في بداية أيام القصف الصهيوني الهمجي الغاشم على أرض الجهاد والدفاع عن الأراضي المقدسة من أبناء فلسطين كنت في زيارة لبعض الزملاء في شقة المروج الخضراء والذي يطلق عليها شقة النامس وفي رواية مرسلة ناموس والتي كانت تقيم حرب ضروس ضد شقة النمل والتي بدورها كانت تستقطب ممالك من النمل صغير الحجم شديد اللسع لدرجة أنك تفرك مكان اللسعة ثلاثة أيام بلياليها للمقيم في تلك الشقة .
و في أثناء تقليبي للقنوات وقعت عيني على قناة لا أعلم إلى أي قبيلة من قبائل الفضاء الخارجي تعود إلا أنها تنطق بالعربية وكان التقريرعن فتاة في عمر الزهور تكابد وتكافح وتناضل وكأنها من أبناء الأرض المقدسة !!
يا ترى من هي هذه الفتاة وما عملها المناط بها وماذا يحمل قلبها تجاه قضية فلسطين وهل الدافع ديني أم إنساني بحت وما هي نهايتها ؟؟
راتشيل كوري
ناشطة حقوقية دفعت بحياتها ثمناً لصد العدوان الصهيوني على منازل المساكين من أبناء فلسطين وكانت نهايتها تحت جنزير الجرافة الصهيونية في فلسطين وهي ما زالت في عمر الزهور وضعت من جسدها درعاً بشرياً في وقت تخاذل وما زال الخذلان قائماً على قدمين وساقين من بعض حكام العرب والذين لا ينتمون إلى الإسلام ولا إلى العروبة إلاّ بالاسم فقط .
يقول الكاتب الإسرائيلي المنصف (برادلي) في مقاله عن راشيل :
من منا يتذكر راشيل ؟؟ .... في إسرائيل لا أحد .... أما في أمريكا وبريطانيا فمجرد ذكر اسمها يكفي لأن تغلي الدماء في العروق !!
لدينا لا أحد يعرفها ولا عن صنيعها ولا نهايتها إلا أبناء فلسطين وتحديداً أبناء رفح بل البعض لا يعرف ما هي قضية فلسطين بل أن بعضهم من أهل الثقافة والفداغة المكتسبة يقول أن الأرض ليست لفلسطين وإنما هي حق لليهود في الأصل !!
هل عرفت يا برادلي أن قومك ليسوا بعيدين عن قومي يا للحسرة والعار الأعور .
راشيل غربية أمريكية من ولاية واشنطن فهل هي مسيحية أم يهودية أم بوذية ؟؟ أياً كانت فهي لا تنتمي إلى الإسلام ولا إلى العروبة لا بالدم ولا باللحم ولا بالشحم , كانت جنباً إلى جنب مع صفوف المدافعين والمنافحين عن أرض فلسطين التي خذلناها حتى بالتبرع بالدم !!
تركت بيتها , أهلها , جيرانها , أصدقائها , مستقبلها , تركت التزلج على سفوح جبال الروكي وتركت متعة النزهة والنظر إلى شلالات نياغرا و انجل وغيرها من ملذات الحياة .
تركت متع الحياة والتي كانت في متناول يدها ورحلت غير آبهة إلى أرضٍ تجبّر فيها المحتل الغاصب على المستضعفين من الأطفال والنساء والشيوخ , تحركت فيها غيرة أم إحساس أم نخوة أم هدف أم غاية !! لا أعلم ولكن ترجمت هذا الشعور بفعل قل أن تجد من يصنعه إلاّ من أبناء الجهاد الصادقين وكانت خاتمة هذه الترجمة تحت دبّابة عدو الأديان جميعاً بما فيها المسيحية وبعض من الطوائف اليهودية .
كانت تعيش مع عائلة بسيطة فقيرة بطبيعة الحال لا تجد ما تقتات به أغلب أوقاتها , كانت تجلس مع الأطفال وتسلّيهم وتمازحهم وتجتهد في إرضائهم إلى درجة أنها أصبحت وكأنها من أبناء المنطقة الذين يكنون لها كل الحب والاحترام والتقدير كما يكنّونه لأبناء بلدتهم .
راشيل كانت من ضمن وفد رسمي مشكل من عدد من الدول الغربية وأمريكا على رأس القائمة وممثلتهم (راشيل كوري) ذات ال 23 صيفاً والتي كانت تقف في وجه الجرافة الصهيونة وكانت تمتلك شجاعة الرجال الأفذاذ حينما صنعت من جسدها الغض درعاً بشرياً أمام أضخم دبابة عرفها التاريخ الجغرافيا والتعبير وتصرخ بمكبر الصوت : أوقف جرّافتك فلن أتحرك من مكاني أنت تقوم بعمل إرهابي حين تهدم منازل المساكين العزل , وزملائها من على سطح المنزل المجاور يشاركونها الاعتصام والاحتجاج ولكن دون جدوى .
تقدمت راشيل بكل شجاعة وهي تصرخ بأعلى صوتها منددة وصاخبة على هذا المجرم اليهودي ولكن دون فائدة حتى لم يبقى بينها وبين الجرّافة إلا بضعة أمتار , حينها أدرك أصحابها أن الأمر يقترب من حافة الخطر فنادوها بأن تعود وتترك هذا المجرم خوفاً على حياتها ولكنها أبت إلاّ الصمود .... تقدم المجرم بجرّافته وهي صامدة وأصحابها يبكون خوفاً عليها من دنو أجلها وفي عينيها ارتسمت معاناة شعب أعزل لا يملك إلا الحجارة فقررت الصمود لعل هذا المجرم أن يتراجع أو تكون شهيدة الموقف ولكن القيادة الإجرامية التي تُسيّر العالم كيفما تشاء أعطته أوامر بأن يسحق كل من يقف في طريقة حتى وإن كان شارون على قدميه فمخطط اليهود قائم من مئات السنين لن يقف في وجهه أي كائن حتى وإن كانت فتاة أمريكية سامية فالتلمود يامرهم بذلك .
تقدم الجندي الإسرائيلي بجرافته ذات الصناعة الأمريكية ليضع توقيع جنزيره على كامل جسد أشهر مناضلة عرفها التاريخ (راشيل كوري الأمريكية) معلناً بذلك خبراً عاجل تلقفته الصحف وبعض وسائل الإعلام لساعات قليلة أو ربما أيام ثم أنطمس ذكرها كما أنطمس جسدها .
حين أذيع خبر وفاتها عمّت الأحزان أرجاء البلدة بل أرجاء فلسطين بل اهتز العالم بأسرة وخاصة أنها ساميّة وكثيراً ما يدندن اليهود حول الإساءة إلى السامية وهم أول من سحقها تحت أرجلهم عليهم غضب الله , وما لبث الخبر ساعات قليلة حتى تلاشى وراء الشفق الأخير من الأمل المتبقي لأن القاتل يهودي والمقتول غير يهودي .
لقد رحلتي يا راشيل من الدنيا غير مؤمنة بالله فلن أستطيع أن أعصي ربي لأستغفر لك فالله يقول سبحانه وتعالى : (ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) فلن يبلغ صنيعك عُشر معشار صنيع عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب ومع ذلك نهاه الله عن الاستغفار له
ولكن أتمنى أن تكون لنا في هذه القصة عضة وعبرة للحكّام أولاً ثم للمحكومين فلقد قرأ الجميع ما فعلته بعض الدول المجاورة لأهل فلسطين في حرب غزة الأخيرة والتي يندى لها الجبين ويشيب لها الرضيع من تخاذل وتحايل وتسلط على أبناء هذا الشعب المنكوب والذي نسأل الله أن يعجل بنصره لهم وأن يعلي راية الحق وأن يجعل قتلاهم في جنات النعيم وأن يجمعنا بهم في مستقر رحمته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق