السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*كلٌ منا يعرف معنى الهياط،والفشخرة، والتفاخر وهم الخروج عن الطبيعي، من الأفعال والأقوال، بحثاً عن جلب الاهتمام واستقطاب الإثارة من فئات المجتمع.
*وبلاشك أن كل ذلك من أثار النعمة والتي هي مطغية بل مهلكة لمن لم يحسن شكرها،وتقديرها وعدم احترامها والعبث بها ولنا فيمن سبقونا عبرةٌ وعظةٌ ودروس مستفادة يجب أخذ العبرة منها حتى لايلحقُنا مالحق بهم.
*قال تعالى:وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ.الآية. (53)سورة النحل.
*وعن أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلّ الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال:لولا إني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها"متفق عليه.
*فأين نحن من ذلك أيها الأحباب ألا ترون مانحن فيه من نعم وفضل وهي تحتاج إلى شكروتقدير وعبادة صادقة لله وحده لاشريك له ،وان نعود إلى الله قبل أن تتغير الأحوال ومن ثم لاينفع الندمُ والحسرةُ وقول ياليت وياليت .
*ونحن نعلم أن الهياط، والفشخرة ،والتفاخر هي لست مواضيع مجتمعية جديدة بل هي موجودة من زمن بعيد ولها أشكالها وألوانها وكما قال الشاعر عمرو ابن كلثوم:
ملأنا البحر حتى ضاق فينا :
وماءُ البحر نملأهُ سفينا
إذا بلغ الفطامُ لنا وليداً :
تخرُ له الجبابرة ساجدينا
ونشربُ إن وردنا الماء صفواً :
ويشربُ غيرنا كدراً وطينا
*وهو يعدُ من أشدُ الهياط، والمفاخرة ،والكذب في الماضي والحاضر ، ومع وسائل التواصل والإتصال والسوشيال ميديا زادت وتفشت بل تجاوزت الحدود التي شرعها الله تعالى لعباده في هذه الدنيا لكي يعيشوا في أمن وأمان وراحةُ بال وسعةُ رزق والبعد عن الفتن.
*فهناك فئة تجدهم يصورون كل ما هب ودب في حياتهم وأحياناً يلجاؤون لأفعال إنسانية (مزيفة) بُغية الظهور والبروز ،واثبات الوجود حتى على جراح الآخرين، وملامح هؤلاء والسمة الغالبة فيهم الإسراف، والبذخ، والتبذير سواءً لمن يملك المال أو لمن لا يملكه فهذا الداءُ عند الأغنياء والفقراء على حدٍ سواء، وقد يرتبط حب الظهور ولفت الأنظار بمرحلة الشباب والمراهقة عند الشباب والفتيات ويعدهُ عُلماء النفس شيئاً طبيعياً، ولكن هناك من تستمر عندهم المراهقة، والصبيانية حتى وهم يتخطون سن الشباب بل من بلغ من العمر عتيا ،وحينها يؤكد المختصون بأن بعض الشخصيات المريضة بحب الظهور يستمر لديها هذا المرض ويكون عندها الرغبة الجامحة في لفت انتباه الغير لدرجة أنه يصاب أصاحبُها بحالة من الهوس وإظهار الكبر والاستعلاء، وحب التسلط ،والإعجاب بالنفس، والافتخار بها، وحب الجاه والشهرة ،وحب المدح والرياء. ويقول الشاعر:
سويت نفسك دارس الوضـع زين وفاهمه
و خليتها يابـوالشبـاب مسخرةومفلفلـة !!!
ما حـــد جبـرك تضيع وتسير وسـط المعمعة
و تستصعب الموقـف مع الزمن ولا تستسهلـه!!!
المرجله لا صارت هياط وتفاخر وفشخرة
مـا عـادابيهـالعن أبوهـا كانت هي المرجلـة!!
و ان كانهـا قـول و فعـل ومواقف مشّرفة
ما عندي الا تـم وأبشـر وحاضر و ازهلـه!!!
خذ لك نصيحه كانت تسـام سابق بقافلة
يا راعي الفلاشات أو بالأصح يا عبهلـه !!!
لا عاد تهايط وتفاخر في رجال عاقلة
ريح ركابك وخل الكرم والطيب لهلـه!!!
و لا عاد تركب رأسك في مواضيع فاشلة
و تبقى كذا ضايع مـن مرحلة لا مرحلـة!!
ما هو بعيب انـك تغيـر منهجـك وتصححه
العيـب وأنـواع الخطـأ والمسخرة والمهزلـة!!
إنـك تجـي وتجلس تصور وتنتقد تلك الفئة
على فعل وقول وأنت أول من يروج له ويفعلـه !!
راجـع حساباتـك و فكـروتعـض قبل دخول المقبرة
و اضرب على نفسك جميع الحلول والأمثلـة!!!
* ونجد أنه يبدأ تفكير هؤلاء الأشخاص المصابين ب"الهياط" والفشخرة "والتفاخر" بالبحث عن حلول مؤقتة ليظهروا بالشكل الذي يتمنونهُ الناس؛ فيظهروا مثلاً بمظهر الرجال الأغنياء وهم فقراء، أو بمظهر الكُرماء وهم بُخلاء، وبذلك لن يتحقق الرضا المطلوب، لأن سعادتهم مؤقتة، وسيعيشون حالة من التوتر ،والاضطراب لأنهم لا يعيشون واقعاً حقيقياً.بل يعيشون حياة البؤساء المخدوعين.
*وقد يكون الهياط ذاتياً كمن يُمجد نفسه شعراً ونثراً وكأنه (ابن جلا وطلاع الثنايا) وأحياناً بالخروج على الثوابت والقفز على الدين، والقيم ،والمبادئ، ومخالفة الأعراف من أجل أن يُذكر وكما قيل قديماً: (خالف تُعرف)، وقد نذكر لكم قصة الرجل الذي بال في بئر زمزم حتى يذكر أسمه عند العرب، وما أكثر هذه العينات التي لا تتورع عن فعل القبيح حتى يُردد الناس أسمائهم مقرونًا باقوالهم أو أفعالهم المعيبة والقبيحة والغير مقبوله لدى العُقلاء الفضلاءُ النبلاءُمن فئات المجتمع.
*وفي النهاية نجد أن هؤلاء الذين يحاولون تعويض مركب النقص بلفت الأنظار لديهم، لا يقدمون شيئاً مفيداً لا لهم ولا لمجتمعهم وإن قدمدوا اليسير فلأجل الفلاشات والتصوير، وتوثيق العنتريات والكرم الحاتمي الزائف، بل إن بعضاً من المرضى والمصابين والمُبتلين بذلك العمل انهالت عليهم الوعود الكاذبة من أصحاب الفلاشات وحينما أصبح الصبح فإذا هي كالأحلام أو كسراب بقيعة يحسبه الضمأن ماءً، فالمهايطون سجلوا حضورهم في تويتر، والسناب، والاستقرام، والواتس وهربوا على أرض الواقع، وعند الله تجتمع الخصوم ،ولامفر من ذلك. ونسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وان يردهم إليه رداًجميلاًأنه القادر على ذلك وبالإجابة جدير.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواءالسبيل.
تعليق