يروي الدكتور معروف الدواليبي يرحمه الله هذا اللقاء الهام بين الجنرال
ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب حزيران (1967م) ، يوم
كان النظام الأسدي يملأ الدنيا صراخاً بأناشيده يدعو العرب إلى رمي اليهود
في البحر ، وكانت إذاعتـه تكرر الأغنية
ميراج طيارك هرب ..... مهزوم من نسر العرب
والميغ طارت واعتلت ..... بالجو تتحدى القـدر
والميراج هي طائرة مقاتلة فرنسية الصنع ، وكانت أقوى طائرة في سلاح الجو
الإسرائيلي في حرب (1967) ، أما الميج فهي طائرة مقاتلة روسية الصنع ، وكانت
لدى العرب ( مصر وسوريا والعراق ) في حرب (1967) .....
هؤلاء ( الممانعون ) كانوا يجعجعـون .....ويملأون الدنيا كذباً ، وتحريضاً
كي يسلموا الجولان للصهاينة حسب الصفقة التي عقدها حافظ الأسد مع اللوبي
الصهيوني الأمريكي في بيروت في بداية العام (1967م) ، أي قبيل الحرب ببضعة
شهور ...
وكان الدكتور معروف الدواليبي يعمل بصمت على طريقته يرحمه الله ، يقول
الدكتور الدواليبي ( ص 201) من مذكراته :
(( أنا لي تجربة مع الجنرال ديجول من يوم قضية استقلال سوريا ، فمع أنه كان
محاطاً بعناصر يهودية ( صهيونية ) .....فديجول عندما يعرف الحقيقة يغيــّر
مواقفـه ، ولذلك كنت حريصاً على لقاء الملك فيصل بـه ، وألححت في ذلك وأصررت
..
وكانت هناك رواسب قديمة لدى الملك فيصل وولي العهد الأمير خالد ، وموقف سلبي
من ديجول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وتابع الدكتور الدواليبي ،
إصراره على اللقاء حتى كان الملك فيصل في زيارة لانجلترا ، ومنها إلى
بروكسل ، وكان ديجول يرى نتيجة لمساعي الدكتور الدواليبي ألا تكون دعوة
رسمية لفيصل ، وإنما يخرج من بروكسل ، ويمر في طريقه بديجول ، فرفض الملك
فيصل وأصر أن تكون دعوة رسمية ، لذلك تجاوز الملك فيصل باريس إلى جنيف ثم
عاد منها إلى باريس ، وفي اليوم الأول أو الثاني من حزيران (1967) كان لقاؤه
مع الجنرال ديجول ، ومعه الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون حيث جلسا مع رئيس
وزرائه السيد جورج بومبيدو ، وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم
قال ديجول : يتحدث الناس أنكم ياجلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى
البحر ، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً ، ولايقبل أحد في العالم رفع هذا
الأمر الواقع .
أجاب الملك فيصل : يافخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا ، إن هتلر احتل
باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً ، وكل فرنسا استسلمت إلا ( أنت ) انسحبت
مع الجيش الانجليزي ، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه ، فلا
أنت رضخت للأمر الواقع ، ولا شعبك رضخ ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني
أن أرضى بالأمر الواقع ، والويل يافخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح
يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح
مشروعاً ...دهـش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل ، فغير لهجته وقال
ياجلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد
هناك ..
أجاب الملك فيصل : فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك ، وأنت
بلاشك تقرأ الكتاب المقدس ، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر !!؟ غـزاة
فاتحيـن ....حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، فكيف تقول أن
فلسطين بلدهم ، وهي للكنعانيين العرب ، واليهود مستعمرون ، وأنت تريد أن
تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة ، فلماذا لاتعيد
استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط !!؟ أنصلح خريطة
العالم لمصلحة اليهود ، ولانصلحها لمصلحة روما !!؟ ونحن العرب أمضينا مئتي
سنة في جنوب فرنسا ، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا
بعدها ...قال ديجول : ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها !!!...
أجاب الفيصل : غريب !!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس ، وأكثر
السفراء يلد لهم أطفال في باريس ، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا
يطالبونك بحق الولادة في باريس !! فمسكينة باريس !! لا أدري لمن ســـتكون
!!؟
سكت ديجول ، وضرب الجرس مستدعياً ( بومبيدو ) وكان جالساً مع الأمير سلطان
ورشاد فرعون في الخارج ، وقال ديجول : الآن فهمت القضية الفلسطينية ، أوقفوا
السـلاح المصدر لإسرائيل ... وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست
أمريكية .....
يقول الدواليبي :
واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة ، وفي صباح
اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين
الأمريكية ، وكنت حاضراً ( الكلام للدواليبي ) وقال له : إن أي نقطة بترول
تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم ، ولما علم بعد ذلك أن أمريكا
أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول ، في حين لم تقطعه ( الدول
الثوروية ) كالعــراق والجزائر وليبيا ، الذين قطعوا النفط هم عرب الخليج
فقط ( الكلام للدواليبي ) ، وقامت المظاهرات في أمريكا ، ووقف الناس مصطفين
أمام محطات الوقود ، وهتف المتظاهرون : نريد البترول ولا نريد إسرائيل ،
وهكذا استطاع هذا الرجل ( الملك فيصل يرحمه الله ) بنتيجة حديثه مع ديجول ،
وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها .
انتهى كلام الدواليبي ....
وهذا أحد رجال سوريا الذين أخرجهم النظام الأسدي منها ، وبقي خارجها حتى
توفي في الرياض يرحمه الله ، وذاك أيضاً الملك فيصل يرحمه الله الذي عمل
بصمت ومازلنا ننعـم بمشاريعه العمرانية والتربوية والفكرية التي عمـت العالم
الإسلامي كلـه ، ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي وغيره ....
ألا فليقرأ العرب .....وليعرفوا ( المقاوم ) الحقيقي من ( المنبطح ) ....
ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب حزيران (1967م) ، يوم
كان النظام الأسدي يملأ الدنيا صراخاً بأناشيده يدعو العرب إلى رمي اليهود
في البحر ، وكانت إذاعتـه تكرر الأغنية
ميراج طيارك هرب ..... مهزوم من نسر العرب
والميغ طارت واعتلت ..... بالجو تتحدى القـدر
والميراج هي طائرة مقاتلة فرنسية الصنع ، وكانت أقوى طائرة في سلاح الجو
الإسرائيلي في حرب (1967) ، أما الميج فهي طائرة مقاتلة روسية الصنع ، وكانت
لدى العرب ( مصر وسوريا والعراق ) في حرب (1967) .....
هؤلاء ( الممانعون ) كانوا يجعجعـون .....ويملأون الدنيا كذباً ، وتحريضاً
كي يسلموا الجولان للصهاينة حسب الصفقة التي عقدها حافظ الأسد مع اللوبي
الصهيوني الأمريكي في بيروت في بداية العام (1967م) ، أي قبيل الحرب ببضعة
شهور ...
وكان الدكتور معروف الدواليبي يعمل بصمت على طريقته يرحمه الله ، يقول
الدكتور الدواليبي ( ص 201) من مذكراته :
(( أنا لي تجربة مع الجنرال ديجول من يوم قضية استقلال سوريا ، فمع أنه كان
محاطاً بعناصر يهودية ( صهيونية ) .....فديجول عندما يعرف الحقيقة يغيــّر
مواقفـه ، ولذلك كنت حريصاً على لقاء الملك فيصل بـه ، وألححت في ذلك وأصررت
..
وكانت هناك رواسب قديمة لدى الملك فيصل وولي العهد الأمير خالد ، وموقف سلبي
من ديجول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وتابع الدكتور الدواليبي ،
إصراره على اللقاء حتى كان الملك فيصل في زيارة لانجلترا ، ومنها إلى
بروكسل ، وكان ديجول يرى نتيجة لمساعي الدكتور الدواليبي ألا تكون دعوة
رسمية لفيصل ، وإنما يخرج من بروكسل ، ويمر في طريقه بديجول ، فرفض الملك
فيصل وأصر أن تكون دعوة رسمية ، لذلك تجاوز الملك فيصل باريس إلى جنيف ثم
عاد منها إلى باريس ، وفي اليوم الأول أو الثاني من حزيران (1967) كان لقاؤه
مع الجنرال ديجول ، ومعه الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون حيث جلسا مع رئيس
وزرائه السيد جورج بومبيدو ، وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم
قال ديجول : يتحدث الناس أنكم ياجلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى
البحر ، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً ، ولايقبل أحد في العالم رفع هذا
الأمر الواقع .
أجاب الملك فيصل : يافخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا ، إن هتلر احتل
باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً ، وكل فرنسا استسلمت إلا ( أنت ) انسحبت
مع الجيش الانجليزي ، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه ، فلا
أنت رضخت للأمر الواقع ، ولا شعبك رضخ ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني
أن أرضى بالأمر الواقع ، والويل يافخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح
يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح
مشروعاً ...دهـش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل ، فغير لهجته وقال
ياجلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد
هناك ..
أجاب الملك فيصل : فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك ، وأنت
بلاشك تقرأ الكتاب المقدس ، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر !!؟ غـزاة
فاتحيـن ....حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، فكيف تقول أن
فلسطين بلدهم ، وهي للكنعانيين العرب ، واليهود مستعمرون ، وأنت تريد أن
تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة ، فلماذا لاتعيد
استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط !!؟ أنصلح خريطة
العالم لمصلحة اليهود ، ولانصلحها لمصلحة روما !!؟ ونحن العرب أمضينا مئتي
سنة في جنوب فرنسا ، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا
بعدها ...قال ديجول : ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها !!!...
أجاب الفيصل : غريب !!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس ، وأكثر
السفراء يلد لهم أطفال في باريس ، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا
يطالبونك بحق الولادة في باريس !! فمسكينة باريس !! لا أدري لمن ســـتكون
!!؟
سكت ديجول ، وضرب الجرس مستدعياً ( بومبيدو ) وكان جالساً مع الأمير سلطان
ورشاد فرعون في الخارج ، وقال ديجول : الآن فهمت القضية الفلسطينية ، أوقفوا
السـلاح المصدر لإسرائيل ... وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست
أمريكية .....
يقول الدواليبي :
واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة ، وفي صباح
اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين
الأمريكية ، وكنت حاضراً ( الكلام للدواليبي ) وقال له : إن أي نقطة بترول
تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم ، ولما علم بعد ذلك أن أمريكا
أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول ، في حين لم تقطعه ( الدول
الثوروية ) كالعــراق والجزائر وليبيا ، الذين قطعوا النفط هم عرب الخليج
فقط ( الكلام للدواليبي ) ، وقامت المظاهرات في أمريكا ، ووقف الناس مصطفين
أمام محطات الوقود ، وهتف المتظاهرون : نريد البترول ولا نريد إسرائيل ،
وهكذا استطاع هذا الرجل ( الملك فيصل يرحمه الله ) بنتيجة حديثه مع ديجول ،
وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها .
انتهى كلام الدواليبي ....
وهذا أحد رجال سوريا الذين أخرجهم النظام الأسدي منها ، وبقي خارجها حتى
توفي في الرياض يرحمه الله ، وذاك أيضاً الملك فيصل يرحمه الله الذي عمل
بصمت ومازلنا ننعـم بمشاريعه العمرانية والتربوية والفكرية التي عمـت العالم
الإسلامي كلـه ، ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي وغيره ....
ألا فليقرأ العرب .....وليعرفوا ( المقاوم ) الحقيقي من ( المنبطح ) ....
تعليق