• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ.... ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ.... ﴾


    تفسير قوله تعالى:

    ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ....



    قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [البقرة: 130].


    أثنى الله عز وجل على إبراهيم في الآيات السابقة، وذكر فضله، ثم أخبر أنه لا يعدل عن ملة إبراهيم وعن الاقتداء به بعد ما عرف فضله إلا من سفه نفسه، وفي ذلك تعريض بأهل الكتاب والمشركين، ورد عليهم وتحذير من مسلكهم.

    قوله: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الواو: مستأنفة، و"من": اسم استفهام معناه الإنكار والنفي والاستبعاد، أي: لا أحد ﴿ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ كاليهود والمشركين كما قال تعالى في اليهود: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [البقرة: 142]، وقال تعالى في المشركين: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [الأنعام: 140].

    يقال: رغب في كذا، أي: طلبه وأحبه، ويقال: رغب عن كذا، أي: تركه وزهد فيه وأعرض عنه.

    فمعنى: ﴿ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ أي: يتركها ويزهد فيها رغبة عنها.

    و"الملة" هي الدين، أي: ومن يرغب عن دين إبراهيم وطريقته ومنهجه، وهي الحنيفية، دين الإسلام، كما قال تعالى في الآيات السابقة: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [البقرة: 128]، وقال تعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة: 132]، وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران: 67].

    وقال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 120 - 123].

    وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 161] وهي ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123].

    وقال صلى الله عليه وسلم: "إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة"[1].

    ﴿ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ : "إلا": أداة استثناء، و"من": موصولة، أي: إلا الذي سفه نفسه أي: أوقعها في السفه، والسفه: ضد الرشد، أي: أوقعها في السفه في الدين الذي هو أعظم أنواع السفه، وجهل نفسه، وما يجب لها فضيعها ووضعها موضع الذل والهوان، ورضي لها بالدون، وباعها بصفقة المغبون، كما قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس: 9، 10].

    وقال صلى الله عليه وسلم: "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"[2].
    وقد أحسن القائل:
    وما الناس إلا عاملان فعامل
    يُتَبِّرُ ما يبني وآخر رافع[3]


    وقال الآخر:
    وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
    فكن طالباً في الناس أعلى المراتب[4]


    وقال الآخر:
    إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها
    هواناً بها كانت على الناس أهونا[5]


    وفي الآية إنكار وتوبيخ ونعي على من رغب عن ملة إبراهيم ودين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم.

    ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ، وقال تعالى في سورة النحل: ﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل: 122]. وقال تعالى في سورة العنكبوت: ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت: 27].

    قوله: ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا الواو: استئنافية، واللام للقسم، و"قد" للتحقيق، أي: والله لقد اصطفيناه في الدنيا، فالجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم المقدر، واللام، و"قد".

    ﴿ اصْطَفَيْنَاهُ الاصطفاء: الافتعال من الصفوة: أي: اخترناه واجتبيناه وجعلناه من المصطفين الأخيار بالرسالة والنبوة والإمامة والخلة، وجعل النبوة والكتاب في ذريته. فكان عليه السلام إمام الحنفاء، جرد التوحيد لله، وتبرأ من كل معبود سواه، وتبرأ مما عليه أبوه وقومه، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل: 120 - 122].

    وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف: 26، 27]، وقال تعالى عنه أنه قال: ﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 78، 79].

    وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة: 114].

    ﴿ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ الواو: عاطفة، واللام في قوله: ﴿ لَمِنَ تفيد التوكيد، أي: وأنه في الآخرة لمن الصالحين، الذين جمعوا بين الإخلاص لله والمتابعة لشرعه، ولهم أعلى الدرجات.

    والصلاح من أفضل ما وصف الله به رسله وأنبياءه وعباده المؤمنين؛ ولهذا كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يرحبون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج بقولهم: "مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح"[6].

    قال الطبري[7]: "والصالح من بني آدم هو المؤدي حقوق الله عليه، فأخبر تعالى ذكره عن إبراهيم خليله أنه في الدنيا له صفيٌّ، وفي الآخرة وليٌّ وأنه وارد موارد أوليائه الموفين بعهده".

    [1] أخرجه أحمد (5/ 266) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وأخرجه مختصراً (6/ 116) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    [2] أخرجه مسلم في الطهارة (223) - من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.

    [3] البيت للبيد. انظر: "ديوانه" ص56.

    [4] البيت ينسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر: "ديوانه" ص15.

    [5] انظر: "أدب الدنيا والدين" (ص320)، "الدر الفريد" (2/ 367).

    [6] أخرجه البخاري في الصلاة (349)، ومسلم في الإيمان- الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (163) - من حديث أنس رضي الله عنه.

    [7] في "جامع البيان" (2/ 580).











    الألوكة


  • #2

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا


      ‏يامن سجد وجهي لوجهك ولازال
      يجني ثمار السجده اللي سجدها

      انا بوجهك من عنى الوقت لا مال
      وشر النفوس المبغضات وحسدها

      تعليق


      • #4

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك
            وبورك في جهودك الطيب




            تعليق


            • #7
              جزاك الله الف خير

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك

                  تعليق

                  يعمل...
                  X