بسم الله الرحمن الرحيم
حوار " الشرق الأوسط " مع فضيلة الشيخ الدكتور / عوض بن محمد القرني .
نفيدكم أن الذي نشر في الجريدة " الشرق الأوسط " يختلف اختلافاً كبيراً عن الحوار الحقيقي الذي أجري.
فقد تعرض الحوار عند نشره للحذف والتغيير والتشويه لذا وجب التنويه.
وأن أصل الحوار والإجابات هو على النحو الآتي:
ولكم تحياتي
حوار صحيفة الشرق الأوسط مع الشيخ الدكتورعوض القرني
في 4\6\1431هـ*
1. بداية مع (الحداثة في ميزان الإسلام) كانت هناك توقعات بعد انفتاحك على بعض التيارات أن تتراجع عن الكتاب إلا أنك قلت مؤخراً أنك لو تريثت في كتابته للفترة الحالية لكان أكثر عمقاً ولكان نخبوياً؟ هل ترى أن بأنه كان سطحياً؟
كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) لا بد أن يؤخذ في سياقه التاريخي الذي صدر فيه، حينها كانت الحداثة تطرح شعبوياً بشكل يومي في الجرائد والصحف ومنابر الأندية الأدبية، وكان تناولها بهذه الصورة وبهذه الكيفية، هذا الأمر الأول، أما ألأمر الثاني، أنا لم أتطرق للحداثة من الناحية الأدبية على الإطلاق، وكتبت ذلك في مقدمة الكتاب، ومازلت أؤكد اليوم وغداً ومستقبلاً، أن الجانب الأدبي في الحداثة لا يعنيني كثيرا وأن كان لي في ذلك خياراتي، لكنها ليست بذات الأهمية التي تدعوني إلى تأليف كتاب وإقامة معركة أن صحت التسمية، الذي يعنيني في أمر الحداثة هو الجانب الفكري والجانب الفلسفي، وهو أمر مفصلي بالنسبة لنا كمسلمين، وكان تطرقي لها من الجانب الفكري بالدرجة الأولى وقد أكدت على ذلك.
2. منتقدي الكتاب يعتبرونه تناول قضايا أدبية وثقافية بسطحية؟
لا اعتقد أن الكتاب سطحيا، لكنه كان تناولاً سهلاً ميسراً بحيث أي مسلم عربي يسمع ما تقول وتدلل عليه يفهمه بسرعة، لم أحاول أن أغوص في الجذور الفلسفية التي لا يفقهها إلا بعض المتخصصين، مع أنني في تلك الفترة كنت قادراً بالتأكيد على ذلك وإن لم يكن بمستوى قدرتي الآن ولكنني كنت قادراً على ذلك فأنا خريج كلية الشريعة وأحمل الماجستير في الشريعة وكنت متميزاً في دراستي، ربما لو جعلته أكثر عمقاً لكان أكثر نخبوية، وهذا لا يعني أنني أفضل الآن أن يكون أكثر عمقا وأكثر نخبوية،
ما زلت أقول أن الكتاب مطروح على الساحة عبر تلك السنين، والنقد الذي تعرض له من مناوئه استطيع أن أقول أنه كان نقداً سطحياً، يلقون التهم ولا يدللون عليها والكتاب بين أيديهم، قولوا قال في الصفحة الفلانية (كذا) والرد عليها (كذا)، والدليل على عدم صحته (كذا)، وهذا لم يحدث من منتقديه على الإطلاق.
3. هل تنوي أن تعيد بعض المراجعات عليه؟
لن أعيد عليه أية مراجعات وسابقيه شاهداً على مرحلته، ويتناوله الناس في سياقه الذي ورد فيه الثقافي والتاريخي والاجتماعي، ولكن قد تكون هناك كتب جديدة.
4. الشاعر والأديب والمثقف محمد العلي قال أن الكتاب عرض المثقفين في السعودية على وجه الخصوص لمحرقة حقيقية؟
هم أحرار في أن يسموا ما تعرضوا له من قبل الناس بسبب الكتاب، أي شيء ولكني أذكر الماركسي سابقا والحداثي لاحقا محمد العلي بما قلته قريبا في نادي جدة الأدبي، لمن قال في مداخلة له في أحدى الندوات (الحمد لله أنني أصبحت قادراً على مناقشة عوض القرني، بينما كنت غير قادر على ذلك عندما صدر كتابه الحداثة في ميزان الإسلام) فعقبت عليه وقلت (الفترة التي يتكلم عنها الأستاذ والتي يزعم أنه كان غير قادر على مناقشتي فيها بعد صدور الكتاب، كان في تلك الفترة نائب رئيس تحرير أكبر صحيفة في البلد في ذلك اليوم، كان يتقاضى مرتباً شهرياً قرابة 40000 ريال، ويكتب يومياً ويقرأه عشرات الآلاف، ويجيز من المقالات ما يريد ويشطب ما يريد، في تلك الفترة التي يزعم أنه أقصى فيها وهذا حاله، كنت ممنوعاً من الخطابة ومن الكتابة ومن السفر ومن المحاضرة ومن الندوة فمن أقصى من).
عندما تلقى التهم جزافاً سهل أن يتهم أي شخص، لكن عندما نطالب بالحقائق والوقائع حينئذ ٍ ينكشف الصدق من الكذب في هذا المقام، ثم أنه لم يكن بأيدينا أية سلطة في تلك الفترة، وقد يكون أحد أسباب خروج الكتاب، أننا كنا نتوسل محمد العلي وغيره ليسمحوا لنا ببضع دقائق نداخلهم بها في منبر، أو ببضعة أسطر نداخلهم بها في جريدة، ولا يمنون علينا بذلك، ومحمد العلي كان يكتب في عدد من الصحف لحظة صدور الكتاب واستمر يكتب ولا زال يكتب إلى الآن، غاية ما كان أننا خاطبنا الجماهير فاستجابة لنا وهم يرون أن هذه جريمة، مع أنهم يزعمون الاحتكام إلى الشعوب والجماهير وإلى ذائقتها وإلى رأيها، فإذا اختارت رفضوا اختيارها إلا إذا كانوا هم الاختيار.
5. يلاحظ عليك يا شيخ (النرجسية الطافحة) فأنت تعد كتابك الحداثة في ميزان الإسلام من أهم الكتب الفكرية في القرن العشرين، رغم أن خصومك وحتى بعض الإسلاميين يرون الكتاب شديد السطحية؟
أولاً هذه تهمة تحتاج إلى دليل، وإذا كان دليلها اعتدادي بالكتاب، فلماذا الكتاب منذ 24سنة لا زال شغلهم الشاغل إلى الآن، رغم أنهم يرونه سطحياً وهامشياً، فلماذا أشغلهم كل هذا الوقت، بحيث لا يمر أسبوع دون أن يكتبوا عنه أو يتحدثوا عنه
ثانياً لست أنا من عد الكتاب أحد أهم الكتب الفكرية في القرن العشرين، بل إذاعة الـ بي بي سي القسم العربي في العام 2000 أو 2001 عملت استبيان وأذاعوه على العالم، عن أهم 10 كتب صدرت باللغة العربية في القرن العشرين، فذكروا أن كتابي أحد هذه العشرة، ما هي المعايير التي وضع على أساسها الاستبيان بمن اتصلوا، من قيم الكتب... لا أعلم عن ذلك شيئا، وعرفت بالخبر من الصحف والمواقع الالكترونية، ولم أتصل بعدها بـ بي بي سي.
فشاعت هذه المقولة بعد الاستبيان ، وأنا أقول برغم ما قالته إذاعة بي بي سي، وبرغم ما يقوله عوض القرني، دعوا الكتاب يموت ولا تبعثوه من مرقده خلال 24 سنة أحياناً بشكل يومي إن كان لا يعني لكم شيئا.
6. هل لا زلت ترى أن هناك منظومة دولية هدفها النيل منك وأن الكاتب (السيد ولد أباه) حلقة ضمن هذه المنظومة؟
سيد ولد أباه أجير دفع له ليكتب في صحيفة (الشرق الأوسط) نصف صفحة ربعها صورة لكتابي وربعها الأخر صورة لي وله، ثم كتب هذه المقالة التي دفع لها أجرها من (الشرق الأوسط)أومن غيرها، فهللوا لها بعد 20 عاماً من صدور الكتاب واعتبروها نصراً مؤزراً، و لا أعلم عن هؤلاء المفكرين والمثقفين الذين انتظروا 20 سنة ليكتب لهم ربع صفحة عن الكتاب، ولم يورد كاتبها نصاً واحداً من الكتاب أو حقيقة من الحقائق التي تناولها الكتاب، إنما أعاد اجترار بعض التهم العامة، وهللوا له واعتبروه النصر الذي انتظروه، ثم رد عليهم البعض في منتدى دار الندوة الليبرالي،وقال: أنه من العار أن نحتفل هذه الاحتفالية بهذا المقال، ونحن نعلم أنها مقالة مدفوعة الأجر.
7. بمناسبة وفاة محمد عابد الجابري (رحمه الله) هل لازلت ترى أنه شيوعياً؟ مع أنه لم يقل بذلك إلا أنت، فالجميع يعرفه بأنه اشتراكي؟
محمد عابد الجابري من يقرأ سيرته يجد أنه من مؤسسي الحزب الاشتراكي، والحزب الاشتراكي المغربي تكون من عدة أجنحة، كانت فروعاً لعدد من الأحزاب الفرنسية قبل الاستقلال، تجمعهم الفرانكفونية، وكان بعضهم فروع للحزب الشيوعي الفرنسي، وبعضهم كان فروعاً للحزب الاشتراكي الفرنسي، وبعد الاستقلال تجمعوا في حزب واحد وكان الجابري عضواً في المكتب السياسي للحزب، من كتب من الكتاب المغاربة عن تلك الفترة قالوا أن بداية تكون الحزب كان من الجناح الشيوعي، وبلا شك أن محمد عابد الجابري بعد ذلك حاول أن يتجذر في التراث العربي، وإن كان تجذراً انتقائياً، ولم يعلن في يوم من الأيام تخليه عن الحزب الاشتراكي،
8. هل لا ترى أن، هناك فرقا بين الاشتراكية والشيوعية؟
الاشتراكية والشيوعية بينهما قواسم مشتركة كثيرة، وبينهما بعض الاختلافات، لكن لا يوجد شيوعي غير اشتراكي، بينما يوجد اشتراكي غير شيوعي، ومحمد عابد الجابري اشتراكياً بمسمى الحزب الذي انتمى له، لكن الناس لا تبحث عن جذور تكون هذا الحزب، من يبحث في ذلك يجد كما ذكرت أن مكوناته كانت فروع لأحزاب فرنسية، وحقيقة الآن لا أعلم الآن هل كتبت في كتابي ـ الحداثة في ميزان الإسلام ـ هل هو شيوعي أم اشتراكي، لكن هذه المعلومة لدي عندما تكون الحزب الاشتراكي المغربي، وقطعاً أن محمد الجابري في آخر حياته لم يعد ينادي بالشيوعية لأن الشيوعية سقطت أصلاً في العالم كله وتخلى الجميع عنها، بل بعض اللذين كانوا من رموزها في البلاد العربية أصبحوا يعرفون بالليبراليين الجدد، وأنظر أين الشيوعية من الليبرالية، وبعض رموز الليبراليون أصدروا ما يسمى بـ ( مانفستوا الليبراليين الجدد) وانتقلوا نقلة بعيدة جداً، وأنا في كاتبي كنت أتحدث عن فترة تاريخية أي قبل 24 سنة فترة صدور الكتاب، ومن يتحدث عن محمد عابد الجابري الآن غير من يتحدث عن محمد عابد الجابري السابق.
9. تيار الصحوة في السعودية وأنت أحد صقوره يرى بأنه يتعرض للإقصاء من وسائل الإعلام، رغم أنه بحسب حوار أجريته مؤخراً يمتلك 100 قناة فضائية؟ كيف يكون ذلك؟
أولاً أنا تحدثت عن القنوات على امتداد العالم الإسلامي، باللغة العربية وبغيرها، وعندما أتحدث عن الإقصاء أتحدث عنه في الصحف السعودية، وهذه لا ينكرها أحد، ومن يحاول أن يدافع عن إقصاء الصحف السعودية للتيار الديني سيجلب لنفسه تكذيب الجماهير كلها، وهذا أمر مشاهد، والذي يتفضل من الصحف بمنح فرصة للتيار الديني تعطيه صفحة أسبوعية، والواقع هذا معاش من قبل كتاب الحداثة ومن بعده وإلى الآن، وأنا لم أتحدث في هذا الأمر وحدي بل الكثير وحتى من كبار المسئولين، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين عندما استقبل رؤساء تحرير الصحف كان يتحدث عن إقصائها للإسلام وليس فقط للإسلاميين، والنائب الثاني ذكر ذلك أكثر من مرة، والقضية محل اتفاق، فلو كان الوجود الفكري الإسلامي في الصحف السعودية، بحجم وجوده في المجتمع، لكان أمر الصحف مقلوبا بنسبة 90 في المائة.
10. لماذا تستدعى كل عبارات التخوين والعمالة عندما يطرح مشروع التغيير من قبل أشخاص لا ينتمون إلى ا لتيار الصحوي بينما لا ينظر لها تلك النظرة إذا طرحت من قبل شخصيات التيار (بمعنى آخر التغيير هو ما نقرره وما نباركه هذا ما تريدون قوله)؟
أي تغيير أما أن يستند إلى مرجعية الشريعة والى هوية هذه الأمة وخصوصيتها وثوابتها، بمعنى أن يحافظ هذا التغيير على مرجعيتها ويكون التغيير نمواً طبيعياً، وإما أن يكون التغيير تغييراً جذرياً مستورداً، ويكون نموذجاً مختلفاً تماماً، وكمثال في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان هناك من يسعى للتغيير تحت لا فتة الماركسية، ولا يستطيع أحد أن يقول أن التغيير الماركسي تغييراً يمثل الأمة وهو نابع من داخلها، كل ما في الأمر أن مجموعة من أبناء الأمة اعتنقوا الفكر الماركسي، ثم سعوا للتغيير إما من خلال الوسائل الإعلامية والثقافية والفكرية والعمل السياسي، أو من خلال الانقلابات العسكرية وهذا تغيير فهل نقبل به، المحك ليس التغيير فقط بل ما هو التغيير وما هي أهدافه وهل هو ما يطالب به أبناء الأمة تيار الصحوة أو غيره وما يحتاجونه، هل هذا التغيير ينطلق من الإسلام كمرجعية ومن ثوابته، وهوية الأمة وخصوصيتها، هل هذا التغيير كما في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، أن الكتاب والسنة (الشريعة) هي المصدر لكل التنظيمات والتشريعات والقوانين، أم أن التغيير يأتي متدثراً بعباءة الليبرالية، أو كما كان سابقاً تحت لا فتة الماركسية، أو الاشتراكية، فحينئذ نقول أن هذا التغيير لا يمثلنا، بل يمثل أناس آخرين لهم وكلاء تجاريون لدينا، يحاولون أن يسوقوا ويروجوا بضاعتهم.
يتبع ..............
حوار " الشرق الأوسط " مع فضيلة الشيخ الدكتور / عوض بن محمد القرني .
نفيدكم أن الذي نشر في الجريدة " الشرق الأوسط " يختلف اختلافاً كبيراً عن الحوار الحقيقي الذي أجري.
فقد تعرض الحوار عند نشره للحذف والتغيير والتشويه لذا وجب التنويه.
وأن أصل الحوار والإجابات هو على النحو الآتي:
ولكم تحياتي
حوار صحيفة الشرق الأوسط مع الشيخ الدكتورعوض القرني
في 4\6\1431هـ*
1. بداية مع (الحداثة في ميزان الإسلام) كانت هناك توقعات بعد انفتاحك على بعض التيارات أن تتراجع عن الكتاب إلا أنك قلت مؤخراً أنك لو تريثت في كتابته للفترة الحالية لكان أكثر عمقاً ولكان نخبوياً؟ هل ترى أن بأنه كان سطحياً؟
كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) لا بد أن يؤخذ في سياقه التاريخي الذي صدر فيه، حينها كانت الحداثة تطرح شعبوياً بشكل يومي في الجرائد والصحف ومنابر الأندية الأدبية، وكان تناولها بهذه الصورة وبهذه الكيفية، هذا الأمر الأول، أما ألأمر الثاني، أنا لم أتطرق للحداثة من الناحية الأدبية على الإطلاق، وكتبت ذلك في مقدمة الكتاب، ومازلت أؤكد اليوم وغداً ومستقبلاً، أن الجانب الأدبي في الحداثة لا يعنيني كثيرا وأن كان لي في ذلك خياراتي، لكنها ليست بذات الأهمية التي تدعوني إلى تأليف كتاب وإقامة معركة أن صحت التسمية، الذي يعنيني في أمر الحداثة هو الجانب الفكري والجانب الفلسفي، وهو أمر مفصلي بالنسبة لنا كمسلمين، وكان تطرقي لها من الجانب الفكري بالدرجة الأولى وقد أكدت على ذلك.
2. منتقدي الكتاب يعتبرونه تناول قضايا أدبية وثقافية بسطحية؟
لا اعتقد أن الكتاب سطحيا، لكنه كان تناولاً سهلاً ميسراً بحيث أي مسلم عربي يسمع ما تقول وتدلل عليه يفهمه بسرعة، لم أحاول أن أغوص في الجذور الفلسفية التي لا يفقهها إلا بعض المتخصصين، مع أنني في تلك الفترة كنت قادراً بالتأكيد على ذلك وإن لم يكن بمستوى قدرتي الآن ولكنني كنت قادراً على ذلك فأنا خريج كلية الشريعة وأحمل الماجستير في الشريعة وكنت متميزاً في دراستي، ربما لو جعلته أكثر عمقاً لكان أكثر نخبوية، وهذا لا يعني أنني أفضل الآن أن يكون أكثر عمقا وأكثر نخبوية،
ما زلت أقول أن الكتاب مطروح على الساحة عبر تلك السنين، والنقد الذي تعرض له من مناوئه استطيع أن أقول أنه كان نقداً سطحياً، يلقون التهم ولا يدللون عليها والكتاب بين أيديهم، قولوا قال في الصفحة الفلانية (كذا) والرد عليها (كذا)، والدليل على عدم صحته (كذا)، وهذا لم يحدث من منتقديه على الإطلاق.
3. هل تنوي أن تعيد بعض المراجعات عليه؟
لن أعيد عليه أية مراجعات وسابقيه شاهداً على مرحلته، ويتناوله الناس في سياقه الذي ورد فيه الثقافي والتاريخي والاجتماعي، ولكن قد تكون هناك كتب جديدة.
4. الشاعر والأديب والمثقف محمد العلي قال أن الكتاب عرض المثقفين في السعودية على وجه الخصوص لمحرقة حقيقية؟
هم أحرار في أن يسموا ما تعرضوا له من قبل الناس بسبب الكتاب، أي شيء ولكني أذكر الماركسي سابقا والحداثي لاحقا محمد العلي بما قلته قريبا في نادي جدة الأدبي، لمن قال في مداخلة له في أحدى الندوات (الحمد لله أنني أصبحت قادراً على مناقشة عوض القرني، بينما كنت غير قادر على ذلك عندما صدر كتابه الحداثة في ميزان الإسلام) فعقبت عليه وقلت (الفترة التي يتكلم عنها الأستاذ والتي يزعم أنه كان غير قادر على مناقشتي فيها بعد صدور الكتاب، كان في تلك الفترة نائب رئيس تحرير أكبر صحيفة في البلد في ذلك اليوم، كان يتقاضى مرتباً شهرياً قرابة 40000 ريال، ويكتب يومياً ويقرأه عشرات الآلاف، ويجيز من المقالات ما يريد ويشطب ما يريد، في تلك الفترة التي يزعم أنه أقصى فيها وهذا حاله، كنت ممنوعاً من الخطابة ومن الكتابة ومن السفر ومن المحاضرة ومن الندوة فمن أقصى من).
عندما تلقى التهم جزافاً سهل أن يتهم أي شخص، لكن عندما نطالب بالحقائق والوقائع حينئذ ٍ ينكشف الصدق من الكذب في هذا المقام، ثم أنه لم يكن بأيدينا أية سلطة في تلك الفترة، وقد يكون أحد أسباب خروج الكتاب، أننا كنا نتوسل محمد العلي وغيره ليسمحوا لنا ببضع دقائق نداخلهم بها في منبر، أو ببضعة أسطر نداخلهم بها في جريدة، ولا يمنون علينا بذلك، ومحمد العلي كان يكتب في عدد من الصحف لحظة صدور الكتاب واستمر يكتب ولا زال يكتب إلى الآن، غاية ما كان أننا خاطبنا الجماهير فاستجابة لنا وهم يرون أن هذه جريمة، مع أنهم يزعمون الاحتكام إلى الشعوب والجماهير وإلى ذائقتها وإلى رأيها، فإذا اختارت رفضوا اختيارها إلا إذا كانوا هم الاختيار.
5. يلاحظ عليك يا شيخ (النرجسية الطافحة) فأنت تعد كتابك الحداثة في ميزان الإسلام من أهم الكتب الفكرية في القرن العشرين، رغم أن خصومك وحتى بعض الإسلاميين يرون الكتاب شديد السطحية؟
أولاً هذه تهمة تحتاج إلى دليل، وإذا كان دليلها اعتدادي بالكتاب، فلماذا الكتاب منذ 24سنة لا زال شغلهم الشاغل إلى الآن، رغم أنهم يرونه سطحياً وهامشياً، فلماذا أشغلهم كل هذا الوقت، بحيث لا يمر أسبوع دون أن يكتبوا عنه أو يتحدثوا عنه
ثانياً لست أنا من عد الكتاب أحد أهم الكتب الفكرية في القرن العشرين، بل إذاعة الـ بي بي سي القسم العربي في العام 2000 أو 2001 عملت استبيان وأذاعوه على العالم، عن أهم 10 كتب صدرت باللغة العربية في القرن العشرين، فذكروا أن كتابي أحد هذه العشرة، ما هي المعايير التي وضع على أساسها الاستبيان بمن اتصلوا، من قيم الكتب... لا أعلم عن ذلك شيئا، وعرفت بالخبر من الصحف والمواقع الالكترونية، ولم أتصل بعدها بـ بي بي سي.
فشاعت هذه المقولة بعد الاستبيان ، وأنا أقول برغم ما قالته إذاعة بي بي سي، وبرغم ما يقوله عوض القرني، دعوا الكتاب يموت ولا تبعثوه من مرقده خلال 24 سنة أحياناً بشكل يومي إن كان لا يعني لكم شيئا.
6. هل لا زلت ترى أن هناك منظومة دولية هدفها النيل منك وأن الكاتب (السيد ولد أباه) حلقة ضمن هذه المنظومة؟
سيد ولد أباه أجير دفع له ليكتب في صحيفة (الشرق الأوسط) نصف صفحة ربعها صورة لكتابي وربعها الأخر صورة لي وله، ثم كتب هذه المقالة التي دفع لها أجرها من (الشرق الأوسط)أومن غيرها، فهللوا لها بعد 20 عاماً من صدور الكتاب واعتبروها نصراً مؤزراً، و لا أعلم عن هؤلاء المفكرين والمثقفين الذين انتظروا 20 سنة ليكتب لهم ربع صفحة عن الكتاب، ولم يورد كاتبها نصاً واحداً من الكتاب أو حقيقة من الحقائق التي تناولها الكتاب، إنما أعاد اجترار بعض التهم العامة، وهللوا له واعتبروه النصر الذي انتظروه، ثم رد عليهم البعض في منتدى دار الندوة الليبرالي،وقال: أنه من العار أن نحتفل هذه الاحتفالية بهذا المقال، ونحن نعلم أنها مقالة مدفوعة الأجر.
7. بمناسبة وفاة محمد عابد الجابري (رحمه الله) هل لازلت ترى أنه شيوعياً؟ مع أنه لم يقل بذلك إلا أنت، فالجميع يعرفه بأنه اشتراكي؟
محمد عابد الجابري من يقرأ سيرته يجد أنه من مؤسسي الحزب الاشتراكي، والحزب الاشتراكي المغربي تكون من عدة أجنحة، كانت فروعاً لعدد من الأحزاب الفرنسية قبل الاستقلال، تجمعهم الفرانكفونية، وكان بعضهم فروع للحزب الشيوعي الفرنسي، وبعضهم كان فروعاً للحزب الاشتراكي الفرنسي، وبعد الاستقلال تجمعوا في حزب واحد وكان الجابري عضواً في المكتب السياسي للحزب، من كتب من الكتاب المغاربة عن تلك الفترة قالوا أن بداية تكون الحزب كان من الجناح الشيوعي، وبلا شك أن محمد عابد الجابري بعد ذلك حاول أن يتجذر في التراث العربي، وإن كان تجذراً انتقائياً، ولم يعلن في يوم من الأيام تخليه عن الحزب الاشتراكي،
8. هل لا ترى أن، هناك فرقا بين الاشتراكية والشيوعية؟
الاشتراكية والشيوعية بينهما قواسم مشتركة كثيرة، وبينهما بعض الاختلافات، لكن لا يوجد شيوعي غير اشتراكي، بينما يوجد اشتراكي غير شيوعي، ومحمد عابد الجابري اشتراكياً بمسمى الحزب الذي انتمى له، لكن الناس لا تبحث عن جذور تكون هذا الحزب، من يبحث في ذلك يجد كما ذكرت أن مكوناته كانت فروع لأحزاب فرنسية، وحقيقة الآن لا أعلم الآن هل كتبت في كتابي ـ الحداثة في ميزان الإسلام ـ هل هو شيوعي أم اشتراكي، لكن هذه المعلومة لدي عندما تكون الحزب الاشتراكي المغربي، وقطعاً أن محمد الجابري في آخر حياته لم يعد ينادي بالشيوعية لأن الشيوعية سقطت أصلاً في العالم كله وتخلى الجميع عنها، بل بعض اللذين كانوا من رموزها في البلاد العربية أصبحوا يعرفون بالليبراليين الجدد، وأنظر أين الشيوعية من الليبرالية، وبعض رموز الليبراليون أصدروا ما يسمى بـ ( مانفستوا الليبراليين الجدد) وانتقلوا نقلة بعيدة جداً، وأنا في كاتبي كنت أتحدث عن فترة تاريخية أي قبل 24 سنة فترة صدور الكتاب، ومن يتحدث عن محمد عابد الجابري الآن غير من يتحدث عن محمد عابد الجابري السابق.
9. تيار الصحوة في السعودية وأنت أحد صقوره يرى بأنه يتعرض للإقصاء من وسائل الإعلام، رغم أنه بحسب حوار أجريته مؤخراً يمتلك 100 قناة فضائية؟ كيف يكون ذلك؟
أولاً أنا تحدثت عن القنوات على امتداد العالم الإسلامي، باللغة العربية وبغيرها، وعندما أتحدث عن الإقصاء أتحدث عنه في الصحف السعودية، وهذه لا ينكرها أحد، ومن يحاول أن يدافع عن إقصاء الصحف السعودية للتيار الديني سيجلب لنفسه تكذيب الجماهير كلها، وهذا أمر مشاهد، والذي يتفضل من الصحف بمنح فرصة للتيار الديني تعطيه صفحة أسبوعية، والواقع هذا معاش من قبل كتاب الحداثة ومن بعده وإلى الآن، وأنا لم أتحدث في هذا الأمر وحدي بل الكثير وحتى من كبار المسئولين، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين عندما استقبل رؤساء تحرير الصحف كان يتحدث عن إقصائها للإسلام وليس فقط للإسلاميين، والنائب الثاني ذكر ذلك أكثر من مرة، والقضية محل اتفاق، فلو كان الوجود الفكري الإسلامي في الصحف السعودية، بحجم وجوده في المجتمع، لكان أمر الصحف مقلوبا بنسبة 90 في المائة.
10. لماذا تستدعى كل عبارات التخوين والعمالة عندما يطرح مشروع التغيير من قبل أشخاص لا ينتمون إلى ا لتيار الصحوي بينما لا ينظر لها تلك النظرة إذا طرحت من قبل شخصيات التيار (بمعنى آخر التغيير هو ما نقرره وما نباركه هذا ما تريدون قوله)؟
أي تغيير أما أن يستند إلى مرجعية الشريعة والى هوية هذه الأمة وخصوصيتها وثوابتها، بمعنى أن يحافظ هذا التغيير على مرجعيتها ويكون التغيير نمواً طبيعياً، وإما أن يكون التغيير تغييراً جذرياً مستورداً، ويكون نموذجاً مختلفاً تماماً، وكمثال في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان هناك من يسعى للتغيير تحت لا فتة الماركسية، ولا يستطيع أحد أن يقول أن التغيير الماركسي تغييراً يمثل الأمة وهو نابع من داخلها، كل ما في الأمر أن مجموعة من أبناء الأمة اعتنقوا الفكر الماركسي، ثم سعوا للتغيير إما من خلال الوسائل الإعلامية والثقافية والفكرية والعمل السياسي، أو من خلال الانقلابات العسكرية وهذا تغيير فهل نقبل به، المحك ليس التغيير فقط بل ما هو التغيير وما هي أهدافه وهل هو ما يطالب به أبناء الأمة تيار الصحوة أو غيره وما يحتاجونه، هل هذا التغيير ينطلق من الإسلام كمرجعية ومن ثوابته، وهوية الأمة وخصوصيتها، هل هذا التغيير كما في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، أن الكتاب والسنة (الشريعة) هي المصدر لكل التنظيمات والتشريعات والقوانين، أم أن التغيير يأتي متدثراً بعباءة الليبرالية، أو كما كان سابقاً تحت لا فتة الماركسية، أو الاشتراكية، فحينئذ نقول أن هذا التغيير لا يمثلنا، بل يمثل أناس آخرين لهم وكلاء تجاريون لدينا، يحاولون أن يسوقوا ويروجوا بضاعتهم.
يتبع ..............
تعليق