• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بلاغة "نارًا ذات لهب" في ضوء كلام العرب[1]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بلاغة "نارًا ذات لهب" في ضوء كلام العرب[1]

    بلاغة "نارًا ذات لهب" في ضوء كلام العرب[1]

    جاء عن أبي لهب في سورة المسد: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ [المسد: 3].

    فيظهر بادئ ذي بدء أنَّ ﴿ ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ في ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ [المسد: 3] جاءت زائدة لأجل اتفاق رؤوس الآيات، ولكن النظر في كلام العرب يُنْبِئُنا عن فائدة مجيء هذه الصفة؛ فقال عنترة بن شداد العبسي الذي كان أشهر فرسان العرب:
    خُلِقتُ للحرب أُحْمِيها إذا بردتْ
    وأصطلي نارَها في شدة اللهب[2]

    فـ"في شدة اللهب" جاء لبيان شدَّة الحرب ومن هنا رجولية الشاعر.

    ويقرب منه قول جرير:
    وأوقدتُ ناري بالحديد فأصبحتْ
    لها لَهَبٌ يُصلِي به الله مَنْ يُصلِي[3]

    ولكنه لم يبلغ ما بلغه قول عنترة.

    وقال امرؤ القيس مشيرًا إلى مجيء الصفة "ملهب":
    فقفَّى على آثارهنَّ بحاصب
    وعَبْيَةِ شُؤبؤب من الشدِّ ملهب[4]

    وقال الفرزدق:
    وأنت للناس نورٌ يُستضاءُ به
    كما أضاء لنا في الظلمة اللَّهَبُ[5]

    وهنا جاء "اللهب" لبيان بياض المديح.

    وقال أبو العيال يصف سيف مديحه:
    خِضمٌّ لم يُلِقْ شيئًا
    كأنَّ حُسامَه اللهبُ[6]

    فـ"اللهب" هنا لم يجئ إلا لبيان شدة لون السيف وصيقلته.

    وإليه الإشارة في قول امرئ القيس الذي الذي شبَّه فيه سنان الرديني بسنان اللهب:
    جمعتُ رُدينيًّا كأنَّ سنانَه
    سنا لهَبٍ لم تتصل بدخانِ[7]


    وقال الفرزدق:
    وكم من حبيبٍ قد تناسيتُ وصلَه
    يكادُ فؤادي إثرَه يتلهَّبُ[8]

    فذكر "يتلهَّب" لبيان شدَّة وجده.

    وقال أبو النجم العجلي:
    كأنه إذ أضاء البرقُ صورتَه
    مسربَلٌ قُبطُرِيًّا يصطلي اللهبا[9]

    فالشاعر هنا مدح بياض وجه المديح ويكأنَّ الضوء ينعكس عليه فيزداد حسنًا وجمالًا.

    وقال سراقة البارقي:
    فلمَّا أتتنا شيعةُ الله تدَّعي
    لها لهبٌ تبيضُّ منه المقادمُ[10]

    فهنا يشبِّه قراع السيوف والرماح باللهب لبياضها.

    وقال عبيد بن الأبرص:
    فأوردها سربًا ذُبَّلًا
    كأنهنَّ اللهَبُ الشاعل[11]

    فهنا جاء باللهب الشاعل ليدلَّ على أنَّ السرب أشدُّ بياضًا.
    وبالجملة فلفظ "اللهب" يُشبَّه به بياض الأشياء وشدتها، والقرآن أورده وصفًا للنار، فكما أنَّه يفيد لون النار، فكذلك يدلُّ على شدَّته، وهكذا يملأ فراغ رأس الآية، وهذه بلاغة للقرآن عجز عن تقديم مثلها فحولُ بلغاء القرون.

    المصادر والمراجع:
    1- القرآن الكريم.
    2- ديوان أبي النجم العِجْلِي، جمع وشرح وتحقيق: محمد أديب عبدالواحد جمران، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 2006م.
    3- ديوان الفرزدق، شرح الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1987م.
    4- ديوان الهذليين، الجمهورية العربية المتحدة، الثقافة والإرشاد القومي، طبعة دار الكتب، بيروت، 1996م.
    5- ديوان امرئ القيس، ضبطه وصحَّحه: الأستاذ مصطفى عبدالشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م.
    6- ديوان جرير، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1986م.
    7- ديوان سراقة البارقي، تحقيق وشرح: حسين نصَّار، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط1، 1947م.
    8- ديوان عبيد بن الأبرص، بشرح: أشرف أحمد عدرة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1994م.
    9- شرح ديوان عنترة بن شداد العبسي، للعلامة التبريزي، دار الكتاب العربي، ط1، 1992م.
    10- مختارات شعراء العرب لهبة الله بن علي أبي السعادات العلوي المعروف بابن الشجري، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992م.
    11- موسوعة شعراء العصر الجاهلي لعبد عون الروضان،دار أسامة للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2001م.

    [1] د. أورنك زيب الأعظمي، مدير تحرير "مجلة الهند" وأستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيودلهي.

    [2] شرح ديوانه، ص 36.

    [3] ديوانه، ص 371.

    [4] ديوانه، ص 35، حاصب: الريح التي تقذف الحصى.

    [5] ديوانه، ص 37.

    [6] ديوان الهذليين، 2/248.

    [7] ديوانه، ص 170، وأخذ منه ابن جُعل فأفسد:
    جمعتُ رُدينيًّا كأنَّ سنانه
    سنا لهبٍ لم تستعر بدخان

    موسوعة شعراء العصر الجاهلي، ص 8، فإنَّ "تتصل" أبلغ من "تستعر".

    [8] ديوانه، ص 74.

    [9] ديوانه، ص 82، قبطري: ثياب من كتّان بيض

    [10] ديوانه، ص 92

    [11] ديوانه، ص 93 ومختارات ابن الشجري، ص 350




    الألوكة

  • #2
    جزآآك الله خيرآ
    وجعله في موازين آحسناتك
    لاعدمنآك
    لك كل التقدير




    تعليق

    يعمل...
    X