"أماه" .. طال بعدكِ عن مأواكِـ ..
وزاد الشوقُ إلى لقياكِـ ..
طال بكائي .. وطال نحيبي ..
حتى القلم .. لم ينساكِـ ..
فحين ذهبتِ ..
أخذ يدونُ خواطر الشوقِ ..
على دفاتري ومذكراتي ..
ودموعي تناجيه ..
حين يتذمر ..
ويتوقف فجأة عن إطلاق عنانه للورق ..
ويبدأ حِبرُه بالبكاء ..
أرأيتِ ؟ لست أنا وحدي المشتاقة ..
فكلُ شيءٍ في بعدكِ يشتاق ..
الحي والساكن .. كل شيءٍ باتَ يهواكـِ ..
حين ذهبتِ ..
لم أجد من يمسح من عيني دموعي ..
ولم أجد أناملاً .. أحلى من أناملكِ لتلامس ضلوعي ..
ففي بعدكِ النورُ ظلام .. والطريقُ ظلام ..
تعاليّ يا زهرتي .. وأزيحي من دربي أشواكي ..
*
*
يا مَنْ في عينيكِ .. الجمالُ تَكللْ ..
ويا مَنْ على راحتيكِ .. أحيا .. وأُقتلْ ..
"أمي" .. أرى فيكِ أفقاً ثانٍ ..
أرى كل الحنان عندكِ يتكتلْ ..
أحبها .. ويا غريبُ لا تسألْ ..
فهذه أمي .. مَنْ تنحني لها كلماتي وتتجللْ ..
هذه الزهرة .. مَنْ عليها النحل تنقلْ ..
ومن غير رحيقها .. فراشات الكونِ تذبلْ ..
لا تسلني عن حب أمي .. تمهلْ .. تمهلْ ..
لا تسلني عن حبها .. فجوابي الآن مؤجلْ ..
إقرا هذه الكلمات .. وفيها تأملْ وتأملْ ..
وعندها ستعرف .. من هي الأم .. وماهو حبها ..
وللإجابة .. سوف تتوصلْ ..
*
*
"أُمي" ..
انتِ همي ..
وانتِ دمي ..
انتِ عشقي ..
وانتِ اسمي ..
انتِ نبضي ..
وأنتِ أرضي ..
أنتِ حمايَ ..
وأنتِ عرضي ..
أنتِ أنيني ..
أنتِ عيّني ..
أنتِ عرشي ..
وأنتِ رمشي ..
أنتِ شهيقي ..
أنتِ زفيري ..
أنتِ هوايَ ..
وأنتِ مصيري ..
وأنتِ من أرجو رضاكِ .. بعد رضا ربُ السماءِ ..
مرحباً بكِ مرةً أخرى !
في قلبي .. في دنياكِ ..
تستقبلكِ ابتسامة ..
تخفي مخلفاتِ الحزن ..
من هولِ فراقكِ ..
دعيني أعبر لكِ عن شوقي ..
هوَ الذي كشوق أوراق الخريف ..
لاحتضان الأرض ..
في موعد سقوطها ..
ما أحلاه مِن لقاءِ !
أتذكرين ؟
عندما كُنتُ طِفلة ..
وكان نَهدُكِ لي سقائي..
وقلبكِ لي دوائي ..
وعطفكِ لي ثرائي ..
وحُبكِ لي كسائي ..
ويَدُكِ لي فرائي ..
وحِجْرُكِ لي حِوائي ..
وبَطنُكِ لي غذائي ..
وأنفاسكِ لي هَوائي ..
حَواء يا أمي ..
يا سيدة كل النساءِ ..
يا أرق امراة ..
في عيني أنا ..
ويا أرق امراة ..
في عيون الكون ..
يا منبع الحبِ .. منبع العَطاءِ ..
حَواء يا أمي ..
يا سيدة كل النساءِ ..
أتذكرين ؟
عندما حطيتُ على صدركِ ..
وكما الفراشة التي ..
وجدت حقول الورد ..
بعد عناءِ ..
أتذكرين ؟
حين ارتميت على كتفكِ ..
كحال طفلةٍ مجنونة ..
بجنون الاشتياقِ ..
عندها .. وجدت على كتفكِ الحنون ..
وسادةً لرأسي .. وشفاءً لدائي ..

*
*
شفيتُ من شجني العميق ..
ومن حرقة اشتياقي ..
فحين ذهبتِ ..
ذهبت الضحكات من كوني ..
وذبلت كل أوراقي ..
وحين أتيتِ ..
أصبحتُ بدراً .. يتزاحمُ ما بين النجوم ..
وشمساً .. كانت تختبيء خلف الغيوم ..
وفي رجوعكِ .. يحين موعد إشراقي ..
وحين أتيتِ ..
عاد العالم الجميل ..
وعدتُ أعيش مجدداً ..
وأكمل عمريَ الباقي ..
مُدينِّي بحبكِ فيضاً ..
أنتِ القوة في ضعفي ..
عودي وأعيدي قوايَ ..
فحين غاب موطاكِ ..
هَلكتُ .. وشُلَّت أعراقي ..
تعالي إليَّ .. فالشوق مزق وجداني ..
ضميني .. فبكائي أثقل أجفاني ..
مشتاقةٌ .. وأشتاق لعناقكِ ..
أوألم تشتاقي لعناقي ؟
*
*
ما أحلى وقت التلاقي !
حين أمي تلقاني ..
وما أحلى وجود ظلكِ إلى جانبي !
الذي من بعد موتيَ أحياني ..
تعاليّ وفتشي قلبي ..
واحفري دمي القاني ..
لتعثري على صورتكِ ..
التي كلما اشتقتُ إليكِ ..
وضعتها بين أحضاني ..
وإن أردتِ رؤيتها بوضوحٍ أكثر ..
أغمضي عينيكِ ..
وضعي يدكِ على قلبي ..
قلبي ؟ ياللسخف !
أعذريني .. لنسياني
فحبكِ أكبر من أن أضعه بداخل كتلة لحم ..
عفوكِ أمي .. فقد كانت هفوة من لساني ..
*
*
ولا تنسي .. قبل ذهابكِ ..
أن تقبلي كراسي ..
الذي امتلأ بحروف الشوق ..
رغم جلده القاسي ..
هو من اشتاق إليكِ ..
وكتبتُ فيه إحساسي ..
وإنَّه بحاجةٍ إلى شفتيكِ ..
ليغدو دفتراً ماسي ..
أمي .. كِدتُ أنسى أن أقبلكِ !
أعذري عقلي الناسي ..
ففي حضوركِ غاب ذهني ..
وفي قلبي .. بات باسي ..

******
**
*
كلمات وعبارات نالت إعجابي فحبيت أنقلها لكم أعزائي..
أهديها لأمـي الغالية..