• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكلام على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكلام على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾

    الكلام على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ


    قال المصَنِّفُ: وَعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ[1] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ[2] فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا ثَعْلَبَة! كَيْفَ تَقُولُ فِي ِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ[3]، فَقَالَ: أَمَا وَالله لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمْ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ؛ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامّ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّابِرُ فِيهِنَّ[4]؛ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِلِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ)، قلنا: مِنَّا أَمْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: بَلْ مِنْكُم، رواه أبو داود والترمذي[5].


    معنى قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ... ﴾:
    قال العلامة السعدي: في "تفسيره" (ص246): يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي: اجتهدوا في إصلاحها وكمالها وإلزامها سلوك الصراط المستقيم، فإنكم إذا صلحتم؛ لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم، وإنما يضر نفسه.

    ولا يدل هذا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يضر العبدَ تركُهما وإهمالُهما، فإنه لا يتم هداه، إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم، إذا كان عاجزًا عن إنكار المنكر بيده ولسانه وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره.

    وقوله: ﴿ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ﴾؛ أي: مآلكم يوم القيامة، واجتماعكم بين يدي الله تعالى. ﴿ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من خير وشر؛اهـ.

    تعليق الإمام ابن باز: على قوله تعالى: ﴿ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾:
    قال العلامة ابن باز: قوله: ﴿ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾: من الهداية، الأمر بالمعروف، ولا يضر الناس من ضل إذا استقاموا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى يعني: إذا أدى الطاعات الخاصة، هذا غلط.

    من الهداية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا من أسباب الهداية، ولهذا خطب الصديق س الناس لما تولى، وقال: إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقابه.

    وكذا في هذه الآية قال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتم شحًّا مطاعًا وهوًى متبع، ودنيا مؤثَرَةً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه؛ فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيامًا الصابر فيهن كالقابض على الجمر.

    الله المستعان، هؤلاء هم الغرباء الذين يَصلُحون عند فساد الناس، ويُصلحون ما أفسد الناس، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويتمسكون بالقرآن حينما يتركه الناس، بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء.

    فالغرباء هم: أهل الصلاح والاستقامة، وتنفيذ الأوامر والدعوة إلى الله، عند فساد الزمان وتغير أهله؛ اهـ.

    قوله: (أما والله): قال الحافظ: في "الفتح" (1/ 102) عند قوله: فوالله لا يمل الله حتى تملوا: فيه: جواز الحلف من غير استحلاف، وقد يستحب إذا كان في تفخيم أمر من أمور الدين، أو حث عليه، أو تنفير من محذور؛ اهـ.

    قوله: (سألتَ عنها خبيرًا): فيه جوز مدح النفس بما فيها عند الحاجة، إذا أمنت الفتنة، والله أعلم.

    تعريف المعروف والمنكر:
    قال العلامة السعدي: في "القواعد الحسان" (ص10): المعروف في القرآن: اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعًا وعقلًا، وعكسه: المنكر والسوء والفاحشة؛ اهـ.


    قوله: (شحًّا مطاعًا): قال ابن الأثير: في "النهاية" (ص468): الشح: هو أشد من البخل؛ اهـ.


    قوله: (مطاعًا): قال المناوي: في "التيسير" (1/ 956): أي: بخل يطيعه الإنسان، فلا يؤدي ما عليه من حق الحق، وحق الخلق.


    الحكمة من تقيده صلى الله عليه وسلم الشحَ أن يكون مطاعًا:
    فال المناوي: ـ عقب كلامه السابق ـ: ولم يقل صلى الله عليه وسلم مجرد الشح يكون مهلكًا؛ لأنه إنما يكون مهلكًا إذا كان مطاعًا، أما لو كان موجودًا في النفس غير مطاع فلا يكون كذلك؛ لأنه من لوازم النفس مستمدا من أصل جبلتها الترابي، وفي التراب قبض وإمساك، وليس ذلك بعجيب من الآدمي، وهو جبلي، إنما العجب وجود السخاء في الغريزة، وهو النفوس الفاضلة الداعي لهم إلى البذل والإيثار؛ اهـ.


  • #2

    قوله: (هوى متبع): قال المناوي في "التيسير" (1/ 956): بأن يتبع ما يأمره به هواه؛ اهـ.


    وقال في "عون المعبود" (11/ 332): بصيغة المفعول؛ أي: وهوى للنفس متبوعًا، وطريق الهدى مدفوعًا، والحاصل: أن كلًّا يتبع هواه؛ اهـ.


    وقال في "النهاية" (3/ 322): هو أن يُطِيعَه صاحِبَه في مَنْع الحُقُوق التي أوجَبها الله عليه في مالِه؛ اهـ.


    قلت: وقد ذم الله تعالى الهوى والأخذ به مع ذكر بعض أضراره؛ فقال: ï´؟ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ï´¾ [الأعراف:175 - 176].


    وقال تعالى: ï´؟ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ï´¾ [الكهف:28].


    وقال تعالى: ï´؟ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ï´¾ [طه:16].


    وقال تعالى: ï´؟ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ï´¾ [الفرقان:43].


    وقال تعالى: ï´؟ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ï´¾ [القصص:50].


    وقال تعالى: ï´؟ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ الله أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ï´¾ [الجاثية: 23].


    قوله: (دنيا مؤثرة): قلت: كما قال الله تعالى: ï´؟ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ï´¾ [الأعلى: 16 - 17].


    قال السعدي: في "تفسيره" (ص921): أي: تقدمونها على الآخرة، وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الآخرة..


    ï´؟ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ï´¾، وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء.


    فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة، براحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة؛ اهـ.


    وقال أبو الطيب: في "عون المعبود" (11/ 332): ودنيًا ـ بالتنوين كذا ضبط في بعض النسخ بالقلم.

    وقال في "شرح المشكاة" بالقصر، وفي نسخة بالتنوين، قال: وهي عبارة عن المال والجاه في الدار الدنية.

    مؤثرة أي: مختارة على أمور الدين؛ اهـ.

    تعريف الدنيا وسبب تسميتها بذلك:
    قال في "شمس العلوم" (4/ 2171): الدُّنْيَا: نقيض الآخرة، وسميت دنيا لدنوِّها منا، وهو من الواو، والنسبة إليها دنياوي ودنيوي؛ اهـ.

    قوله: (وإعجاب كل ذي رأيه برأيه): قال أبو الطيب: في "عون المعبود" (11/ 332): والإعجاب ـ بكسر الهمزة ـ هو وجدان الشيء حسنًا ورؤيته مستحسنًا بحيث يصير صاحبه به معجبًا، وعن قبول كلام الغير مجنبًا، وإن كان قبيحًا في نفس الأمر، وما معناه؛ أي: من غير نظر إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وترك الاقتداء بالصحابة والتابعين؛ اهـ.

    وقال في "شرح ابن ماجه" للسيوطي وغيره (ص290): قال الطيبي: وإعجاب المرء برأيه ألا يرجع إلى العلماء فيما فعل بل يكون مفتي نفسه فيه؛ اهـ.

    قوله: (فعليك بخاصة نفسك): قال أبو الطيب: في "عون المعبود" (11/ 332): قوله: عليك ـ يعني ـ بنفسك: كأن في الحديث لفظ: فعليك فقط، فزاد بعض الرواة يعني بنفسك؛ إيضاحًا لقوله: فعليك؛ أي: يريد بقوله: فعليك، فعليك بنفسك، وفي رواية الترمذي: فعليك نفسَك؛ اهـ.

    هل يستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: عليك بخاصة نفسك، ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كما في "الفتاوى" (14/ 479) ـ في كلامه على حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه: وهذا يُفسِّره حديث أبي سعيد، في "مسلم": من رأى منكم منكرًا؛ فليُغيرهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.


    فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يُؤْذُونَ الناهي لغلبةِ الشح والهوى والعُجب، سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب.


    والشح: هو شدَّة الحرص الذي يُوجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهيته.


    والهوى المُتبع: في إرادة الشرِّ ومحبته.


    والإعجاب بالرأي: في العقل والعلم، وقد ذكر فساد القوى الثلاث التي هي: العلم والحب والبغض؛ اهـ.


    قلت: وله تتمة تأتي بإذن الله في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: للعامل فيهنَّ مثل أجر خمسين....


    قوله: (ودعْ عنك العوام): قال أبو الطيب: في "عون المعبود" (11/ 332): أي: واترك عامة الناس الخارجين عن طريق الخواص؛ اهـ.


    قوله: (فإن من ورائكم): قال أبو الطيب في "عون المعبود" (11/ 332):أي: خلفكم.


    قوله: (أيام الصبر)؛ أي: أيامًا لا طريق لكم فيها إلا الصبر، أو أيامًا يحمد فيها الصبر، وهو الحبس على خلاف النفس.


    واعلم أنه وقع في بعض النسخ: فإن من ورائكم أيام الصبر فيه مثل قبض على الجمر.


    قال في "فتح الودود": قوله: فإن من ورائكم أيام، هكذا هو في بعض النسخ، وفي بعضها: أيامًا ـ بالنصب ـ، وهو الظاهر، والأول محمول على مسامحة أهل الحديث؛ فإنهم كثيرًا ما يكتبون المنصوب بصورة المرفوع، أو على لغة من يرفع اسم إن، أو على حذف ضمير الشأن، والله تعالى أعلم انتهى.


    قوله: (مثل قبض على الجمر): قال أبو الطيب: في "عون المعبود" (11/ 332): قوله: مثل قبض على الجمر؛ يعني يلحقه المشقة بالصبر، كمشقة الصابر على قبض الجمر بيده؛ اهـ.


    الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: للعامل أجر خمسين منكم... الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه؟

    قال شيخ الإسلام: كما في "الفتاوى" (14/ 479): حديث صحيح، فيه الخبر الصادق بحصول غربة الدين الصحيح، وفضل الغُرباء؛ حيث إنَّ أجورهم تُضاعف؛ لأن الأجر على قدر النصب والمشقة والأذى الذي يلقونه من المخالفين ومضاعفة أجورهم.


    ولا يلزم منه أنهم أفضل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الحديث خاص في مضاعفة أجورهم، وليس فيه أنهم أفضل من الصحابة؛ فإن لهم من الفضائل الثابتة ما ليس لهؤلاء الغُرباء، وإنما حصل لهم الفضل لأتباعهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بإحسان؛ اهـ.


    قوله: للعامل فيهن مثل أجر خمسين...: قال في "عون المعبود" (11/ 332):قال القاري: فيه تأويلان:
    أحدهما: أن يكون أجر كل واحد منهم على تقدير أنه غير مبتلى ولم يضاعف أجره.


    وثانيهما: أن يراد أجر خمسين منهم أجمعين لم يبتلوا ببلائه؛ انتهى.


    وقوله: (أجر خمسين منكم): قال في "فتح الودود": هذا في الأعمال التي يشق فعلها في تلك الأيام لا مطلقًا، وقد جاء: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، ولأن الصحابي أفضل من غيره مطلقا؛ انتهى.


    وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ليس هذا على إطلاقه، بل هو مبني على قاعدتين:
    إحداهما: أن الأعمال تشرف بثمراتها.

    والثانية: أن الغريب في آخر الإسلام كالغريب في أوله، وبالعكس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا، كما بدأ، فطوبى للغرباء من أمتي، يريد المنفردين عن أهل زمانهم.

    إذا تقرر ذلك، فنقول: الإنفاق في أول الإسلام أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم لخالد رضي الله عنه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا؛ ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه؛ أي: مد الحنطة.

    والسبب فيه: أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام وإعلاء كلمة الله، ما لا يثمر غيرها.

    وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين؛ لقلة عدد المتقدمين، وقلة أنصارهم، فكان جهادهم أفضل.

    ولأن بذل النفس مع النصرة ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، جعله أفضل الجهاد؛ ليأسه من حياته.

    وأما النهي عن المنكر بين ظهور المسلمين وإظهار شعائر الإسلام، فإن ذلك شاق على المتأخرين، لعدم المعين وكثرة المنكر فيهم، كالمنكر على السلطان الجائر، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: يكون القابض كالقابض على الجمر، لا يستطيع دوام ذلك؛ لمزيد المشقة، فكذلك المتأخر في حفظ دينه، وأما المتقدمون فليسوا كذلك؛ لكثرة المعين وعدم المنكر، فعلى هذا ينزل الحديث؛ انتهى؛ اهـ.

    وقال المبارك فوري: في "تحفة الأحوذي" (8/ 337): قال في "اللمعات" يدل على فضل هؤلاء في الأجر على الصحابة من هذه الحيثية.

    وقد جاء أمثال هذا أحاديث أخر، وتوجيهه كما ذكروا: أن الفضل الجزئي لا ينافي الفضل الكلي.

    وقد تكلم بن عبد البر في هذه المسألة، وقال: يمكن أن يجيء بعد الصحابة من هو في درجة بعض منهم، أو أفضل ومختار العلماء خلافه انتهى. اهـ

    تعليق العلامة ابن باز: على حديث أبي ثعلبة الخشني س السابق:
    قال العلامة ابن باز: هذا فيه الحث على الاستقامة في الغربة، وأنه ينبغي للمؤمن أن يستقيم ويحرص على الاستقامة عند غربة الناس، ولا يغتر بكثرة الهالكين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما تلا الصديق هذه الآية: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ï´¾، قال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقابه؛ اهـ.

    [1] هو: أبو أمية الشعباني الدمشقي اسمه: يُحمد ـ بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم، وقيل: بفتح أوله والميم ـ وقيل: اسمه عبد الله، مقبول من الثانية عخ د ت ق. اهـ من "التقريب" (ص620)

    [2] هو: أبو ثعلبة الخشني صحابي مشهور بكنيته قيل اسمه جرثوم، أو جرثومة، أو جرثم، أو جرهم، أو لا شر، أو لاش ـ بغير راء ـ أو الاشق، أو لا شومة، أو ناشب، أو باشر، أو غرنوق، أو شق، أو زيد، أو الأسود.

    [3] المائدة [105].

    [4] قال في "عون المعبود" (11/ 332): قوله: "الصبر فيه" كذا في عامة النسخ التي في أيدينا، وفي نسخة: "فيهن"، وهو الظاهر، وأما تذكير الضمير كما في عامة النسخ، فلا يستقيم إلا أن يُؤوَّل أيام الصبر بوقت الصبر؛ اهـ.

    [5] رواه أبو داود برقم (4341)، والترمذي (3053)، وابن ماجه (4014)، وابن أبي حاتم (6915)، والطبراني في "الكبير" (11/ 145)، كلهم من طريق عمرو بن جارية اللخمي، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولم يروي عنه غير عتبة بن أبي حكيم، وفيه عتبة بن أبي حكيم.
















    الألوكة

    تعليق


    • #3
      جزآآك الله خيرآ
      وجعله في موازين آحسناتك
      لاعدمنآك
      لك كل التقدير




      تعليق


      • #4
        بارك الله فيكم ونفع بكم

        تعليق


        • #5
          ياودود ياودود
          ياذا العرش المجيد
          يامبدئ يامعيد
          يافعال لمايريد
          أسألك بنورك الذي ملأ اركان عرشك
          وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك
          وأسألك برحمتك التي وسعت كل شي
          لا إله إلا أنت يامغيث اغثني

          تعليق


          • #6
            بوركت الجهود الطيبه

            تعليق


            • #7

              تعليق

              يعمل...
              X