الكمال لله ، والحياة تجربة ، والتجربة يا تصيب يا تخيب ، والمعرفة عبارة عن تراكم معلوماتي تنقل لنا ما أصاب وما أخطأ من تجارب السابقين .
والفرد منا في عصره الذي يعيشه عنده وقت متاح ومكتبة تشمل المعارف السابقة ، وأخرى لا زالت مناطق بكر تنتظر مغامرات العقل ! فإما أن يركن إلى ما قيل وإما أن يختبر بنفسه ما يتاح له من مساحات العلم المظنون .
فمنا من يتجه بأسئلته إلى الماضي ليصحح ما راكمته لنا يد الأولين من معارف أو أساطير لينقدها ويصححها بزعمه .
ومنا من يتجه إلى الحاضر والمستقبل لينشئ له معارف جديدة أو أساطير جديدة . ليأتي بعده جيل يشيد بما ترك من معرفة ، أو يناقش ما أورث من أوهام .
لهذا العمر هو هديتك القيمة غامر به في عالم المعرفة ولا تعجز ، فإنك ميت وإنهم ميتون ، وما قبل الموت يظل مساحة زمنية للركض في دروب العلم ودروب الحياة الدنيا ، وما الحياة الدنيا إلا متاع ومن أجمل متاع الدنيا متعة العلم ودهشة المعرفة .
والإنسان لا يستطيع إعمار الأرض إلا بالمعرفة التي تعتمد على مبتدأ ( التجربة ـــ الخطأ ـــــ التصويب ) ولنا أن نتخيل كم من التجارب والأخطاء التي مر بها الإنسان منذ العصر الحجري إلى اليوم ليتمتع بكل هذه المزايا أو الرزايا الحضارية . هكذا بدأ أجدادنا سياحتهم على هذا الكوكب ولا زلنا نسوح على آثارهم أو على أراض جديدة ، نستنطق الحي والميت ، متأثرين في كل الأحوال بنقصنا البشري المعهود .
ولهذا تأكد أنك لن تكتشف الصح إن لم تكتشف الخطأ ، وتأكد أنك كثيراً ما تكتشف أن الخطأ فيما كنت تظن أنه صح !
وأن أكثر الناس ثقة بما يعرف هو الجاهل ، وأكثر الناس استعداداً لتغيير معرفته هو الباحث عن الحق ، وليس الباحث عن تخدير نفسه بالزيف من المعارف ، فهو كالعاري الذي يستتر بالظلام ويجهل أو يتجاهل أن هناك صباح سينبلج بعد ساعات معدودة .
وها نحن أبناء قابيل تقتلنا كبرياء الجهل ، وتنقذنا معلومة يجود بها علينا الغراب .
تعليق