الليلة السابعة عشرة
من المعلوم أن العمل التطوعي في بلادنا لازال دون القدر المأمول بالمقارنة مع باقي دول العالم ، وثقافة المشاركة المجتمعية لدينا تظل في مستوى لا يليق أو يتناسب مع رؤية المملكة ( 20 ـ 30 ) وقبل ذلك مباديء ديننا الحنيف ، التي تحث بل وتوجب في بعض الجوانب العمل الخيري والتطوعي للنفع العالم . ونعلم أن العنصر البشري هو في المقام الاول لهذا الأمر .ورغم الامكانات الكبيرة والطاقات الهائلة والوقت الكافي لدى الكثير من الناس ، وخاصة الشباب ، إلا أن خدمة المجتمع تطوعياُ ، ليست على الوجه المطلوب حتى الان ، خاصة في القرى والمحافظات الصغيرة .
إن الجمعيات الخيرية والمراكز التطوعية في المدن والقرى على شكل مراكز احياء او لجان أهليه أو مجالس أجتماعية ، وإن كانت تحت مظلة رسمية ووفق انظمة معتبرة من قبل الدولة ، أو اعراف قبيلة وأسرية رافدة لعمل الدولة ، إلا انها لا تستطيع أن تقوم بواجباتها المناطة بها ، والتحرك لتنفيذ كل البرامج والخدمات النفعية بحسب الاغراض من ايجادها ، مالم يكن هناك تفاعلا على ارض الواقع من قبل المجتمع ذاته ، وخاصة ممن لديه الخبرة والمقدرة والوقت ( وهم والله كُثر ).
إن العمل للصالح العام ولنفـع المجتمع ( إنساناً ومكاناً ) يقوم على فئة قليلة من أبناء وبنات المجتمع ، يبذلون الكثير من الجهد والوقت في سبيل خدمة المجتمع ، وهم يرسمون صور التكافل الاجتماعي في اجمل اطاراته .. ولقد رأينا وسمعنا عن نماذج مشرفة للعاملين في هذه المجالات ، ابدعوا في وضع البرامج وتميزوا في تنفيذ الخطط ، وكانت النتائج غاية في القبول والرضا .. ولكنهم للأسف قلة قليلة والاعمال التي يقومون بها متعددة وكثيرة .
في حين أن مثل هذه الاعمال كان يجب أن تكون مكتفية بالمنتسبين لها من كل فئات المجتمع ومن مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، كل في مجاله وفي ما يسحن عمله .
.. ولكن للاسف أن هذه الجمعيات والمجالس والمراكز ، تشتكي من قلة الايادي الفاعلة لأدارة دفة الاعمال الخيرية والتطوعية ، فالانظمة حددت مدة أو سنوات معينة لكل من ينتسب لهذه الروافد الاجتماعية وقد تمدد عند الضرورة بقدر معين من الزمن ، وايضاً قد تحصل ظروف معينة او امور خارجة عن الارادة تجعل بعض هؤلاء المتطوعين يعتذرون عن الاستمرار، وعند ذلك وفي أغلب الاحيان لايتم العثور على من يخلف هؤلاء ، خاصة ممن لهم الرغبة الصادقة والجدية في هذه الاعمال الجليلة. وتتأكد مثل هذه المطالب في الظروف الصعبة التي قد تمر بها البلاد او يحتاجها المجتمع ، وما نحن فيه هذه الايام من أزمة ، يحتم علينا التحرك جديا والعمل بصدق على تنمية هذه القيمة القيمـة لدى الجميع لمشاركة الدولة في خدمة انفسنا واهلنا ومجتمعنا وكل من يقيم على تراب هذه البلاد المباركة.!
وهنا يجب العلم بأهمية تهيئة الشباب وتثقيفهم وترغيبهم وتأهليهم منذ الصغر سواء في التعليم العام او داخل الاسرة ، على يكون للعطاء وخدمة مجتمعهم حيز من اهتماماتهم فينشؤا على مثل هذه القيم التي هي من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف ، ويعملون بها ، متى ما دعوا الى ذلك .
كما أن مثل هذه الاعمال والمهمات اول من ينتفع بها هو من ينتسب لها ويقوم بها ، فهي تعتبر دورات مكثفة وتجارب عملية تصقل الشخصية وتنمي المهارة وتوسع المدارك وتزيد الرصيد المعرفي لمن يمارسها ، فضلا عن العطاء الرباني الذي هو مبتغى كل مسلم لمن احسن العمل واخلص النية .
..... هذا والسلام ، وغدا قـد نلتقي .
( اوران )
تعليق