تستفزّني عباراتٌ قد عفى الزمنُ على مدلولاتها وأكل عليها وشرب حتى أصابته التخمة ، فجعل يهرول هنا وهناك لعله يجد من يصيغُ له برنامجاً صحياً يخلّصه مما أثقله وأنهك قواه ..
عباراتٌ تستهوي الماضويين وتجبرك على إجترارِ الماضي وصبغِه على كل نازلةٍ وإسقاطِه على كل جديد ، فإن توافق ذلك الماضي معه وإلا فرفض المستجد هو سيّد الموقف .
- لم نكن نعرف هذا في زماننا .
- لم نسمع بمثل ذلك من قبل .
- الله يميتنا على ما أحيانا عليه .
- راحوا الطيبين .
- هذه أمورٌ دخيلة علينا .
إلى غير ذلك من العبارات التي يناكف بها البعضُ مستجداتٍ العصر دون تمييزٍ بين غثِّ وسمين .
نعلم أن هناك ثوابتٌ لا تتغير وأولها ثابت الدين الإسلامي القويم ، لكن أن نرفض المتغيراتِ التي لا تتعارض مع ديننا بحجة أنها لم تكُن في من سبقونا فتلك مثلبةٌ لا ينبغي أن نسمح لها أن تفُتّ في أعضادِ الناجحين ولا أن تشوّشَ على عقولِ المبدعين .
إن لكل زمانٍ مخترعاته ومبتكراته الصناعية والأدبية والإجتماعية والإقتصادية بل وفي كل مجال ، وتتطور من جيلٍ إلى جيل ، يفنى جيلٌ ويأتي الآخر حتى يرث الله الأرضَ ومن عليها ، ولا يلزم الجيلُ الحالي أن يكون نسخةً من سابقه ، ولا اللاحق أن يكون نسخةً مما نحن عليه ، فذاك كان وهذا كائنٌ والقادم ما سوف يكون ..
ومع عجلة التطور لا يُلزَم جيلٌ بجيلٍ إلا في الثوابت ، وإلا فنحن مجتمعٌ جامدٌ لا يتطور ولا ينمو ولا يتقدّم ، لأنه يسيطر عليه فكرٌ فضاؤه غبارٌ من أفواه الموتى .
ولكم ودادي .
تعليق