه من شرها ووقاه من خطرها؟

    ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    وليس بعيدًا عنكم المجاهد صلة بن أشيم الذي كان يغزو مع قتيبة بن مسلم.

    كان هذا الرجل من بعد صلاة العشاء حتى الفجر، وهو في ذكر ودعاء، وصلاة ومناجاة.

    فقل لأهل اللهو والطرب، قل لأهل الغنا واللعب، قل لمجالس الغيبة والنميمة، قل لعشاق الشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي.

    صلة بن أشيم من بعد العشاء حتى الفجر وهو مع الله في صلاة وقيام وعبادة.

    قلت لليل: هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار؟ قال: لم ألقَ في حياتي حديثًا كحديث الأحباب في الأسحار؛ يقول عنه قتيبة بن مسلم: "الحمد لله الذي جعل في جيشي من أمثالك يا صلة".

    كان إذا قام يصلي يشتري بردةً بألف دينار، ثم يطيبها ويعطرها، ويقول: اللهــم إنك جميل تحب الجمال ما لبستها إلا لك، فإذا جاء النهار خلعها.

    وفي إحدى الليالي، وبينما الجيش يعسكر في إحدى جبهات الجهاد، وقد نام الجميع، يخرج صلة بن أشيم إلى الغابة سرًّا، وقام هناك يصلي ويتنفل، ويركع ويدعو ويبكي، وبينما هو كذلك إذا جاءه الليث، والليث من هو؟ إنه حيدرة، الهزبر، الذي كانت تسميه العرب ملك الحيوانات، لا يستطيع أحد أن يواجهه أو يصارعه، كان إذا زأر في أحد الوديان تتنقل العرب خوفًا من صوته.

    فلما جاء الليثُ صلةَ وهو يصلي، أخذ يلف ويدور ويتحرك حول صلة، وهو ثابت ثبوت الجبال، ما خاف، وما ارتعدت أوصاله، ولا فر هاربًا؛ لأنه كان متصلًّا بالملك العلام الحافظ سبحانه.

    ولما أكمل صلةُ ركعتين وسلم، التفت إلــى الأسد وقال له: يا ليث، يا حيدرة، إن كنت أُمرت بقتلي وأكلي، فاقتلني وكلني؛ فليس معي حماية إلا حماية ورعاية وحفظ المولى سبحانه، وإن كنت ما أمرت بقتلي ولا بأكلي ولم تسلط عليَّ، فاتركني مع ربي.

    فما كان من الأسد إلا أن حرك ذيله، كأنه جرو الكلب، ثم انصرف وغادر.

    إننا - يا كرام - لما أطعنا الله وعرفنا حدوده، وائتمرنا بأوامره، وانتهينا عما نهاه - سخر لنا وذلل الوحوش، ولما عصيناه سلط علينا الفئران.
    ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، واستغفروا الله لي ولكم، ويا فوز المستغفرين!

    الخطبة الثانية
    أما بعد:
    والعالم إذ يعيش حالة من القلق والذعر والخوف بسبب فيروس كورونا.
    أقف وإياكم اليوم مع آية من كتاب الله جل وعلا، فيها الخير، وفيها السلامة، وفيها الوقاية والأمان؛ إنها: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

    والمحافظة على أوامر الله امتثالًا للمأمور وتركًا للمحظور - سببٌ لوقاية العبد، وسلامته، وحفظ الله جل وعلا له في دنياه وأخراه، فإن أُصيب بمصيبة، أو نزل به وباء، أو ضراء، فلن تكون إلا رفعةً له عند الله؛ وفي هـذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: ((عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له)).
    فيا من تريد أن يحفظك الله، احفظ الله.
    يا من تريد سعادة الدنيا والآخرة، احفظ الله.
    يا من تريد النجاة من الأخطار، احفظ الله.
    يا من تريد البركة في مالك وصحتك، احفظ الله.
    احفظ الله في إيمانك، احفظ الله في طهارتك.
    احفظ الله في صلاتك، احفظ الله في عقلك.
    احفظ الله في بصرك، احفظ الله في سمعك.
    احفظ الله في لسانك، احفظ الله في بطنك.
    احفظ الله في رجلك، احفظ الله في فرجك.

    احفظ الله عند نومك، احفظ الله في زوجتك وأولادك، وإذا حفظنا الله عز وجل في كل هذا وغيره، فإن المقابل هو حفظ الله لنا، وسيحفظنا في أي شيء؟! يحفظنا في أنفسنا، يحفظنا في عقولنا، يحفظنا في أموالنا، يحفظنا في صحتنا، يحفظنا في ذريتنا، يحفظنا في نومنا وفي يقظتنا، وفي بيوتنا، وفي سفرنا وإقامتنا، يحفظنا في ذهابنا وإيابنا، وفي دخولنا وخروجنا، يحفظنا من أمامنا ومن خلفنا، وعن إيماننا وعن شمالنا، ومن بين أيدينا، يحفظنا من المكائد والشرور، يحفظنا في دنيانا وفي ديننا، وفي آخرتنا، يحفظنا من أعدائنا.

    وأعظم حفظ الله لنا أنه يحفظنا في مشاهد الآخرة، وأي مشهد أعظم من مشهد لحظة الموت، وساعة الكربات والسكرات، حينما تأتي الشياطين بالفتن والشبهات، وحينما تثقل اللسان، ويصفر الوجه، وتتجمد الأطراف.

    وهناك لأنك بالدنيا حفظت ربك، سيحفظك هنا ويثبتك.
    ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27].

    وتأتي بعد ذلك مرحلة حفظ الله لك الثانية؛ وهي حفظه لك في قبرك، فبعد أن تسمع قرع النعال فوق قبرك، وبعد أن تركوك، واقتسموا الأموال ونكحوا النساء، فيقعدك منكر ونكير (أسماء مرعبة فضلًا عن الواقع)، فيقولان: من ربك؟ ومن حفظ الله، فسيقول: ربي الله، يعرف ربه، ليس ربه الدينار ولا الدرهم ولا الدولار، ولا الذهب ولا الفضة؛ لأن ربه الله ممتلئ به قلبه.

    وما دينك؟ ديني الإسلام، يعرف حدود الحلال والحرام.
    من نبيك؟ نبيي محمد، وليس الأسماء الساقطة المشهورة في الإعلام، مفتخر بمحمد، معظم لشرع محمد صلى الله عليه وسلم فيقول بكل ثقة: نبيي محمد صلى الله عليه وسلم.

    ويتواصل الحفظ على الصراط، وعند الميزان، وعند دخول الجنة، وعندما يرى المؤمنون الرعب والأهوال، تتنزل الملائكة للتثبيت، والحفظ في الدنيا والآخرة: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11].

    حافظون متعاقبون عليك، والحفظ يتواصل حتى الجنة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

    اللهــم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام، ومن سيئ الأسقام.
    اللهــم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
    اللهــم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن إيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





    الألوكة


  • #2
    بارك الله فيك وجزاك الله خيرآ

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خير
      ]


      ]

      تعليق


      • #4

        تعليق


        • #5

          تعليق


          • #6

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك

              تعليق


              • #8
                الموضوع يدور حول معنى جميل وطيب.... ملاحظتي فقط إطالة الموضوع
                ياليت لو كان مختصر
                أما صلة بن أشيم رحمه الله
                فليس قدوتنا... قدوتنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم
                كان يصلي وينام ويصوم ويفطر
                جزاك الله خير الجزاء ونفع بك.

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
                  وجعلة فى ميزان حسناتك

                  تعليق


                  • #10
                    جزاك الله كل خير

                    تعليق


                    • #11
                      يسعدني ويشرفني مروركم العطر

                      تعليق

                      يعمل...
                      X