• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا

    تفسير قوله تعالى:

    ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.... ﴾



    قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة: 79].

    ذكر الله عز وجل في الآيات السابقة فريقين من أهل الكتاب، وهم الذين يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، والأميين الذي لا يعلمون الكتاب إلا أماني، ثم أتبع ذلك بذكر الذين ﴿ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾[البقرة: 79]، وهؤلاء يحتمل أنهم ضمن الفريق الأول الذين ﴿ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 75]، فالأولون يحرفون كلام الله من حيث المعنى، وهؤلاء يحرفونه من حيث اللفظ وهم الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ويزعمون كذبًا أنه من عند الله لإضلال الناس وأكل أموالهم بالباطل.

    قوله: ﴿ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾، "ويل"، أي: وعيد وتهديد وحسرة وعذاب شديد، لأحبار اليهود وعلمائهم الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يزعمون كذباً أنه من عند الله.

    و"الكتاب" بمعنى المكتوب، أي: يكتبون كتبًا ويضعونها من عند أنفسهم، ويبدلون فيما أنزله الله، ويزيدون وينقصون.

    وقوله: ﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ تأكيد لقوله ﴿ يَكْتُبُونَ ﴾، كقوله تعالى: ﴿ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4]، وقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]، وكقول القائل: "سمعت بأذني، وأبصرت بعيني" ونحو ذلك.

    ﴿ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ أي: ثم يقولون كذبا وزورا ﴿ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ أي: هذا الكتاب نزل من عند الله، أي: هذه التوراة التي أنزلها الله افتراء على الله، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 78].

    ﴿ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ أي: لأجل أن يأخذوا به ﴿ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ أي: عوضًا قليلًا زهيدًا من المال والرئاسة والجاه ونحو ذلك من حظوظ الدنيا الزائلة الحقيرة.

    وكل ما أخذ مقابل ترك أمر الله، ومقابل ثواب ذلك في الدنيا والآخرة فهو قليل، ولو كان ذلك العوض الدنيا كلها بما فيها فهو قليل حقير زهيد، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النساء: 77] وقال تعالى: ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26]. وقال صلى الله عليه وسلم: "وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها"[1] وقال صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء"[2].

    ﴿ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ الفاء: عاطفة، و"ما": مصدرية، أو موصولة، أي: فويل لهم من كتبهم، أو من الذي كتبت أيديهم من الكتاب والتحريف والباطل، ونسبوه إلى الله كذبًا وزورًا، وأضلوا به عباد الله.

    ﴿ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ أي: وويل لهم من الذي يكسبون أو من كسبهم السحت الذي يأخذونه من الناس مقابل ذلك.

    فتوعدهم أولًا بوعيد عام، ثم أكّده وفصَّله إلى وعيدين: وعيد على الوسيلة، وهي كتابتهم الكتاب بأيديهم، وقولهم: هذا من عند الله، ووعيد على الغاية وهي ما يكسبون من السحت الذي يأخذونه من أموال الناس مقابل ذلك؛ لأنهم جمعوا بين الافتراء والكذب على الله، وبين الكذب والتدليس على الناس، وتضليلهم عن الحق، وأكل أموالهم بالباطل.

    وإذا كان الله عز وجل توعد اليهود في كتابتهم التوراة وتحريفها بهذا الوعيد الشديد المؤكد، فإن الوعيد أشد وأعظم وآكد لمن يجترئون على أعظم كتب الله القرآن الكريم ويطعنون فيه بالزيادة أو النقصان ويزعمون أن فيه تحريفًا وتبديلًا وتغييرًا- من أهل البدع وغيرهم، وقد أجمعت الأمة في القرون المفضلة وبعدها إلى يومنا هذا- ولله الحمد- على أن ما بين دفتي المصحف هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم بلا زيادة ولا نقصان، وكيف لا يكون هذا وقد تكفل الله عز وجل بحفظه، فقال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقال تعالى: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

    كما أن الوعيد يشمل الذين يلوون نصوص الكتاب والسنة؛ لتوافق أهواءهم وآراءهم الفاسدة، وما في قلوبهم من أمراض الشبهات والشهوات، ويؤلفون في ذلك الكتب، وينشرون المقالات، ويزعمون أنهم يستندون فيما يكتبون إلى أدلة الكتاب والسنة، تمويهًا على الناس- مع ما تنطوي عليه كتاباتهم من الرغبة في إثارة البلبلة وتشكيك الأمة في ثوابتها وأغلى موروث لديها، والرغبة في التصدر وتوجيه أنظار الناس إليهم، ونحو ذلك ﴿ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾.

    المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »

    [1] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3250)، والترمذي في فضائل الجهاد (1648)، وابن ماجه في الزهد (4330)- من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.

    [2] أخرجه الترمذي في الزهد (2320)، وابن ماجه في الزهد (4110)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب".






    الألوكة


  • #2
    شكرا لك على هذه التواجد الفعال
    والمشاركات النافعه والمفيده
    فبارك الله فيك وجزاك الله خير

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك
          وبورك في جهودك الطيب
          ووفقك الرحمن لكل خير
          ولا حرمك الله الاجر والثواب




          تعليق


          • #6
            يسعدني ويشرفني مروركم العطر

            تعليق

            يعمل...
            X