ويعتبر تحريمه جناية كبرى
انتقد عالم سعودي بارز المزايدين على مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وأخذ عليهم نكرانهم لأهمية العلوم المادية، التي عرفها الإرث الإسلامي، كما انتقد المنادين بمنع ما يسمى "الاختلاط" مؤكدا ان الفقه الإسلامي لم يعرف هذا "الاصطلاح" الدخيل وانه لا يوجد سند شرعي صحيح يمكن التعويل عليه في هذه القضية.
وقال الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي، رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، إن "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تمثل نقلة جبارة وإنجازا كبيرا يضاف بكل تقدير لسجل المملكة العربية السعودية ولتاريخ الأمة الإسلامية، إذ خطت خطوة عملاقة لما استشرفت له الأمة من استعادة دورها الحضاري ومجدها العلمي".
وأضاف "إننا لا نبالغ إن قلنا بأن النظريات العلمية المؤثرة في حياة الأمم نسيت دور العالم الإسلامي في الإبداع والحضور منذ مئات السنين، حتى بقي العالم الإسلامي عالة على غيره، منطويا على نفسه، بعد أن نخرت جسده الفرقة والخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية، فضلا عن المصالح الذاتية، حتى جعل بعضهم دين الله مرتعا للتنازع، والتناحر، والتدابر، وكثرة القيل والقال، في سياق من الانكفاء على النفس والتعصب للآراء دون برهان، حتى خرج مد الخلافات عن حدها المعقول إلى نماذج مؤسفة".
وأوضح الشيخ الغامدي ان الجامعة تمثل امتدادا طبيعيا لحضارتنا الإسلامية التي هيمنت ردحا من الزمن في كل العلوم المادية والنظرية؛ فمكنها الله بفضل ذلك ثم بعزائم علماء الأمة المبدعين الصادقين ورجالها المصلحين وجعل لها الريادة، فارتفعت رايتها عالية، وانبرى لمهماتها علماء مسلمون ملأوا الزمان والمكان، والسمع والبصر، فاحتلوا في تاريخ الأمم مكانا لازال يتجدد ذكرهم بتجدد تلك النظريات المادية الحديثة، ولقد أخذت جامعة الملك عبدالله بأعظم أسباب القوة التي أمرنا الله بالإعداد لها فكيف أصبح الواجب والفضل مأخذا".
وانتقد الغامدي من ضاق بهم الأفق "فأخرجوا من إرثنا الإسلامي هذه العلوم المادية فنقول لهم: إن ذلك إرث أسسه علماء هذه الأمة آخذين بسنن الله الكونية التي جعلها الله تعالى موصلة لأسرار حكمته في الكون وسلما لعمارة الأرض وخدمة البشرية والدين، مستجيبين في ذلك لحث الله على العلم كله بقوله: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، وبقوله سبحانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)".
ورد الشيخ الغامدي على البعض الذي طالب بمنع الاختلاط في الجامعة بقوله:" صار هناك كثير من الخلط عن "الاختلاط" فقد اعتبره البعض من المصطلحات الفقهية المعهودة في بحوث الفقهاء. والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى الحالي لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم؛ لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه، بل كان الاختلاط أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها".
وأضاف "إن استعمال الفقهاء لعبارة الاختلاط لا يعدو استخدامهم لمفردات المعجم العربي مثل: أخذ، وأعطى، ولذلك لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم، كمصطلح: الخلوة، والنكاح، والطلاق، والرجعة، كما عليه بقية مصطلحات أهل العلم مثل: البيع، والربا، والسلم، والعرايا، وغيرها، وكالمصطلحات المعاصرة التي يمكن قبولها وإدخالها في المعجم الفقهي ضمن نوازله مثل: التأمين، المرابحة، السندات، بدل الخلو، الحق المعنوي، لكن بعض المتأخرين لما بالغ في موضوع اختلاط النساء بالرجال وصار اللفظ المعاصر ينصرف إليه بإطلاق، تولد ذلك المصطلح الدخيل المتأخر، فغالط به من لم يميز أو من أراد التلبيس، ومثل ذلك لو بالغ الناس في التحذير من جلوس النساء والرجال ولو كان لمصلحة أو عادة، ولا خلوة ولا ريبة فيه، فتولد من كثرة دوران ذلك اللفظ تحذيرا وزجرا مصطلح جديدا هو القعود، كما تولد مصطلح الاختلاط مثلا بمثل، ولهذا خطورته متى ألصق بعلوم الشريعة، وفيه مد سلبي على تراثنا الفقهي متى أعطي مزية المصطلحات، فإن ذلك يعني إعطاءه هوية غير معهودة عند أهل العلم والفقه، قد يلتبس بذلك الحق بتقادم الزمان عليه كما حصل الآن في مصطلح الاختلاط.
وأوضح أن "بعض الموسوعات الفقهية المعاصرة تناولت الاختلاط في قاموس ألفاظها، لكنها لم تستطع أن تشير إلى أن من معانيه اختلاط النساء بالرجال".
وأكد الغامدي أن منع الاختلاط أصبح جناية حين قال البعض بتحريمه و " لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقا بل كان واقعا في حياة الصحابة".
وأضاف "لقد استمر ذلك الحال على مر العصور حتى طرأ على ذلك الأصل ما غيره من العادات والتقاليد، وبقي منه ما لا يمكن أن تمحوه تلك العادات والتقاليد، فظل كما هو؛ لأنه ارتبط بما شرع الله امتثاله من الطاعات على النساء والرجال كالطواف والسعي والصلاة فهم يؤدونها في مكان واحد، مع أنه قد يقع ممن تسول له نفسه ما يسيء بفعل أو قول محرم، إلا أنه لم يقل أحد من علماء المسلمين بمنع الاختلاط في تلك الأماكن لأجل ما قد يقع ممن تسول له نفسه الإقدام على محرم قل أو كثر".
وتابع الشيخ الغامدي "هكذا الحال في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وفي واقع بيوت الكثير من المسلمين، ومنهم المانعون للاختلاط، تجدها مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها وهي مليئة بالرجال الأجانب عنهن، وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية لا يمكن إنكاره. إن من يحرمون الاختلاط يعيشون فيه واقعا، وهذا من التناقض المذموم شرعا، ويجب على كل مسلم منصف عاقل لزوم أحكام الشرع دون زيادة أو نقص، فلا يجعل من حماسته وغيرته مبررا للتعقب على أحكام الشرع، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على سعد بن عبادة رضي الله عنه حين قال: "والله لأضربنه بالسيف غير مصفح"، في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: "أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، قال الحافظ ابن عبد البر: "يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله وأن لا يتعدى حدوده فالله ورسوله أغير".
واختتم الغامدي حديثه متسائلا "كيف يزايد البعض على مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الحكيم، وقد زعم أنه آمن بالله مسلما بحكمه".
منقول نصا من موقع جريده عكاظ السعوديه
انتقد عالم سعودي بارز المزايدين على مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وأخذ عليهم نكرانهم لأهمية العلوم المادية، التي عرفها الإرث الإسلامي، كما انتقد المنادين بمنع ما يسمى "الاختلاط" مؤكدا ان الفقه الإسلامي لم يعرف هذا "الاصطلاح" الدخيل وانه لا يوجد سند شرعي صحيح يمكن التعويل عليه في هذه القضية.
وقال الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي، رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، إن "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تمثل نقلة جبارة وإنجازا كبيرا يضاف بكل تقدير لسجل المملكة العربية السعودية ولتاريخ الأمة الإسلامية، إذ خطت خطوة عملاقة لما استشرفت له الأمة من استعادة دورها الحضاري ومجدها العلمي".
وأضاف "إننا لا نبالغ إن قلنا بأن النظريات العلمية المؤثرة في حياة الأمم نسيت دور العالم الإسلامي في الإبداع والحضور منذ مئات السنين، حتى بقي العالم الإسلامي عالة على غيره، منطويا على نفسه، بعد أن نخرت جسده الفرقة والخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية، فضلا عن المصالح الذاتية، حتى جعل بعضهم دين الله مرتعا للتنازع، والتناحر، والتدابر، وكثرة القيل والقال، في سياق من الانكفاء على النفس والتعصب للآراء دون برهان، حتى خرج مد الخلافات عن حدها المعقول إلى نماذج مؤسفة".
وأوضح الشيخ الغامدي ان الجامعة تمثل امتدادا طبيعيا لحضارتنا الإسلامية التي هيمنت ردحا من الزمن في كل العلوم المادية والنظرية؛ فمكنها الله بفضل ذلك ثم بعزائم علماء الأمة المبدعين الصادقين ورجالها المصلحين وجعل لها الريادة، فارتفعت رايتها عالية، وانبرى لمهماتها علماء مسلمون ملأوا الزمان والمكان، والسمع والبصر، فاحتلوا في تاريخ الأمم مكانا لازال يتجدد ذكرهم بتجدد تلك النظريات المادية الحديثة، ولقد أخذت جامعة الملك عبدالله بأعظم أسباب القوة التي أمرنا الله بالإعداد لها فكيف أصبح الواجب والفضل مأخذا".
وانتقد الغامدي من ضاق بهم الأفق "فأخرجوا من إرثنا الإسلامي هذه العلوم المادية فنقول لهم: إن ذلك إرث أسسه علماء هذه الأمة آخذين بسنن الله الكونية التي جعلها الله تعالى موصلة لأسرار حكمته في الكون وسلما لعمارة الأرض وخدمة البشرية والدين، مستجيبين في ذلك لحث الله على العلم كله بقوله: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، وبقوله سبحانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)".
ورد الشيخ الغامدي على البعض الذي طالب بمنع الاختلاط في الجامعة بقوله:" صار هناك كثير من الخلط عن "الاختلاط" فقد اعتبره البعض من المصطلحات الفقهية المعهودة في بحوث الفقهاء. والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى الحالي لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم؛ لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه، بل كان الاختلاط أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها".
وأضاف "إن استعمال الفقهاء لعبارة الاختلاط لا يعدو استخدامهم لمفردات المعجم العربي مثل: أخذ، وأعطى، ولذلك لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم، كمصطلح: الخلوة، والنكاح، والطلاق، والرجعة، كما عليه بقية مصطلحات أهل العلم مثل: البيع، والربا، والسلم، والعرايا، وغيرها، وكالمصطلحات المعاصرة التي يمكن قبولها وإدخالها في المعجم الفقهي ضمن نوازله مثل: التأمين، المرابحة، السندات، بدل الخلو، الحق المعنوي، لكن بعض المتأخرين لما بالغ في موضوع اختلاط النساء بالرجال وصار اللفظ المعاصر ينصرف إليه بإطلاق، تولد ذلك المصطلح الدخيل المتأخر، فغالط به من لم يميز أو من أراد التلبيس، ومثل ذلك لو بالغ الناس في التحذير من جلوس النساء والرجال ولو كان لمصلحة أو عادة، ولا خلوة ولا ريبة فيه، فتولد من كثرة دوران ذلك اللفظ تحذيرا وزجرا مصطلح جديدا هو القعود، كما تولد مصطلح الاختلاط مثلا بمثل، ولهذا خطورته متى ألصق بعلوم الشريعة، وفيه مد سلبي على تراثنا الفقهي متى أعطي مزية المصطلحات، فإن ذلك يعني إعطاءه هوية غير معهودة عند أهل العلم والفقه، قد يلتبس بذلك الحق بتقادم الزمان عليه كما حصل الآن في مصطلح الاختلاط.
وأوضح أن "بعض الموسوعات الفقهية المعاصرة تناولت الاختلاط في قاموس ألفاظها، لكنها لم تستطع أن تشير إلى أن من معانيه اختلاط النساء بالرجال".
وأكد الغامدي أن منع الاختلاط أصبح جناية حين قال البعض بتحريمه و " لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقا بل كان واقعا في حياة الصحابة".
وأضاف "لقد استمر ذلك الحال على مر العصور حتى طرأ على ذلك الأصل ما غيره من العادات والتقاليد، وبقي منه ما لا يمكن أن تمحوه تلك العادات والتقاليد، فظل كما هو؛ لأنه ارتبط بما شرع الله امتثاله من الطاعات على النساء والرجال كالطواف والسعي والصلاة فهم يؤدونها في مكان واحد، مع أنه قد يقع ممن تسول له نفسه ما يسيء بفعل أو قول محرم، إلا أنه لم يقل أحد من علماء المسلمين بمنع الاختلاط في تلك الأماكن لأجل ما قد يقع ممن تسول له نفسه الإقدام على محرم قل أو كثر".
وتابع الشيخ الغامدي "هكذا الحال في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وفي واقع بيوت الكثير من المسلمين، ومنهم المانعون للاختلاط، تجدها مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها وهي مليئة بالرجال الأجانب عنهن، وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية لا يمكن إنكاره. إن من يحرمون الاختلاط يعيشون فيه واقعا، وهذا من التناقض المذموم شرعا، ويجب على كل مسلم منصف عاقل لزوم أحكام الشرع دون زيادة أو نقص، فلا يجعل من حماسته وغيرته مبررا للتعقب على أحكام الشرع، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على سعد بن عبادة رضي الله عنه حين قال: "والله لأضربنه بالسيف غير مصفح"، في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: "أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، قال الحافظ ابن عبد البر: "يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله وأن لا يتعدى حدوده فالله ورسوله أغير".
واختتم الغامدي حديثه متسائلا "كيف يزايد البعض على مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الحكيم، وقد زعم أنه آمن بالله مسلما بحكمه".
منقول نصا من موقع جريده عكاظ السعوديه
تعليق