يحل علينا هذا اليوم الأثنين أول يومٍ من أيام شهر رجب .. هذا الشهر الذي أشتهر ببعض الجدل عنه قديماً وحديثا .
فقد دار الحديث قديماً ولا زال يدور حول الفضائل التي خص الله بها شهر رجب ، وكل ذلك لم يأتِ به الدين الحنيف ولكنها بِدَعٌ أبتدعوها من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان .
كذلك ما أستجد في زماننا هذا من وصف غرته بيوم ميلاد الطيبين .
ما يستيقنه المسلمون هو أن شهر رجب هو الشهر المنفرد من الأشهر الأربعة الحُرُم إذ لا يتصل زمنياً بالثلاثة الباقية ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ، ولكن حرمته تلك لم يأتِ في فضائلها صيامٌ مخصوصٌ أو صدقةٌ مخصوصةٌ إلا ما عرَض منها كبقية الشهور . والأحاديث التي يوردها البعض غفر الله لهم في فضائل الصوم في رجب لا تعدو كونها أحاديثٌ مكذوبة .
فهل رأى أولئك المبتدعون أن الدين ناقصٌ ( حاشاه ) حتى يكملوه بهذه الأحاديث لزيادة الأجر ؟
إن الدين قد أكمله الله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعد لأحدٍ من الخلق أن يزيد فيه أو ينقص ولو مثقال ذرة ، قال تعالى :
(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) .
أما تاريخُ ميلادِ ( الطيبين ) فصحيحٌ أن ذلك الوصف لا يُقصَد به جانباً من جوانب الدين ولكنه أيضاً ليس ميلاداً حقيقياً للطيبين إلا ما حدث فيه بالمصادفة ، بل كان تحديد غرة رجب بأمرٍ سامٍ لمن لم يوثَق تاريخ ميلاده من أبناء ذلك الجيل .
ومثل الإبتداع في الدين في شهر رجب بأحاديث مكذوبة ومنكرة وضعيفة مثله مثلما يحدث كلما هلّ شهر شعبان فنسمع من الأحاديث الضعيفة عن ليلة النصف من شعبان ما يجعل اللبيب حيرانا .
حَسَناً .. لعلي في هذه المناسبة أن أعلّق على موضوعٍ يتصل بما سبق ولاحظته في مجالسنا وفي وسائل التواصل الإجتماعي وهو تناقل الأحاديث النصية أو الصوتية الضعيفة والمكذوبة التي لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مجال وبشكلٍ عام ، فتقع في نفوس الناس على أنها من نبي الهدى فيتبعونها ثم ينكرون على من خالفها ويفسقونه بل قد يكفّرونه أو يغررون به .
ومثل هذا العمل يشوّه حنيفيّة الدين وقوامته داخل مجتمعات المسلمين وخارجها ، في حين أن الأحاديث الصحيحة هي أنوارٌ شافيةٌ كافيةٌ تضيء لنا الدروب وتشرح فينا القلوب .
لذلك أهيب بأخواني وأحبتي أن نتورّع ونتأكد من صحة الأحاديث قبل أن ننقلها حتى لا نقع في محضورِ وأثمِ من أبتدعها وأثم من اتبعها .
ولكم ودادي
تعليق