• تم تحويل المنتديات للتصفح فقط

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير قوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير قوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ

    تفسير قوله تعالى:

    ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ...



    قال الله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233].

    قوله: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ ﴾ جمع والدة، أي: اللاتي ولدن، وهن الأمهات.

    ﴿ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ خبر بمعنى الأمر، أي: يجب عليهن أن يرضعن أولادهن، من بنين وبنات، فإرضاعهم عليهن واجب، وهن أولى بإرضاعهم من غيرهن.

    ﴿ حَوْلين ﴾ «الحول» بمعنى السنة والعام، اثنا عشر شهرًا.

    ﴿ كاملين ﴾ تأكيد للحولين، أي: حولين كاملين من غير نقصان، وأكدهما لئلا يفهم أن المراد حول ومعظم الحول، أو بعض الحول؛ لأنه كما يطلق الحول على العام كاملًا يطلق على معظمه أو بعضه، كما في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [البقرة: 203]؛ أي: في يوم وبعض يوم.

    ﴿ لِمَنْ أَرَادَ ﴾ أي: للذي أراد من الآباء والأمهات.

    ﴿ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ «أن» والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول لـ«أراد» أي: لمن أراد من الآباء والأمهات إتمام رضاعة أولادهم، من غير نقص.

    فتمام الرضاعة وكمالها حولان كاملان، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه إبراهيم، وعمره سنة وعشرة أشهر: «إن له مرضعًا في الجنة»[1]؛ أي: تكمل رضاعه.

    ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴾ الواو: عاطفة، «على المولود»: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، ﴿ لَهُ﴾: متعلق بـ«المولود»، ﴿ رِزْقُهُنَّ ﴾ مبتدأ مؤخر.

    والمعنى: وعلى أبي المولود، أي: والده ﴿ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴾.

    وفي قوله: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ﴾ دون أن يقول: وعلى الوالد، إشعار بأن الوالدات إنما ولدن لهم؛ لأن الأولاد للآباء، ولذلك يُنسبون إليهم، ويُعدون من كسبهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وإن أولادكم من كسبكم»[2].

    قال الشاعر:
    فإنما أمهات الناس أوعية
    مستودعات وللآباء أبناء[3]




    وقوله: ﴿ رِزْقُهُنَّ ﴾؛ أي: رزق الوالدات، أي: عطاؤهن ونفقتهن، ﴿ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴾ الكسوة: ما يكسى ويستر به البدن من اللباس.

    ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: بما هو معروف بين الناس من نفقة وكسوة أمثالهن وطبقتهن، من حيث نوع الرزق والكسوة وكمية ذلك وكيفيته، مراعى في ذلك حال الزوج من حيث العسر واليسر؛ ولهذا قال: ﴿ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾، وهاتان الجملتان معترضتان.

    ومعنى ﴿ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾؛ أي: لا تكلف نفس في الشرع، والتكليف: الإلزام بما فيه مشقة، من فعل أو قول أو بذل، أو ترك ونحو ذلك.

    ﴿ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾؛ أي: إلا طاقتها وقدرتها، أي: لا يكلف الله نفسًا إلا ما تقدر عليه، كما قال عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].

    وعلى هذا فلا يكلف المولود له فوق طاقته وما يقدر عليه، وإنما عليه الإنفاق والكسوة حسب حاله، كما قال- عز وجل: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].

    ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: «لا تضارُّ» بضم الراء، على اعتبار «لا» نافية، فالجملة خبر بمعنى النهي. وقرأ الباقون بفتح الراء ﴿ لَا تُضَارَّ﴾ على اعتبار «لا» ناهية، والفعل مجزوم بها وحرك بالفتح لالتقاء الساكنين.

    والفعل «تضارّ» أصله «تضارر».
    ويحتمل على القراءتين أن يكون مبنيًا للفاعل، و«والدة» فاعل.

    والباء في قوله: ﴿ بِوَلَدِهَا ﴾ للسببية، أي: لا تضارِرْ والدة بسبب ولدها؛ فتمتنع مثلًا من إرضاعه، أو تطلب زيادة على الواجب لها، ونحو ذلك مضارةً لوالده.

    ويحتمل أن يكون الفعل «تضار» مبنيًا لما لم يسم فاعله، و«والدة» نائب فاعل، وفاعل المضارة هو المولود له أي: لا يضار المولود له أبًا كان أو غيره لوالدته بسبب ولدها كأن يمنعها من إرضاعه، أو لا تعطى ما يجب لها من النفقة والكسوة، ونحو ذلك.

    ﴿ وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾ الواو عاطفة، والجملة معطوفة على قوله: ﴿ لَا تُضَارَّ ﴾ على القراءتين فيها، فلا تجوز المضارة بين الوالدين بسبب الولد. كما لا تجوز المضارة بين المسلمين مطلقًا. قال تعالى: ﴿ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾ [النساء: 12].

    وفي الحديث: «لا ضرر ولا ضرار»[4].

    ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وما بينهما اعتراض.

    فالواو في قوله: ﴿ عَلَى الوَارِثِ ﴾ عاطفة، و﴿ عَلَى الوَارِثِ ﴾ جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، و﴿ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ مبتدأ مؤخر، والإشارة ترجع إلى الرزق والكسوة.

    أي: وعلى وارث المولود مثل ما على أبيه من النفقة والكسوة للمرضعة، إذا فقد الأب، وكان الطفل ليس له مال، وإذا وجب على الوارث الإنفاق والكسوة للمرضعة من أجل الرضيع، فالنفقة عليه وكسوته هو أوجب.

    واستدل بهذه الآية على وجوب نفقة القريب المعسر على وارثه إذا كان موسرًا.
    ﴿ فَإِنْ أَرَادَا ﴾؛ أي: الوالدة والمولود له ﴿ فِصَالًا ﴾؛ أي: فطامًا للمولود قبل تمام الحولين.
    ﴿ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا ﴾؛ أي: عن رضى من الطرفين، الأب والأم على الفصال.

    ﴿ وَتَشَاوُرٍ ﴾؛ أي: وعن تشاور منهما، والتشاور: تبادل الرأي بين المتشاورين لاستخلاص الأصلح والأصوب، وهو مما أمر ﷲ - عز وجل - به، قال تعالى: ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 6]، ومما امتدح ﷲ به المؤمنين، فقال عز وجل: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 38].

    والمعنى: وعن تشاور بين الأب والأم فيما فيه مصلحة الطفل، وهل من مصلحته أن يفطم قبل تمام الحولين، أو بعدهما.

    ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾؛ أي: فلا حرج، ولا إثم عليهما في فصاله وفطامه قبل تمام الحولين، إذا تراضَيَا على ذلك، وتشاوَرَا، ورأَيَا أن المصلحة في ذلك، فإن رضي ذلك أحدهما، ورآه دون الآخر، لم يجز الفطام قبل الحولين.

    ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أخبر- عز وجل - أولًا أن الوالدات يرضعن أولادهن، وهو خبر بمعنى الأمر يفيد الوجوب، وذلك؛ لأن إرضاع الأم لا يعدله شيء؛ لحنوها وعطفها وشفقتها، فهي لا ترضع الطفل اللبن فقط، بل ترضعه مع ذلك الدفء والحنان والعطف والبر وحميد الخصال، وطيب الأخلاق، ثم أتبع ذلك بذكر جواز الاسترضاع للأولاد.

    قوله: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ ﴾؛ أي: وإن أردتم أيها الآباء أن تطلبوا مرضعات لأولادكم غير أمهاتهم، ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾؛ أي: فلا حرج ولا إثم عليكم في ذلك، ما لم يكن ذلك على وجه المضارة، فإن طلبت أمه إرضاعه فهي أحق به؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾.

    ﴿ إِذَا سَلَّمْتُمْ ﴾؛ أي: إذا سلمتم للمرضعات وأعطيتموهنَّ.
    ﴿ مَا آتَيْتُمْ ﴾ قرأ ابن كثير بقصر الهمزة: «أتيتم»، وقرأ الباقون بمدها ﴿ آتَيْتُمْ ﴾؛
    أي: إذا سلمتم ما جعلتموه لهن من أجر مقابل الإرضاع.

    ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾؛ أي: بما هو معروف في الشرع، وعرف المسلمين من حسن القضاء من غير مماطلة ولا نقصان.

    ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ بفعل أوامره واجتناب نواهيه، في جميع أحوالكم وأعمالكم وأقوالكم.

    ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ «ما» موصولة أو مصدرية، أي: واعلموا أن الله بالذي تعملون، أو بعملكم ﴿ بَصِيرٌ ﴾؛ أي: مطَّلع شاهد على أعمالكم لا تخفى عليه منها خافية، وسيحاسبكم ويجازيكم عليها.

    وفي الأمر بالعلم بذلك تنبيه وترغيب بتقوى الله - عز وجل - ووعد لمن اتقاه، وتحذير ووعيد لمن خالف أمره وعصاه.

    وبين الأمر بتقوى الله، والعلم بأنه بما يعملون بصير ما يشبه ربط السبب بالمسبب، فالعلم بأن الله بصير بما يعملون سبب لتقوى ﷲ - عز وجل - وهو من تقوى الله، كما أن تقوى الله من أسباب التوفيق للعلم بأنه بما يعملون بصير.

    [1] أخرجه البخاري في الجنائز (1382)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

    [2] أخرجه أبو داود في البيوع (3528)، والنسائي في البيوع (4449)، والترمذي في الأحكام (1358)، وابن ماجه في التجارات (2137)، من حديث عائشة- رضي الله عنها، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

    [3] البيت للمأمون بن الرشيد؛ انظر: «الكشاف» (1 /141).

    [4] أخرجه ابن ماجه في الأحكام (2340)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وأخرجه أيضًا (2341)، وأحمد (1 /313)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.






    الألوكة

  • #2
    بارك الله فيك

    تعليق


    • #3
      كتب الله اجرك على نقلك وتواجدك ونفع الله بك

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك




        تعليق


        • #5
          بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً

          احترامي وتقديري

          تعليق

          يعمل...
          X