[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالـــــــــــــى
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
يدل على استواء الناس في الأصل لأن أباهم واحد وأمهم واحدة وكان في ذلك أكبر زاجر عن التفاخر بالأنساب وتطاول بعض الناس على بعض بين تعالى أنه جعلهم شعوبا وقبائل لأجل أن يتعارفوا أي يعرف بعضهم بعضا ويتميز بعضهم عن بعض لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض ويتطاول عليه .(1)
وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض وأكرم منه إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب
وقد بين الله ذلك هنا بقوله { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } فاتضح من هذا أن الفضل والكرم إنما هو بتقوى الله لا بغيره من الانتساب إلى القبائل ..
ولقد صدق الشاعر في قوله :
فقد رفع الإسلام سلمان فارس .......... وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
إن الأنساب ينقطع آثارها التي كانت مترتبة عليها في دار الدنيا من التفاخر بالآباء والنفع والعواطف والصلات فكل ذلك ينقطع يوم القيامة ويكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه وليس المراد نفي حقيقة الأنساب من أصلها بدليل قوله تعالى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} (34) سورة عبس.(2)
وفي الحديث النبوي الشريف
(حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا في غزاة قال سفيان مرة في جيش فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوى جاهلية قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال دعوها فإنها منتنة فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد قال سفيان فحفظته من عمرو قال عمرو سمعت جابراً كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم).(3)
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (103) سورة آل عمران
وفي الحديث النبوي الشريف
(حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا سفيان عن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه)(4)
يريد بذلك تعالى ذكره وتمسكوا بدين الله الذي أمركم به وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم من الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله
وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى الاعتصام
وأما الحبل فإنه السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة ولذلك سمي الأمان حبلا لأنه سبب يوصل به إلى زوال الخوف والنجاة من الجزع والذعر ومنه قول أعشى بني ثعلبة وإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخرى إليك حبالها ومنه قول الله عز وجل إلا بحبل من الله وحبل من الناس
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التفسير:
ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا هشيم قال أخبرنا العوام عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود أنه قال في قوله واعتصموا بحبل الله جميعا قال الجماعة
حدثنا المثنى قال ثنا عمرو بن عون قال ثنا هشيم عن العوام عن الشعبي عن عبد الله في قوله واعتصموا بحبل الله جميعا قال حبل الله الجماعة.(5)
ومن محاضرة فضيلة الشيخ علي بن عبد الخالق القرني هكذا علمتني الحياة (الجزء الثاني)
علمتني الحياة في ظل العقيدة إن الاجتماع والمحبة بين المؤمنين قوة وأن التفرق والتشتت ضعفاً فإن الإنسان قليل بنفسه كثيراً بإخوانه ..
وما المرء إلا بإخوانه ..................كما تقبض الكف بالمعصم
ولاخير في الكف مقطوعة..................ولاخير في الساعد الأجذم
يقولُ عمرُ رضي الله عنهُ وأرضاه :
ما أعطي عبدُ بعد الإسلام خير من أخ صالح يذكرهُ بالله ,فإذا رأى أحدكم من أخيه وداً فليتمسك به..
تمسك به مسك البخيل بماله............ وعض عليه بالنواجذ تغنم
ويقول الحسن عليه رحمة الله :
أخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا,لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة,
ويعينوننا على الشدائد في العاجلة ...
إن يختلف نسب يؤلف بيننا...............ديننا أقمناه مقام الوالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا..............عذب تحدر من غمام واحد
يقول عمر رضي الله عنه :
والله لولا أن أجالس إخوة لي ينتقون أطايب القول كما يلتقط أطايب الثمر لأحببت أن ألحق بالله الآن..
وهاهي مجموعة من النمل تصادف بعيراً فيقول بعضها :
تفرقا عنه لايحطمكن بخفه ,فقالت حكيمة منهن إجتمعنا عليه تقتلنه..
فقد دلت الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة فيما سبق على عدم التفاخر بالأنساب وحثتنا على الجماعة والألفة في دين الله .
أتمنى أن أكون وفقت فيما جمعته ( وهو الأكثر والأفضل ) وما سطرتهٌ أناملي وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي........
بنيانُ واحد, جسدُ واحد, امةُ واحدة ..
(المراجع )
(1) أضواء البيان ج7/ص417
(2) أضواء البيان ج5/ص356
(3) صحيح البخاري ج4/ص1861
(4) صحيح البخاري ج1/ص182
(5) تفسير الطبري ج4/ص30[/align]
قال تعالـــــــــــــى
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
يدل على استواء الناس في الأصل لأن أباهم واحد وأمهم واحدة وكان في ذلك أكبر زاجر عن التفاخر بالأنساب وتطاول بعض الناس على بعض بين تعالى أنه جعلهم شعوبا وقبائل لأجل أن يتعارفوا أي يعرف بعضهم بعضا ويتميز بعضهم عن بعض لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض ويتطاول عليه .(1)
وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض وأكرم منه إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب
وقد بين الله ذلك هنا بقوله { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } فاتضح من هذا أن الفضل والكرم إنما هو بتقوى الله لا بغيره من الانتساب إلى القبائل ..
ولقد صدق الشاعر في قوله :
فقد رفع الإسلام سلمان فارس .......... وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
إن الأنساب ينقطع آثارها التي كانت مترتبة عليها في دار الدنيا من التفاخر بالآباء والنفع والعواطف والصلات فكل ذلك ينقطع يوم القيامة ويكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه وليس المراد نفي حقيقة الأنساب من أصلها بدليل قوله تعالى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} (34) سورة عبس.(2)
وفي الحديث النبوي الشريف
(حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا في غزاة قال سفيان مرة في جيش فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوى جاهلية قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال دعوها فإنها منتنة فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد قال سفيان فحفظته من عمرو قال عمرو سمعت جابراً كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم).(3)
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (103) سورة آل عمران
وفي الحديث النبوي الشريف
(حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا سفيان عن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه)(4)
يريد بذلك تعالى ذكره وتمسكوا بدين الله الذي أمركم به وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم من الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله
وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى الاعتصام
وأما الحبل فإنه السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة ولذلك سمي الأمان حبلا لأنه سبب يوصل به إلى زوال الخوف والنجاة من الجزع والذعر ومنه قول أعشى بني ثعلبة وإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخرى إليك حبالها ومنه قول الله عز وجل إلا بحبل من الله وحبل من الناس
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التفسير:
ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا هشيم قال أخبرنا العوام عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود أنه قال في قوله واعتصموا بحبل الله جميعا قال الجماعة
حدثنا المثنى قال ثنا عمرو بن عون قال ثنا هشيم عن العوام عن الشعبي عن عبد الله في قوله واعتصموا بحبل الله جميعا قال حبل الله الجماعة.(5)
ومن محاضرة فضيلة الشيخ علي بن عبد الخالق القرني هكذا علمتني الحياة (الجزء الثاني)
علمتني الحياة في ظل العقيدة إن الاجتماع والمحبة بين المؤمنين قوة وأن التفرق والتشتت ضعفاً فإن الإنسان قليل بنفسه كثيراً بإخوانه ..
وما المرء إلا بإخوانه ..................كما تقبض الكف بالمعصم
ولاخير في الكف مقطوعة..................ولاخير في الساعد الأجذم
يقولُ عمرُ رضي الله عنهُ وأرضاه :
ما أعطي عبدُ بعد الإسلام خير من أخ صالح يذكرهُ بالله ,فإذا رأى أحدكم من أخيه وداً فليتمسك به..
تمسك به مسك البخيل بماله............ وعض عليه بالنواجذ تغنم
ويقول الحسن عليه رحمة الله :
أخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا,لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة,
ويعينوننا على الشدائد في العاجلة ...
إن يختلف نسب يؤلف بيننا...............ديننا أقمناه مقام الوالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا..............عذب تحدر من غمام واحد
يقول عمر رضي الله عنه :
والله لولا أن أجالس إخوة لي ينتقون أطايب القول كما يلتقط أطايب الثمر لأحببت أن ألحق بالله الآن..
وهاهي مجموعة من النمل تصادف بعيراً فيقول بعضها :
تفرقا عنه لايحطمكن بخفه ,فقالت حكيمة منهن إجتمعنا عليه تقتلنه..
فقد دلت الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة فيما سبق على عدم التفاخر بالأنساب وحثتنا على الجماعة والألفة في دين الله .
أتمنى أن أكون وفقت فيما جمعته ( وهو الأكثر والأفضل ) وما سطرتهٌ أناملي وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي........
بنيانُ واحد, جسدُ واحد, امةُ واحدة ..
(المراجع )
(1) أضواء البيان ج7/ص417
(2) أضواء البيان ج5/ص356
(3) صحيح البخاري ج4/ص1861
(4) صحيح البخاري ج1/ص182
(5) تفسير الطبري ج4/ص30[/align]
تعليق