تويت
كثيرا ما يتعطل طلاب المدارس عن التقدم الدراسي بالرسوب أو يختار طلاب الثانوية دخول القسم الأدبي ولا يدري أن عقليته تناسب القسم العلمي .. وأحيانا يكون العكس .. والسبب الوحيد للإختيار هو الإنتقال مع أصدقاءه لقسم لا يتناسب مع بنيته العقلية ..
العقل الديناميكي والعقل الرياضي
العقل الديناميكي يكون ذو النشاط الايمن في المخ .. والعقل الرياضي يكونه ذو النشاط الأيسر في الدمخ .. كيف نعرف هذا وهذا ؟ عند العمليات الذهنية المعقدة وعمق التفكير تنحرف حدقة العين - أو قرنية العين - إلى جهة الواحدة بين الحين والآخر .. ويكون ذلك ملاحظا لمن يراقب عين الشخص .. سقوط نوعية التفكير - ديناميكي أو رياضي - يكون بصورة عكسية في انحراف العين .. مثل انعكاس الصور عند المرور خلال العدسة المحدبة تماما .. مثلا الذي يفكر بجهته اليمنى عينه تنحرف لليسار .. والذي جهته اليسرى أكبر تنحرف عينه لليمين عند التفكير العميق والتأمل .. ويمكنك مراقبة ذلك بإلقاء لغز صعب لا يمكن حلّه على المراد اختباره ثم اطلب منه أن لا ينظر لوجهك .. سترى عيناه تنحرفان باستمرار لجهة واحدة على الأغلب .. العقل الديناميكي له خصائص يفلح فيها لا يقوى عليها العقل الرياضي .. والعقل الرياضي له ميزات لا يمكن أن يتحلى بها العقل الديناميكي .. وهذا هو سر اختلاف المواهب في الناس .. وهذا هو نتيجة كل الكلام الذي قلته كمقدمة للوصول إلى هذا الامر .. المواهب تختلف حسب اختلاف طريقة التفكير .. طريقة التفكير لها علاقة ببنية المخ وخلقته وعلى حسب ذلك يكون النشاط العصبي الغالب على الحامل لذلك الدماغ في جمجمته .. وهذه الإختلاف في بنية الدماغ ليس عشوائيا .. بل هو يتناقل في الجينات الوراثية للشخص أبا عن جد .. والذي يشذ في هذه الجينات يطلق عليه علماء الوراثة بالطفرة .. أي الشاذ الذي لا يقاس عليه .. يقول ربي : ( إنا كل شئ خلقناه بقدر ) .. لا يوجد شئ عشوائي في هذا الكون أو غير مفهوم إلا بالنسبة لنا نحن جهلة بني آدم .. فالذي عقليته ديناميكية - اعتماده على الجزء الأيمن من الدماغ - فإنه يبدع في الجانب الإنتاجي الإثرائي .. ويغلب عليه جانب الخيال والإبتكار .. ينتج بجودة إذا هو انطلق وتفلت في طريقته وتحرر من التقيد بالقواعد والقوانين .. لأنه أصلا يكون مقصرا في جانب القواعد والمنطقيات .. ويبدع في جانب الإنطلاق والتخيل .. لا يمكن للعقلية الديناميكية أن تقتصر على قاعدة تمشي عليه .. عندئذ يتورط ويكون حاله ( مكانك سر ) العقلية الديناميكية تبدع في جوانب الرواية والتاريخ وأيضا الرسم والشعر .. ويحب المغامرة والسفر ويهوى الخطورة والإستكشاف ويكره البقاء على وتيرة واحدة أو وتيرة مستقرة .. العقلية الديناميكية عقلية تغييرية لا تستقر .. بينما العقلية الرياضية بعكس ذلك تماما .. لا يعرف يتحرك بغير قاعدة وقوانين محددة لا يحيد عنها .. ولا يمكن أن يستنتج أية نتائج إلا بقواعد منطقية وخطوات يمشي عليها لاستخراج النتائج .. الديناميكي يضيع بالقواعد .. والرياضي يضيع بلا قواعد .. والديناميكي كثير الخطأ دائم الوهم مغرق في الإستنتاج والإستنباط لأن قاعدته في ذلك لا تعتمد على قواعد مانعة تعصم من العثرة .. بينما الرياضي لا يستنتج وإنما يستخرج النتائج من القوانين والخطوات الثابتة التي لها هيئة وثبات فما جرى على القوانين لا يكاد يتناقض في العادة .. الرياضي لا يهوى السفر كثيرا .. ولا يحب المخاطرة ويعدها جنونا وقلة عقل .. يبدع في الفيزياء والرياضيات وكل العلوم التي تمشي على قواعد وقوانين ثابتة ولا يميل للرسم ولا الشعر ولا التاريخ .. بل ربما كرهها .. في العلوم الشرعية الديناميكي ينبغ في الحديث والتفسير وفقه الحديث والفقه .. وأصول الفقه الخالي من عُقد المناطقة .. بينما ذو العقلية الرياضية ينبغ في الفرائض والنحو .
والان الجواب على السؤال
إن علمت أنك من النوع الرياضي .. فاتبع الوصية التي ستأتيك .. وإن كنت من النوع الديناميكي فاتبع ما يناسبه .. النوع الرياضي من الناس هم الذين يأخذون صفحة أو اثنين كل يوم لا يتعدونها ولا ينقصون عنها .. ويحفظونها - هكذا تعلمنا من المشايخ كابرا عن كابر من مئات السنين - ولكن ربما لم يكن هذا صحيحا مع كل الناس .. أكثر الناس يتوقف عن الحفظ والمتابعة لأجل أن الطريقة لا يناسبه .. لا لأجل أنه بليد أو كسلان .. بل لا تتناسب مع بنيته العقلية .. وبعض الناس لا يناسبه إلا هذ الإستقرار والبرنامج المستقر .. وهم الرياضيون .. فالديناميكي الشيخ مفروض يعطيه في كل مرة قدرا غير الأول .. مرة يعطيه صفحة واحدة .. ومرة يعطيه أربع صفحات .. والشئ الملفت أن العقلية الديناميكية في العادة يكون أضعف حفظا مع التكرار وأقوى حفظا مع القراءة والإطلاع ومداومة النظر .. بينما العقلية الرياضية ينفعه التكرار أكثر من مداومة النظر والمطالعة .. لأن كل واحد بحسب ما يناسب بنيته العقلية .. فالديناميكي يميل للفهم أكثر من الحفظ .. بينما الرياضي العكس .
مراجعة القرآن
الرياضي يراجع كل يوم وردا خاصا في وقت خاص لا يتعداه .. كمنهج .. وكبرنامج ثابت راتب .. وهذا الذي يناسبه .. والديناميكي يراجع قدرا غير معلوم والديناميكي مراجعته أكثر من الرياضي وأغزر .. لأنه لا يتوقف ولا يحب الإلتزام بمنهج وبرنامج مستقر .. فربما أكثر مرة وأقصر أخرى .. وهذا طبع وفطرة جُبل عليها .. والتغيير المتعمد لهذا لا يؤثر كثيرا لأن الطبع يغلب التطبع .. وأفضل وقت للعقول الديناميكية للمراجعة هو صلاة الليل .. كيف ؟ يقرأ في الليل أو حتى في النهار كصلاة الضحى جزءا أو أكثر أو ثلاثة .. وهكذا .
كيف يحفظ ويراجع الديناميكي ؟
أولا تقرا الصفحة عشرين مرة - مثلا أو أكثر - بالنظر .. وهذا يشترك فيه النوعان .. ثم بعد ذلك الرياضي يرددها كل واحدة على حدة ثم يعود على بدء .. بينما الديناميكي يقرأ من حيث حفظ .. ثم يعيد ما حفظ والمكان الذي يتوقف فيه يزيد آية ثم يعود لأول الصفحة ويقرأها من جديد .. ثم إذا وصل لآخر آية كررها حفظا ويزيد آية .. ويرجع لأول الورد ويتلوها ثم يزيد آية .. وهكذا .. فإذا انتهى من العشرين آية يكون قد كرر كل آية عشرين مرة ولكن ليس بنسق القراءة الكاملة للورد ثم العودة لقراءته كاملة .. منهج ثابت مستقر .. بل يقرأ من أول الآية .. ثم يعيد قراءتها مع زيادة آية واحدة .. ثم آذا قرأ بعد صفحتين .. يقرأها كلها ثم يزيد آية .. هذا اثبت له وأقوى وأبعد للرتابة الرياضية .. وهو مجرب وغاية في النفع .. وأفضل المراجعة هي صلاة الليل .
العقلية الديناميكية من الصعب أن تنبغ في المواهب الرياضية حتى لو ألمت بشئ منه لوجود الطابع الرياضي حتى في الفص الدماغي الأيمن يوجد موهبة العمليات الرياضية ولكنها ليست بارزة كطبع أساسي لمن يغلب عنده الفصل الدماغي الأيمن .. مثلما أن التاريخ والشعر والرسم يمكن أن تكون لها محبة في من فصه الأيسر أكبر حتى لو لم تكن أساسية .. نتكلم عن الغلبة والطبع البارز وإلا فالجميع عنده نسبة من هذا ونسبة من ذاك .. وكما تفضلت .. أيسر على الرياضيين النبوغ في مواهب الديناميكيين من إمكانية نبوغ الديناميكيين في النبوغ في الرياضيات .. التاريخ الحديث يسجل أن بعض الأدباء الكبار والفلاسفة كانوا رؤوسا في الرياضيات مثل فولتير - الفيلسوف الرياضي الفرنسي .. وفي العرب مثل الطبيب الجراح الشهير مصطفى محمود - صاحب برامج العلم والإيمان - ومع ذلك كان أديبا له روايات ومجموعات قصصية .. ومثله أيضا الجراح يوسف إدريس .. وكان أديبا وروائيا أبرع من مصطفى محمود .. ومثل لايبنتز الفيسلوف والرياضي الألماني .. ومثل ديكارت الفيلسوف الرياضي الفرنسي .. هؤلاء أصلا كانوا نابغين في الرياضيات ولم يمنع ذلك أن ينبغوا في علوم الديناميكا .. والعكس ليس صحيحا .
تعليق