﴿ وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 168 - 173].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ هذا ثاني نداء وقع في سورة البقرة بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾، والأول في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].
وقد ذكر كثيرٌ من المؤلفين في أصول التفسير أن الغالب في السور المدنية أن يكون الخطاب فيها بـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 104]؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة صارت المدينة بلاد إسلام؛ وهي أول بلد إسلامي يحكمه المسلمون في هذه الرسالة؛ فصار التوجه إليها بالخطاب بـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 104]، لكنها ليست قاعدة، ولكنها ضابط يخرج منه بعض المسائل؛ لأن من السور المدنية فيها ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ [النساء: 1]؛ كسورة النساء، وسورة الحجرات.
﴿ كُلُوا ﴾ [البقرة: 168] أمر إباحة وتسويغ، ﴿ مِمَّا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 168] "من" يحتمل أن تكون لبيان الجنس، ويحتمل أن تكون للتبعيض، لكن كونها لبيان الجنس أولى؛ ويرجحه قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]؛ أي: كلوا من هذا ما شئتم؛ ويشمل كل ما في الأرض من أشجار وزروع وبقول، وغيرها، ومن حيوان أيضًا؛ لأنه في الأرض.
﴿ حَلَالًا ﴾ [البقرة: 168] ما انحلت عقدة الحظر عنه، وهو ما أذِن الله تعالى فيه، ﴿ طَيِّبًا ﴾ [البقرة: 168] ما كان طاهرًا غير نجس، ومستلذًّا لا مستقذرًا تعافه النفوس.
و"طيبًا": إما مؤكدة؛ لأن معناه ومعنى "حلالًا" واحد؛ وهو قول مالك وغيره، وإما مخصصة؛ لأن معناه مغاير لمعنى الحلال وهو المستلذ؛ وهو قول الشافعي وغيره؛ ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث، وهذا أولى؛ لأن حمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على التوكيد.
وقوله: ﴿ حَلالًا ﴾ لبيان الحكم الشرعي، و﴿ طَيِّبًا ﴾ لبيان علته؛ لأن الطيب من شأنه أن تقصده النفوس للانتفاع به، فإذا ثبت الطيب ثبتت الحِلِّيَّة؛ لأن الله رفيق بعباده لم يمنعهم مما فيه نفعهم الخالص أو الراجح.
وفيه تعريض بتحميقهم فيما أَعْنَتُوا به أنفسهم فحرموها من نِعَمٍ طيبة افتراء على الله، وفيه إيماء إلى علة إباحته في الإسلام وتعليم للمسلمين بأوصاف الأفعال التي هي مناط الحل والتحريم.
والمقصود إبطالُ ما اختلقوه من منع أكل البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي، وما حكى الله عنهم في سورة الأنعام من قوله: ﴿ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ ﴾ [الأنعام: 138].
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾ [البقرة: 168]: مسالك الشيطان، وطرقه المفضية بالعبد إلى تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم، كأنهم يقتفون آثاره، ويطؤون عقبه، فكلما خطا خطوة، وضعوا أقدامهم عليها، وذلك مبالغة في اتباعه، وإرسال النفس على العمل بما يوسوسه لها من الخواطر البشرية.
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾ [البقرة: 168] من سرَّه مساءة شخص، أو غَمَّهُ فرحُهُ فهو عدو؛ فالعدو من يحزن لفرحك، ويُسَرُّ لحزنك ﴿ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168] ظاهر العداوة؛ تعليل لسبب هذا التحذير من اتباع الشيطان؛ لأن من ظهرت عداوته واستبانت، فهو جدير بألَّا يتبع في شيء، وأن يفرَّ منه، فإنه ليس له فكر إلا في إرداء عدوه.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 168 - 173].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ هذا ثاني نداء وقع في سورة البقرة بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾، والأول في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].
وقد ذكر كثيرٌ من المؤلفين في أصول التفسير أن الغالب في السور المدنية أن يكون الخطاب فيها بـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 104]؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة صارت المدينة بلاد إسلام؛ وهي أول بلد إسلامي يحكمه المسلمون في هذه الرسالة؛ فصار التوجه إليها بالخطاب بـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 104]، لكنها ليست قاعدة، ولكنها ضابط يخرج منه بعض المسائل؛ لأن من السور المدنية فيها ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ [النساء: 1]؛ كسورة النساء، وسورة الحجرات.
﴿ كُلُوا ﴾ [البقرة: 168] أمر إباحة وتسويغ، ﴿ مِمَّا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 168] "من" يحتمل أن تكون لبيان الجنس، ويحتمل أن تكون للتبعيض، لكن كونها لبيان الجنس أولى؛ ويرجحه قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]؛ أي: كلوا من هذا ما شئتم؛ ويشمل كل ما في الأرض من أشجار وزروع وبقول، وغيرها، ومن حيوان أيضًا؛ لأنه في الأرض.
﴿ حَلَالًا ﴾ [البقرة: 168] ما انحلت عقدة الحظر عنه، وهو ما أذِن الله تعالى فيه، ﴿ طَيِّبًا ﴾ [البقرة: 168] ما كان طاهرًا غير نجس، ومستلذًّا لا مستقذرًا تعافه النفوس.
و"طيبًا": إما مؤكدة؛ لأن معناه ومعنى "حلالًا" واحد؛ وهو قول مالك وغيره، وإما مخصصة؛ لأن معناه مغاير لمعنى الحلال وهو المستلذ؛ وهو قول الشافعي وغيره؛ ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث، وهذا أولى؛ لأن حمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على التوكيد.
وقوله: ﴿ حَلالًا ﴾ لبيان الحكم الشرعي، و﴿ طَيِّبًا ﴾ لبيان علته؛ لأن الطيب من شأنه أن تقصده النفوس للانتفاع به، فإذا ثبت الطيب ثبتت الحِلِّيَّة؛ لأن الله رفيق بعباده لم يمنعهم مما فيه نفعهم الخالص أو الراجح.
وفيه تعريض بتحميقهم فيما أَعْنَتُوا به أنفسهم فحرموها من نِعَمٍ طيبة افتراء على الله، وفيه إيماء إلى علة إباحته في الإسلام وتعليم للمسلمين بأوصاف الأفعال التي هي مناط الحل والتحريم.
والمقصود إبطالُ ما اختلقوه من منع أكل البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي، وما حكى الله عنهم في سورة الأنعام من قوله: ﴿ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ ﴾ [الأنعام: 138].
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾ [البقرة: 168]: مسالك الشيطان، وطرقه المفضية بالعبد إلى تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم، كأنهم يقتفون آثاره، ويطؤون عقبه، فكلما خطا خطوة، وضعوا أقدامهم عليها، وذلك مبالغة في اتباعه، وإرسال النفس على العمل بما يوسوسه لها من الخواطر البشرية.
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾ [البقرة: 168] من سرَّه مساءة شخص، أو غَمَّهُ فرحُهُ فهو عدو؛ فالعدو من يحزن لفرحك، ويُسَرُّ لحزنك ﴿ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168] ظاهر العداوة؛ تعليل لسبب هذا التحذير من اتباع الشيطان؛ لأن من ظهرت عداوته واستبانت، فهو جدير بألَّا يتبع في شيء، وأن يفرَّ منه، فإنه ليس له فكر إلا في إرداء عدوه.
تعليق