منذ خمسة وعشرين عاما ولم نتعلم بعد!
فأيُ اباء نحن ؟ وأي أمهات أنتن ؟.
... والحكاية ايها السيدات والسادة / أن أبني البكر كان كثيرالشقاوة في صغره وكُنت دائم التقريع له والضرب الى حد الغلو في هذا الجانب البئيس من جوانب التربية .. وفي احدى المرات وجدته منزوياً وحده وهو يبكي بكاء الحسرة لابكاء الألم، فسألته مالسبب فقال وبكل هدوء (أبغى اخرّْب) فوقفت مشدوهاً ومنبهراً من هذه الاجابة الصريحة، والرغبة الجامحة في التخريب والعبث لدرجة أن يستجدي ذلك عن طريق البكاء ./طبعاً لم اجلس الى جانبه لمواساته اوتهدئة نفسه ومراعاة مشاعره ... بل قطبت جبيني كالعادة وحدقت في وجهه وكدتُ ( اصفق برأسه ) في الجدارالذي خلفه، ولكنني اكتفيت بنهره وقلت له معاتباً متى تعقل وتهجد فقال بلتغة الطفولة (إيكبلت) يعني: اذا كبُرتْ !! عندها صدمني بهذه الاجابة الى حد أنني تسمرت واقفا في مكاني لبعض الوقت، لكنني سرعان مانسيت الامر، وعدت أنا وهو لموالنا المعتاد هو يقوم بالعبث والازعاج وانا اقوم بالضرب والتوبيخ، الى ان شبَّ واستقل فكراًوعملاً ( حفظه الله ورعاه ).
ولازلت انا واياه نتذكرذلك الموقف بين الحين والاخرمن باب الدعابة وليس من باب العبرة، على الاقل بالنسبة لي كأب .!
واليوم وبعد مرورعقدين ونصف من ذلك الحدث/ كنت حدث أن كنت جالساً مع طفلتي ذات الـ5 أعوام قبل الافطار نشاهد برنامجاً على إحدى قنوات الاطفال، وفيه شيء من تعليم آداب الجلوس على المائدة/ فألتفت الى صغيرتي وقلت لها / انظري كيف يأكلون بدون ان يلقوا الطعام على ملابسهم.. فقالت وبدون مقدمات (ابويه/ حنا اطفال لازم نُكبْبْ على ملابسنا... مااااانقدر ....!)
طبعاً انبهرت وانصدمت من ردها الفوري الذي ألجم تطفلي على عالم الطفولة البريء، وقفز مباشرة الى ذهني موقفي مع اخيها ــ من قبل ــ بل وعرفت حينها انه منذ 25 عاما تخللها عدد من الزيجات وعشرة من الاولاد والبنات ~ ولم أتعلمُ بعـد ~ . ولقــد هممتُ أن ( اصقع ) برأسي في الجدارالذي خلفي، لكن تذكرت أنني صائم، وقد أفطربسبب الارتطام ،فعذتُ من الشيطان/ واكتفيت بتقليب ارشيف تربية الابناء والبنات، فإذا اغلبه ملفات سوداء ملطخة بالجرم البدني والتعذيب النفسي الذي نرتكبه في حق فلذات اكبادنا، دون وازع من دين اوتأنيب من ضمير./ وهنـــا انحنيت وقبلتها على جبينها (حفظها الله) .. قبلتها بقلبي قبل أن اقبلها بشفتي، وتحسرت أنني لم افعل ذلك مع اخيهاعندما كان في عمرهـــا .!
وأخيراً ها انا وبعد هذه السنون العجاف من القسوة( غير المقصودة بالطبع ) واللامبالة، أتمرد على كبريائي واحط جلمدتي من عليائها، متوسلا الى صغيرتي بأن تقبلني تلميذا في مدرستها الطفولية عذبة العلوم ولطيفة التعليم، ولعلي ألحق ولوعلى كبر وشيبة بعضُ مافاتني وانا فتي ذوهيبة.
وأدعوكم جميعاً ايها الاباء من (أمثالي) الى أن تلتحقوا فوراً بفصول التعليم التي يكون فيها اطفالكم هم المعلمون والمربون، وتكونون انتم من موائد لطفهم تتذوقون وعلى طاولات عذوبتهم تنهلون، لعلي واياكم، نتعلم فيما بقي، ونكفرعما مضى ... والله المستعان ..
-- اوران --
15رمضان43هـ
15رمضان43هـ
تعليق